24 فبراير، 2025 4:25 م

بعد إنقاذ “لبنان” بالوقود الإيراني .. “نيويورك تايمز”: هل اقتنص “حزب الله” السباق اللبناني من “واشنطن” ؟

بعد إنقاذ “لبنان” بالوقود الإيراني .. “نيويورك تايمز”: هل اقتنص “حزب الله” السباق اللبناني من “واشنطن” ؟

وكالات – كتابات :

قال “بين هابرد” و”هويدا سعد”، في تقرير نشرته صحيفة (نيويورك تايمز)، إن (حزب الله) اللبناني أعلن نقل أكثر من مليون جالون من وقود “الديزل الإيراني” إلى “لبنان”، من “سوريا”، يوم الخميس الماضي، محتفيًا بالخطوة وسيلةً لاستفزاز “الولايات المتحدة”، بحسب التقرير، مع جلب المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في بلد يكاد يكون مشلولًا بسبب نقص الوقود.

مع تعرض “لبنان” لواحد من أسوأ الإنهيارات الاقتصادية في التاريخ الحديث، صور (حزب الله) نفسه على أنه المنقذ الوطني، وتدخل حيث فشلت الحكومة اللبنانية وداعموها الغربيون.

ويُشير “هابرد” و”سعد”؛ إلى أن أنصار الحزب اصطفوا على الطرقات في شمال شرق “لبنان”؛ مع وصول عشرات الشاحنات. ولوحوا بأعلام (حزب الله) ووزعوا الحلوى، وغنوا الأناشيد البطولية، وأطلقوا قذائف صاروخية في الهواء احتفالًا.

عقوبات أميركية مرتقبة..

سلطت عملية تسليم الوقود – التي قال مسؤول في (حزب الله) إنها الدفعة الأولى؛ من أكثر من: 13 مليون جالون – الضوء على خطورة الأزمة اللبنانية، فضلاً عن فشل الحكومة في معالجتها. فمع عجزها عن تأمين المساعدة من أي مكان آخر، تحولت البلاد إلى “سوريا” التي مزقتها الحرب؛ و”إيران” المتضررة اقتصاديًّا.

يبدو أن هذه الخطوة تنتهك “العقوبات الأميركية” المتعلقة بشراء “النفط الإيراني”، لكن لم يتضح، يوم الخميس، ما إذا كانت “الولايات المتحدة” ستضغط على هذه القضية. يخضع بالفعل (حزب الله)، الذي تُعده، “الولايات المتحدة”، منظمة إرهابية، لـ”عقوبات أميركية”. ومع أن الجماعة جزء من الحكومة اللبنانية، يبدو أنها تعمل بشكل مستقل.

ويوضح الكاتبان أن “السفارة الأميركية”، في “بيروت”؛ قد رفضت التعليق، يوم الخميس، لكن عندما أعلن (حزب الله)، الشهر الماضي، أن الوقود في طريقه قادمًا من “إيران”، قلل السفير الأميركي من شأن أي تهديد باتخاذ إجراءات عقابية. وقالت سفيرة الولايات المتحدة في بيروت، “دوروثي شيا”، لقناة (العربية) الإنكليزية: “لا أعتقد أن أي شخص سيتحمل المسؤولية؛ إذا كان هناك طرف آخر قادر على إدخال الوقود إلى المستشفيات التي تحتاج إليه”.

وصلت شحنة الوقود؛ بينما يُعاني “لبنان” مما وصفه، “البنك الدولي”؛ بأحد أسوأ الإنهيارات الاقتصادية في العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر. منذ خريف عام 2019، فقدت العُملة الوطنية: 90% من قيمتها، وتضاعفت أسعار العديد من السلع ثلاث مرات. تسبب نقص الوقود في انقطاع الكهرباء على نطاق واسع، وترك العديد من اللبنانيين ينتظرون في طوابير طويلة لملء سياراتهم. وقد سلط وصول القافلة الضوء على الغياب شبه الكامل للدولة اللبنانية.

هل كسب “حزب الله” السباق اللبناني من أميركا ؟

ويؤكد “هابرد” و”سعد”؛ أن الهيئات الحكومية المكلفة بالإشراف على واردات الطاقة لم تُشارك في التسليم. إنطلقت الشاحنات من “سوريا” إلى “لبنان”؛ عبر قطعة أرض مفتوحة، وليس عبر معبر حدودي رسمي، دون جمارك أو تفتيش أمني. ولم يتضح ما إذا كان للواردات أي ترخيص قانوني، أو ما إذا كان سيجري دفع أي ضرائب عليها.

ولم يُدل رئيس الوزراء، “نجيب ميقاتي”، الذي شكل حكومة جديدة هذا الأسبوع؛ وتعهد بالعمل على تخفيف مشكلات البلاد، بأي تصريح علني بشأن شحنة الوقود، يوم الخميس. ولا السلطات المشرفة على الحدود. فيما قال “إلياس فرحات”، وهو جنرال متقاعد في الجيش اللبناني: إن “البلاد تواجه أزمة خطيرة، لذا فإن الحكومة لا تهتم بما إذا كانت الشاحنات دخلت بشكل قانوني أو غير قانوني. نحن في حالة طواريء”.

من جهته؛ قال “أحمد ريا”، المسؤول الإعلامي في (حزب الله)، إن الشحنة؛ هي الدفعة الأولى من: 13.2 ملايين جالون لسفينة إيرانية جرى تسليمها إلى “ميناء بانياس”، بـ”سوريا”، هذا الأسبوع. أما الباقي فسوف يستغرق عدة أيام لتفريغه ونقله إلى “لبنان”. قدر موقع (TankerTrackers.com)، وهو مجموعة تتعقب شحنات “النفط” العالمية، أن السفينة تحمل أقل من: 08 ملايين جالون.

يُضيف الكاتبان أن أزمة الوقود أدت إلى مواجهة من نوع ما بين، (حزب الله) وحلفائه و”الولايات المتحدة”؛ حول من يمكنه التصرف بشكل أسرع لتخفيف آلام الناس، وهي منافسة فاز بها (حزب الله)، على الأقل حاليًا. مثلت كل خطوة تقريبًا في رحلة الوقود تحديًا لـ”الولايات المتحدة”، التي فرضت عقوبات على شراء “النفط الإيراني”، والحكومة السورية، و(حزب الله) والشركات المرتبطة به، التي ستوزع الوقود داخل “لبنان”.

وقال الأمين العام للحزب، (حسن نصرالله)، إن الوقود دفع ثمنه رجال أعمال لبنانيون، لم يكشف عن أسمائهم، وأن معظمه سيجري التبرع به لمؤسسات تشمل المستشفيات الحكومية، ودور رعاية المسنين، ودور الأيتام، والصليب الأحمر اللبناني، والمنظمات العاملة في توزيع المياه.

وأكد أنه سيجري بيع الوقود بسعر مخفض للمستشفيات الخاصة، ومصانع الأدوية، والمخابز، ومحلات السوبر ماركت، وشركات الكهرباء الخاصة. وأوضح “نصرالله”، في كلمة يوم الثلاثاء: “هدفنا ليس التجارة أو الربح. هدفنا هو تخفيف معاناة الناس”. وقال أيضًا إن ثلاث سفن إيرانية أخرى، إحداها تحمل بنزينًا، وإثنتان تحملان “الديزل”، في طريقها إلى “سوريا”.

فيما قالت “جيسيكا عبيد”، مستشارة سياسة الطاقة والباحثة غير المقيمة في “معهد الشرق الأوسط”، إن المليون جالون؛ التي أبلغ (حزب الله) عن جلبها، يوم الخميس؛ لا تسد احتياجات البلاد، لكنها يمكن أن تساعد المؤسسات الفردية. وأكدت أن مولد المستشفى، على سبيل المثال، قد يُحرق نحو: 26 جالونًا في الساعة.

يواصل الكاتبان كلامهما؛ بأن التدخل، حيث فشلت الدولة، كان يًعد انقلابًا سياسيًّا لـ (حزب الله)، الذي تلطخت صورته بصفته مدافعًا عن الأمة، بسبب مشاركته في الحرب الأهلية في “سوريا”، ومعارضته لحركة احتجاج شعبية سعت إلى إنهاء الفساد الحكومي. وقد اتهم (حزب الله)، “الولايات المتحدة”، بالمسؤولية عن أزمة “لبنان” الاقتصادية، زاعمًا أنها فرضت حصارًا على “لبنان”. في الواقع، تركز عقوبات “الولايات المتحدة” بشكل كبير على (حزب الله) وحلفائه، وليس على الدولة اللبنانية، التي يُعد فشلها وفسادها أساس الأزمة.

أكبر مانح للمساعدات الإنسانية للبنان..

أعلنت إدارة “بايدن” عن حزمة مساعدات جديدة؛ بقيمة: 100 مليون دولار، الشهر الماضي، تهدف إلى تقديم المساعدة للغذاء والرعاية الصحية، والأمن والمياه والصرف الصحي. لكن (حزب الله) صور وصول القافلة، يوم الخميس، بعبارات بطولية، قائلًا إنها: “كسرت الحصار الأميركي”، وهو خط تفكير سيقبله الكثير من اللبنانيين على الأرجح.

قال “مهند حاج علي”، الزميل في مركز (كارنيغي) للشرق الأوسط؛ في “بيروت”: “هذا يغذي الصورة بأن (حزب الله) قد انتصر في معركة الصمود ضد الحصار الأميركي، وهذا النوع من الصور هو ما تُحاول المنظمة أن تعكسه”. وبعد إعلان السيد “نصرالله”، قالت السيدة “شي”، سفيرة “الولايات المتحدة”، إنها تعمل على وضع ترتيب آخر للمساعدة في حل أزمة الطاقة في “لبنان”، وذلك عبر إرسال “الغاز الطبيعي”؛ من “مصر” إلى “الأردن”؛ ونقله إلى “لبنان”؛ عبر خط أنابيب يمر عبر “سوريا”.

زار وفد رفيع المستوى من “لبنان”، “دمشق”، هذا الشهر، لمناقشة الخطة، لكن تفاصيلها لا تزال غير واضحة، بما في ذلك المدة التي سيستغرقها تركيب خط الأنابيب، ومن سيدفع ثمنه، وما الرسوم التي ستفرضها “سوريا”؛ حتى يمر “الغاز” عبر أراضيها. قد يُشكل ذلك تحديًا آخر لـ”الولايات المتحدة”، التي تفرض عقوبات على أي شخص يتعامل مع الحكومة السورية.

إن معاناة اللبنانيين العميقة جعلت من غير المحتمل أن تُعاقب “الولايات المتحدة” أي شخص يستقبل “الوقود الإيراني” الخاضع للعقوبات. فيما قال “الحاج علي”: “لست متأكدًا من مدى استعداد الولايات المتحدة للمخاطرة بفرض عقوبات على السكان المحتاجين. هذا من شأنه أن يُصور واشنطن على أنها قاسية ومتشددة، وهذا انتصار لـ (حزب الله)”.

ترجمة: عبدالرحمن النجار

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة