مرَّ وقت طويل لم اعرف مداه فتحت عينيَّ ابحث عن ضيف كان قبل ان اغفو يحدثني ولكني لم اعثر له على اثر.
رأيت نافذتي مغلقة ومسدل عليها الستار .
ليس للزائر من اثر.
منفضة السجائر نظيفة لم تترك فيها اية اعقاب او رذاذ رماد.
وتساءلت مع نفسي ترى هل كنت في حلم…؟
نهضت وفتحت باب غرفتي فواجهني مشهد اثار في نفسي الما دفينا إذ وجدت امي تنام قرب غرفتي ووجهت وجهها صوب بابي وقد ارتسمت على محياها سمات الحزن الذي سببته لها حالتي التي اعاني واختياري (البقاء وحيدا).
انحنيت اقبل جبينها ..فتحت عينيها وابتسمت بارتياح وهي تهتف :-
…الحمد لله …انت بخير… معافى ان شاء الله.
كان صوتها موسيقى سماوية وترتيل ملائكي ..كان النور يشع من كل ذرة فيها فهي النور والرحمة الالهية .
هتفت مستحييا:-
سامحيني فقد آذيتك يا امي …سامحيني بحق …
لم تتركني اكمل الجملة بل وضعت يدها على فمي كي لا اتم القسم قائلة:-
لا تقسم يا ولدي فانت تعرفني وتدرك مدى اعتراضي على اي قسم فذلك أمر عظيم لا ينبغي ان نتداوله في اي شأن مهما كان صغيرا او كبير.
اجل يا امي ادرك هذا ولكني آذيتك وتسببت لك بالحزن والالم فاعذريني واغفري لي فانت اهل للغفران .وبعد لحظة من الصمت اجابتي قائلة:-
ان ألمي الذي عانيت كان لأجلك وليس بسببك ادعو الله تعالى ان يجعل نفسك مطمئنة ويهديك لكل خير وصلاح انه سميع مجيب.
آمين …آمين …هكذا رددت كلماتي وعدت الى حجرتي وفتحت نوافذها فأشرقت الشمس تضيء المكان.
وعدت الى كتابي واوراقي أتأمل وافكر واسجل في الصفحات ما كان من شأن الليلة الماضة .
………………
في الليل ايضا وانا مستغرق في القراءة سمعت الطرق على النافذة لم اعر الامر اهتماما بادئ ذي بدء لكنه عاد يطرق من جديد وايضا امتدت يده يعالج الزجاج فنهضت وفتحت النافذة وهتفت محييا ومعاتبا:-
اهلا وسهلا …تفضل بالدخول فالدار دارك وفي ذهني كنت اعتب ذهاب الامس دون وداع.
فانساب كانه الطيف ومثلما حدث بالأمس دخل واقتعد مكانه وبعد لحظات اجاب كلمات عتابي التي قرأها دون ان انطق بها قائلا:-
لقد ذهبت بالأمس دون ان استأذنك بعد ان بدوت لي متعبا وقد غالبك النعاس .
انا آسف وقد احسنت اذ نبهتني لضرورة ان اظل مستيقظا غاية اليقظة في حضرتك .اقدم اعتذاري هذه الغفلة.
ليس ذلك بالأمر المهم لكني زائرك طيلة ساعات الليل اما اذا حان وقت انبلاج الصبح فأني راحل لا محال ,تلك هي الفترة التي يمكن ان نقضيها معا وذلك هو أمر السماء.
حسنا …حسنا …والان انا متشوق لتتم لي الحديث لكني ومن خلال مطالعتي لحياتك الماضية وجدت من المناسب ان اقدم لك بعض الاسئلة التي تيسر لنا معلومات اجد نفسي تواقا لمعرفتها فهلا اذنت لي بالسؤال..؟
نعم …تفضل
يذكر المؤرخون انك وقفت الى جانب بومبي مؤيدا له بصورة صريحة عام (71) ق.م …هل كان ذلك حقا…؟
اجل كما انه قد تم تشكيل حكومة ثلاثية ضمت كل من بومبي وكراسوف اضافة لي.
وهنا سألته عن المناصب التي تقلدها مذ بدء الحياة العملية عضوا في مجلس الشيوخ فأجاب:-
كما ذكرت لقد تقلدت عدة مناصب حيث بدأت الحياة العملية عضوا في مجلس الشيوخ وقنصل روماني ودكتاتور روماني للفترة من الاول من اكتوبر(49)ق.م الى (15)مارس (44)ق.م إذ انتهت الحياة وكان سبب الوفاة جرح طعني من قبل مجموعة من القتلة وهم كل من (ديسيوس جونيوس ,بوتس اليبنوس وغاسيوس كاسيوس لونغينوس وبروتس)
سمعته يتنهد ثم اضاف :
واخيرا استقر الجسد الفاني في معبد قيصر في روما وهو المكان الذي تم دفن جسدي به.
لحظات من الصمت كأنما استغرقه مشهد ذلك الحدث ما دعاني أن اتوجه له بسؤال جديد فهتفت قائلا:-
ماذا عن الحكومة الثلاثية التي كنت احد اركانها…؟
خلال تسع سنوات قضيتها بقيادة الحملات الحربية في بقاع مختلفة من العالم شملت توسيع نفوذ روما من بلاد الغال وسوريا ومصر وغيرها , وقد نجحت في معظم تلك الحملات وعينت حاكما لإسبانيا ومن ثم تم انتخابي قنصلا وبعد ذلك نصبت حاكما على بلاد الغال.
خلال هذه الفترة تركت حماية مصالحي في روما لكل من بومبي وكروسوس اللذين يشكلان معي الحكومة الثلاثية ,ونظرا لوجود خلافات كثيرة حدثت في تلك الفترة فقد تم عقد لقاء في عام (56)ق.م في محاولة لحل تلك المشاكل .
بعد موت كراسوس عين بومبي قنصلا وحيدا عام (52)ق.م ما تسبب في حرب اهلية وهزيمة لجيش بومبي في اسبانيا عام(45)ق.م .
عدت الى روما واصبحت حاكمها الدكتاتوري المطلق بعد ان حققت انتصارا عظيما على بومبي ومجلس الشيوخ الذي كان عدد جيوشهم اضعاف عدد الجيش الخاص بي وتم الانتصار بفضل الحكمة والخبرة العسكرية التي جعلت الأمور في صالحي .
قلت:-
هكذا استقبلك الشعب الروماني بالزينة والزهور رغم ان الأخرين حاولوا تحريض الناس على عدم الاحتفال واستطيع ان انقل لك احد تلك المشاهد من خلال السطور الأتية:-
( قال احد هم متسائلا …؟
ما معنى هذا الاحتفال ووجه سؤاله الى احد قادة المحتفلين وكان يعمل نعالا ..ما فائدتك من هذا الاحتفال وما تجني من سير الناس هذه المسافات الطويلة…؟
رفع النعال صوته مبررا تشجيعه للناس قائلا :- ان لي فيه فائدتان الاولى هي سعي الناس المتواصل سيرا والى مسافات طويلة سيبلي نعالهم التي يلبسون وبهذا سيربي صناعتي في ترقيع او تبديل تلك النعال واما السبب الثاني وهو الاهم هو بهجتي بالنظر الى وجه امبراطورنا المحبوب المنتصر.)
وفي جواب هذا الروماني البسيط الذي يمثل شرائح مختلفة من الشعب نستظهر مدى حب اولئك الرومان لشخص القيصر اذ يوكد انه يشعر بالبهجة حين ينظر امبراطوره المحبوب المنتصر.
.
ترى هل افاد هذا الحب البرئ القيصر وهل حماه من الغدر والخيانة ….؟
الجواب في لقاء جديد ان شاء الله تعالى