من المعروف أن اليد الواحدة لا تصفق ، وأن بناء أية دولة يحتاج الى تكاتف ذوي الرأي السديد وأهل العلم والدراية . والعراق يملك الكثير من أصحاب الكفاءات في شتى الميادين . ولكن فرعون العراق مقتدى الصدر لا يروق له هذا الأمر ، ويرى نفسه فوق الجميع ، وأنه الزعيم الأوحد لقيادة هذا البلد وفق أفكاره المريضة وأوهامه المتناقضة . والطامة الكبرى وجود أعداد كبيرة من الهمج الرعاع الذين ينظرون اليه نظرة العبيد الى الربّ الأعلى .
لقد أثبتت التجاربُ العالمية أن بناء أية دولة والوصول بها الى مراحل متطورة من الرقيّ والازدهار لم يتم بالاعتماد على شخص واحد ورأي واحد ، بلْ تم عن طريق التكامل السياسي والاجتماعي والعلمي ومشاركة القوى الفاعلة كافة كما حصل في اليابان وكوريا الجنوبية . وأثبتت التجارب أيضا فشل الدول في تحقيق تقدمها وازدهارها بالاعتماد على ( القطب الواحد ) كما هو الحال في كوريا الشمالية والصين أبان حكم ماوتسي تونغ ورومانيا خلال فترة حكم شاوشسكو والعراق أيام صدام حسين . حيث أن المنطق العلمي الصحيح يؤكد بدون شك أن تراكم الآراء والخبرات وتمازجها تمازجاً وطنياً ينتج عنها قوة بناء كبيرة من خلال تعدد وجهات النظر التي يتمم بعضها البعض الآخر لتحقيق الهدف المنشود .
ومنذ عام 2003 ولحد الآن ، أو منذ ظهور التيار الصدري في المشهد العراقي ، لم نلمس من مقتدى الصدر روح التعاون المشترك من أجل بناء العراق ( والمقصود بالتعاون المشترك عن طريق الأفعال وليس الأقوال ) خصوصا بعد أن امتلأ رأسه الفارغ بالغرور وأصبح لا يرى على الساحة العراقيه رجلا آخر سوى نفسه ، حتى وصل به الأمر الى تفسيق أي شخص يعارضه أو يختلف معه بالرأي ، وتمادى أكثر من ذلك عن طريق أحاديثه وخطاباته التحريضية ضد شركائه في العملية السياسية بدافع الحقد والكراهية وليس لأسباب وطنية . وكمثال واضح على هذا الأمر حجم العداء الكبير الذي يحمله ضد السيد نوري المالكي بسبب قيام الأخير بصولته المعروفة ( صولة الفرسان ) في مدينة البصرة من أجل فرض هيبة الدولة وسلطة القانون عليها بعد أن عبث فيها التيار الصدري وتحكم بمواردها النفطية وغير النفطية . ومن الأمثلة الأخرى أن مقتدى الصدر هو من اختار السيد عادل عبد المهدي لتسنم رئاسة الوزراء ، ثم انقلب عليه انقلابا كليا بعد أن وجده لا يخضع لسلطته ( كما كان يتوقع ) .
انّ طبع وتطبع مقتدى الصدر وتنامي روح الغطرسة والاستعلاء فيه سنة بعد أخرى لا يفسح المجال لأهل الخبرة والكفاءة لبناء دولة قوية متينة متطورة ، وسيكون وجوده أكبر حجر عثرةٍ أمام خطوات المخلصين الشرفاء . وحجر العثرة تتمثل في نقطتين ، الأولى وصول أشخاص جهلة متخلفين متملقين فاشلين الى مواقع حساسة من خلال العملية الانتخابية مثل بهاء الأعرجي وحاكم الزاملي وغيرهم من الاسماء المخجلة ، والنقطة الثانية اعلان الحرب ضدّ أي شخص ( مهما كان نزيها وشريفا ) مالم يركع ركوع العبيد الى الهبل الأعظم مقتدى الصدر , فكيف سيتم بناء العراق بوجود هذا الرجل العجيب الغريب ؟