القسم الثاني
إن التغيير في المفاهيم الفكرية لإدارة السلطات ، يقتضي إيجاد كادر إداري قادر على فهم مسؤولياته ، مع إيجاد صيغ بديلة عن تلك التي كانت وما تزال مثار الشكوى والتذمر ، وإذا كانت الصيغ الإدارية محكومة بنصوص قانونية ، فلا مناص من تغيير تلك النصوص بما يؤمن إيجاد الصيغ البديلة المناسبة والسليمة ، لأن الإجراءات الإدارية آليات كشف الاستحقاقات القانونية بشكل عام ، ما لم تتعارض مع روح التشريعات النافذة أو تلحق الضرر ببيت المال العام ، وهي بذلك ليست أمرا مقدسا ، كما إن تغييرها ليس أمرا مستحيلا ، وإذا كانت الرغبة غير قائمة لدى من لا يرغب في الإصلاح والتغيير ، ظنا منه في ديمومة مركزه الوظيفي أو المحافظة على ما حققه من مكاسب مؤقتة وآنية في غفلة من الزمن ، فإن أصحاب العقول النيرة والضمائر الحية ، يبذلون جهدهم في مجالات تخصصاتهم العلمية والعملية ، لوضع أساسيات نهوض الجهاز الإداري ، وجعله قادرا على تحمل مسؤولياته بكل أمانة وحزم .
* وعلى الرغم مما تم تخريبه ولم تتم معالجته ، فإن طموحات المواطنين في إحداث التغييرات الجذرية والشاملة لجوانب الحياة المختلفة قائمة وبإصرار لا يلين ، ولأن مسؤولية ذلك تقع على عاتق المختصين ، فلا بد من إزالة كل عوامل التأخير والتذمر ، والقضاء على مصادر شكوى المواطنين ومعاناتهم اليوميـة فـي إنجـاز معاملاتهم القانونية والإدارية الناشئة أساسا من :-
1- عدم الدقة في صياغة أغلب النصوص القانونية الخاصة بالإجراءات الإدارية ، مما شجع على التحايل والإلتفاف على القانون أو النظام أو التعليمات ، بسبب الإجتهادات غير الصحيحة والمصحوبة بسوء النية .
2- قدم بعض النصوص القانونية ، وعدم مواكبتها للمتغيرات الحتمية .
3- الإهمال والتقصير في عدم توصيف الوظائف ، الذي ترتب عليه عدم توزيع الأعمال بشكل كفوء وعادل .
4- تزايد المظاهر غير المهنية في بنية وتركيبة الجهازين الإداري والفضائي .
5- عدم وضوح إختصاصات بعض الدوائر ، مع عدم وضوح الحدود الفاصلة بشكل دقيق بين واجبات الدوائر المختلفة ، مما أدى إلى التنازع في الإختصاصات أو التهرب من المسؤولية .
6- عدم إشغال مراكز الوظائف المتقدمة بالمؤهلين مهنيا .
7- فقدان الخطة الإدارية ، لإعداد المستويات الإدارية المسؤولة .
8- عدم دعم المختصين وذوي الخبرة والكفاءة والممارسة العملية المتميزة .
9- إستفحال المظاهر المدانة ، وغلبـة العلاقات الشخصية ، والنزعـات الطائفيـة والمذهبية المقيتة ، على مجريات الوظيفة العامة ونهجها الوطني الأصيل ، مع الإسراف الناشيء بسبب المظاهر البيروقراطية المتزايدة داخل الجهاز الإداري وخارجه .
10- عودة الإجراءات غير الضرورية والتي تم إزالتها بعد أن أثقلت كاهل الوظيفة العامة بآلياتها غير المجدية .
11- عدم فهم متطلبات التجديد في وسائل التنفيذ وآليات العمل ، بوجوب إستخدام وسائل الإتصالات والأجهزة الألكترونية الحديثة في تبادل المراسلات وإنجاز التبليغات ونتائج المعاملات .
* إن العزم على دراسة ومعالجة كل حالة سلبية ، يستوجب عدم التعاطف أو الأخذ بأية وجهة نظر أو رأي أو إجتهاد تنقصه الحجة والدليل القاطع ، لأن عدم إثبات الرأي بالبرهان المستند إلى عين يقين الممارسة التطبيقية ونتائج الخبرة الفعلية ، لغو ومراء لا ينفع إلا الجهلة المستبدين بقوة سلطاتهم الآنية والطارئة ، وتشجيع على ممارسات لا تستقيم مع موجبات فرض العقوبات الرادعة التي ينبغي تشريعها ، بما يؤمن تحقيق أفضل صيغ ما يتطلبه الإلتزام الجاد بمبادئ الأمن المجتمعي ، وصولا للتنفيذ الواعي لتفاصيله حسب مقتضياته . فلا يجوز السماح بقبول الدعاوى الكيدية المؤدية إلى إلحاق الضرر والأذى المادي والمعنوي بالمواطنين من غير ذنب إرتكبوه ، وإلى إشغال دور القضاء بشكل خاص وأجهزة ودوائر السلطات بشكل عام ، من غير مساءلة المدعي أو المخبر العادي أو السري ومعاقبته عن إستخدامه تلك الوسيلة الخسيسة ، بضعف العقوبة المقررة لذات التهمة إن كانت مخالفة أو جنحة أو جناية ، وعلى مجلس النواب الجديد ، تشريع ما يجسد هذا التوجه حفاظا على حقوق المواطنين في الأمن والسلامة المجتمعية ، واعتبارها من الجرائم المخلة بالشرف ، وعدم شمولها بأي عفو عام أو خاص . مع تعويض المتضرر ماديا وبما يتناسب وجسامة الإتهام غير الحقيقي وغير المبرر في كل الظروف والأحوال ، لقطع دابر إحدى وسائل الإبتزاز والإستحواذ المستخدمة من قبل ذوي النفوس المريضة وشذاذ الآفاق . وعلى أن يسري ذلك على كل حالات النصب والإحتيال .