خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إطار الجولات الاستكشافية بين “مصر” و”تركيا”، استأنف البلدان على مدار يومي: الثلاثاء والأربعاء، الجولة الثانية من المباحثات التي تجري بين البلدين، منذ آيار/مايو الماضي، بعد أن توقفت لعدة أشهر بسبب خلافات حول عدة ملفات إستراتيجية.
وانتهت المباحثات بإعلان وزارتا الخارجية التركية والمصرية؛ أن “أنقرة” و”القاهرة” جددتا رغبتهما في اتخاذ خطوات إضافية من شأنها تعزيز مساعي تطبيع العلاقات بين البلدين.
واتفق الطرفان على مواصلة تلك المشاورات والتأكيد على رغبتهما في تحقيق تقدم بالموضوعات محل النقاش، والحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتيسير تطبيع العلاقات بين الجانبين.
وكانت قد عقدت الجولة الثانية من المشاورات، بين الوفدين؛ برئاسة السفير، “سادات أونال”، نائب وزير خارجية جمهورية “تركيا”، والسفير “حمدي سند لوزا”، نائب وزير خارجية “مصر”، وذلك في “أنقرة”؛ يومي: 07 و08 أيلول/سبتمبر 2021.
وتناول الوفدان قضايا ثنائية، فضلاً عن عدد من الموضوعات الإقليمية، مثل الوضع في: “ليبيا وسوريا والعراق وفلسطين وشرق المتوسط”.
تقييم مخرجات الجولة الثانية..
تعليقًا على المشاورات، أكد وزير الخارجية المصري، “سامح شكري”؛ أن “مصر” متحمسة للوصول إلى حل وللصيغة الضرورية لاستعادة العلاقات الطبيعية مع “تركيا”، مبينًا أنه مازالت هناك أمور تحتاج لحل وتقييم.
وقال ردًا على سؤال حول الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية بين “مصر” و”تركيا”، في مقابلة مع (بلومبيرغ) الأميركية، الأربعاء، أعتقد أنه خلال هذه المرحلة لا يزال علينا تقييم مخرجات الجولة الثانية من المحادثات، وخصوصًا سياق العلاقات الثنائية وعدد من الإجراءات التي اتخذتها “تركيا” وتحتاج إلى نوع من المعالجة.
كما أضاف: “وعندما نشعر بالرضا تجاه حل هذه الأمور؛ فسيفتح ذلك الباب لتحقيق المزيد من التقدم”.
استعادة العلاقات..
وبسؤاله ما على الجانب التركي تقديمه لتحقيق التقدم نحو استعادة العلاقات، قال “شكري”؛ إن “مصر” قدمت للجانب التركي تقييمها ومتطلباتها: “وأعتقد أن الجانب التركي يفهم ذلك بشكل جيد؛ ويمكنه إنجاز هذه الأمور، ونأمل أن يفعلوا ذلك حتى يتسنى لنا المضي قدمًا”.
كذلك، أشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد حاليًا أوضاعًا مضطربة ومتقلبة؛ إذ تشهد ظروفًا لم تُسهم في تحقيق سلامها واستقرارها، مشيرًا إلى الصراع في “اليمن” و”ليبيا”، فيما يخص الإرهاب والتهديدات، بالإضافة إلى الوضع في “سوريا” و”لبنان”.
وقال الوزير المصري، إن هذه أمور يجب التعامل معها، مؤكدًا على أنه من مصلحة جميع دول المنطقة أن يتم توسيع التفاهم والتواصل اللذين من شأنهما تحسين الأمن والاستقرار بالمنطقة.
انسحاب القوات التركية والمرتزقة من “ليبيا”..
وذكر مصدر مطلع أن المحادثات بين الوفدين، المصري والتركي، التي جرت في “أنقرة”، الثلاثاء والأربعاء، تطرقت إلى قضية انسحاب القوات التركية والمرتزقة الموالية لها من “ليبيا”.
وقال المصدر في “القاهرة”، متحدثًا لوكالة (تاس) الروسية، مساء الأربعاء: “الجولة الثانية من المحادثات؛ كانت تهدف إلى تحليل مدى جدية نوايا أنقرة ودرجة استعدادها لتحقيق إنفراجة في القضايا التي تثير خلافات أكبر”.
وأضاف المصدر: “نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت لتقدير نتائج المحادثات وتحديد الموقف النهائي الذي يمكن بناءً عليه التحدث عن تعيين سفير مصري في تركيا أو عقد لقاء بين وزيري الخارجية للبلدين”.
وأردف المتحدث: “الكرة الآن في ملعب تركيا، التي نتوقع منها موقفًا نهائيًا حول الأحداث الراهنة في ليبيا، بما في ذلك حول مسألة سحب قواتها المسلحة والمرتزقة الأجانب. كما يخص ذلك حل الميليشيات المسلحة وموقف أنقرة من سوريا والعراق وشرق المتوسط”.
مسيرة التطبيع مستمرة..
ويوم الثلاثاء، قال وزير الخارجية التركي؛ إن: “مسيرة التطبيع مع مصر مستمرة، ووضعنا لأجل ذلك خارطة طريق”.
وأضاف: “حواري مع وزير الخارجية المصري، سامح شكري، كان مستمرًا حتى عندما كانت العلاقات بين البلدين تمر بفترة جمود، والآن بدأت عملية التطبيع؛ وإذا تم الاتفاق على خارطة طريق مستقبلية، فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة”.
وهو ما أكده وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير “محمد العرابي”، لموقع (سكاي نيوز عربية)، قائلاً إن الجانب التركي أكد في تصريحات سابقة: “رغبته في تحقيق تقدم ملحوظ في مسار العلاقات مع مصر، كما مهد لأجواء جيدة، وأعتقد أن التطورات المتسارعة بالمنطقة قد تدفع في هذا الإطار”.
غير أنه يرى أن: “أمام الأتراك عدة إلتزامات يجب تحقيقها للمضي قدمًا في مسار العلاقات الثنائية مع القاهرة، إلا أنه قد يكون من الصعب تحقيقها لإقناع الجانب المصري بالنوايا الطيبة لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين”.
هذه الإلتزامات، وفق وزير الخارجية المصري الأسبق، تشمل ملف عناصر “جماعة الإخوان المسلمين” المطلوبين على ذمة قضايا في “مصر”، وكذلك التواجد في “ليبيا”، وقضايا “شرق المتوسط”.
وأضاف: “تركيا لديها إحساس بأنها لاعب رئيس في المنطقة، وبالتالي أستبعد أن تُغير من سياستها بشكل سريع في الملفات الثلاثة، لذا فإننا لا نزال نحتاج إلى بعض الوقت لعودة العلاقات إلى طبيعتها مرة أخرى”.
لا نتائج كبيرة..
وأوضح “العرابي”؛ أن البيان الذي صدر عن الجولة الثانية من المباحثات الاستكشافية، بالحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتيسير العلاقات بين الجانبين، “يعني أننا لم نصل إلى نتيجة كبيرة حتى الآن في تلك الملفات”.
مؤشر إيجابي على مساعي التقارب..
بدوره؛ اعتبر الخبير في الشؤون التركية، “بشير عبدالفتاح”، أن: “مجرد عقد هذه الجولة من المفاوضات، يُعد مؤشرًا إيجابيًا على أن مساعي التقارب بين البلدين تمضي في الاتجاه الصحيح، ولو ببطء”.
وأوضح “عبدالفتاح”؛ أن هذه الجولة: “تعمقت في مناقشة القضايا الخلافية، مثل الملف الليبي وشرق المتوسط وموقف عناصر الإخوان، لكنها لم تتمخض عن مؤشرات على الأرض”، قبل أن يعود للتأكيد على أن: “الإعلان عن استمرار جولات التفاوض يُشير إلى أن هناك آمال في الأفق لتحقيق التقارب”.
وقال: “إن عقد هذه الجولة يأتي في ظروف أفضل من الجولة الأولى التي عقدت بالقاهرة، في آيار/مايو الماضي، لأنه حدث تقارب بين أنقرة ودول بالمنطقة، وهذا يساعد كثيرًا في إذابة الجليد مع مصر”.
إعادة تموضع شرق أوسطي..
وأضاف الخبير في الشؤون التركية، أن “أنقرة”: “تريد إعادة تموضع شرق أوسطي، تقلص من خلاله حدة التوترات مع دول الجوار، وفي القلب منها مصر”.
واختتم بالقول: “لذلك فهي حريصة على تطوير علاقتها مع مصر، وفي المقابل لا توجد ممانعة مصرية؛ شريطة أن تتجاوب أنقرة مع المطالب التي وضعتها القاهرة من قبل، المتعلقة بإنهاء عسكرة السياسة الخارجية التركية، وعدم توفير ملاذات آمنة لجماعة الإخوان الإرهابية”.
نجحت في إذابة الجليد بين البلدين..
وقال سياسيون أتراك في أحاديث منفصلة، لـ (العين) الإخبارية، إن الجولة الثانية من المباحثات بين: “مصر” و”تركيا”؛ نجحت في إذابة جبلاً من الجليد في العلاقات بين البلدين.
لكن هؤلاء الخبراء شددوا، في المقابل؛ على أن: “الجولة الثانية لم تُحقق الاختراق المطلوب واللازم في ملفات عديدة من طريق التطبيع بين البلدين، وفي مقدمتها الملف الليبي”.
وفي قراءته لمخرجات الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية، قال المحلل السياسي التركي، “فراس رضوان أوغلو”، إن البيان المشترك عقب المحادثات يعكس نجاح الجانبين: المصري والتركي؛ في إذابة وكسر الجليد في العلاقات بينهما، وإنهما يتحركان نحو مسار إيجابي في التقارب.
وتابع: “التطبيع سيحتاج لشهور قليلة، وكل خطوة للأمام جيدة”.
وإذ أشار “رضوان” إلى تقدم لافت في مسار المفاوضات، وتفاهم مبدئي بين الطرفين في عدد من الملفات يمكن البناء عليه، شدد على أنه: “لازالت هناك ملفات خلافية عالقة بين الجانبين، أبرزها ليبيا وشرق المتوسط”.
ونبه المحلل التركي إلى أن: “التواصل سيستمر بين البلدين، رغم الاختلاف بينهما في عدد من الملفات، تمامًا كما يحدث في العلاقات بين تركيا وروسيا”.
وأوضح: “رغم التباين الكبير في الملفات بين: موسكو وأنقرة؛ وفي مقدمتها الملف السوري، إلا أن هناك تواصل وتفاهم بينهما في العديد من الملفات”.
“رضوان”؛ لفت أيضًا إلى أن: “هناك متغيرات قوية في المنطقة ساهمت في تنشيط العلاقات بين الطرفين، فضلاً عن الوضع الإقليمي والدولي”.
إلى ذلك، توقع “رضوان” أيضًا أن: “يتم قريبًا تسليم بعض العناصر المطلوبة ممن ثبت تورطهم في ارتكاب أعمال إرهاب في مصر، ومنع الإخوان بشكل عام من القيام بأي أعمال تضر بالسياسة المصرية”.
المخرجات تعكس عدم التوصل لتطبيع كامل !
بدوره، قال المحلل السياسي التركي، “مصطفى أوزجان”، في حديث لـ (العين) الإخبارية إن: “مخرجات جلسات الجولة الثانية من المباحثات تعكس عدم التوصل لتطبيع كامل وسريع في العلاقات بين البلدين”.
وتابع أن: “مسار التطبيع طويل وليس قصيرًا، والمطلوب من أنقرة تقديم المزيد من التنازلات في ملفات إقليمية عديدة مثل الملفين السوري والعراقي”.