وكالات – كتابات :
كان المطلب الأول الذى طلبه الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، من “إبراهيم رئيسي”، الرئيس الإيراني الجديد، فى أثناء توقيع مراسم تسلمه المنصب بدايةً، هو سرعة تشكيل الحكومة. وبالفعل كان ينوى، “رئيسي”؛ أن يُعلن عن حكومته الجديدة أثناء حفل تنصيبه في “البرلمان الإيراني”، يوم 05 آب/أغسطس الفائت، وبالرغم من أن أماكن جلوس الشخصيات المستقبلية في إدارة “رئيسي”، أعطت لمحةً بسيطةً عن شكل الحكومة الجديدة، إلا أنه جرى تأجيل الإعلان عنها !
قبل إنتهاء شهر آب/أغسطس الماضي، كان “إبراهيم رئيسي” قد استكمل تشكيل حكومته المحتملة، ومع نهاية الشهر، تم طرحها أمام “البرلمان الإيراني” للحصول على الثقة من قِبل المشرعين. وبالفعل نجح “رئيسي”، الذى يتمتع بدعم البرلمان والقيادة العليا، فى انتزاع الثقة: لـ 18 وزيرًا، وسحب الثقة من وزير واحد فقط، وهو وزير التربية والتعليم، أمام “رئيسي” الآن ثلاثة أشهر لاختيار بديل له وتقديمه للبرلمان.
استعادة ثقة الناس..
بعد الحصول على ثقة البرلمان، اجتمع الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، مع حكومة “رئيسي” الجديدة، مؤكدًا على أن ثقة الناس هي أكبر رصيد للحكومة، وأشار إلى أن هذه الثقة ضد تضررت، خاصةً فى حكومة الرئيس المعتدل السابق، “حسن روحاني”.
اجتمع آية الله “علي خامنئي”، بالرئيس الجديد؛ وأعضاء مجلس وزرائه، في مكتبه بسبب بعض القيود الخاصة بفيروس (كورونا)، مشيدًا بـ”إبراهيم رئيسي”، واصفًا إياه بأن شعاراته مثل أفعاله. فى الوقت نفسه، دعا “خامنئي”، الحكومة الجديدة، التي وعدت رئيسها، بالكثير من الوعود التي أغلبها اقتصادية، خلال حملاته الانتخابية، بوضع جدول زمني لتحقيق هذه الوعود، قائلًا: “إذا قطعت وعدًا، ولم يكن من الممكن الوفاء به، بسبب بعض المشكلات، فأشرح ذلك للناس، واعتذر منهم، حتى لا تضرر ثقة الناس بالحكومة”.
تُجدر الإشارة، إلى أن “الجمهورية الإسلامية” مرت، فى السنوات الأخيرة، بموجات احتجاجية مختلفة، بسبب سوء الأحوال المعيشية، منها ارتفاع أسعار الوقود، وانقطاع التيار الكهربائي، وأخيرًا الاحتجاجات على شُح المياه في محافظة “خوزستان”.
وعلى ذكر محافظة “خوزستان”، ففي الأيام الأخيرة، كانت أول زيارة محلية للرئيس المنتخب حديثًا، “إبراهيم رئيسي”، إلى مدينة “الأهواز”، عاصمة محافظة “خوزستان”، والتي شهدت احتجاجات واسعة النطاق بسبب نقص المياه الصالحة للشرب والزراعة، فيما ذهب البعض إلى أن هذه الزيارة كانت مجرد استعراض ليس أكثر، ففي عام 2013؛ وبعد انتخابه أيضًا؛ قام الرئيس السابق، “حسن روحاني”، بالزيارة نفسها، وإلى الآن لم يتم حل مشكلات “خوزستان”.
بدأ “إبراهيم رئيسي”، أيامه الأولى في المنصب الجديد، بزيارة ضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله “روح الله الخميني”، وذهب إلى المغسلة الخاصة بمقبرة “بهشت زهرا”، المقبرة الرئيسة فى العاصمة، “طهران”، ونُشرت عشرات الصور له مع العاملين بالمكان.
بالعودة إلى حكومة “إبراهيم رئيسي” الجديدة، نجد أن “رئيسي” استعان بأفراد من (الحرس الثوري)، أو أشخاص على صلة بالإمبراطورية الاقتصادية الضخمة لـ (الحرس الثوري)، واستعان بعددٍ كبيرٍ من وزراء حكومتي الرئيس السابق، “محمود أحمدي نجاد”، التاسعة والعاشرة، وسط غياب كامل للمعتدلين والإصلاحيين، والنساء بالطبع !
في هذا تقرير له؛ القى موقع (ساسة بوست)؛ الضوء، على أبرز الوزراء والمسؤولين المؤثرين، فى حكومة “إبراهيم رئيسي”، والانتقادات التي وجهت إلى هذه الحكومة الجديدة، بعد اعتمادها، في نهاية الشهر الماضي، واستشراف ما قد تعنيه مثل هذه الاختيارات.
“حسين أمير عبداللهيان” : الدبلوماسية والميدان وشبح “قاسم سليماني” !
تقع جميع الأنظار على اختيار، “إبراهيم رئيسي”، لخليفة “محمد جواد ظريف”، الدبلوماسي الأشهر فى تاريخ “الجمهورية الإسلامية”، خاصةً فى ظل المفاوضات غير المباشرة، المتوقفة حاليًا؛ بين: “إيران” و”الولايات المتحدة”، بهدف إحياء “الاتفاق النووي”، أو ما يُعرف رسميًّا باسم: “خطة العمل الشاملة المشتركة” لعام 2015.
لن يكون من الإنصاف، القول إن حال “وزارة الخارجية” الإيرانية؛ التي من المفترض أنها تُنفذ السياسة الخارجية لـ”الجمهورية الإسلامية”، سيكون أفضل بعد إنتهاء ولاية “جواد ظريف”، بل إن “إيران” أمام تغيير كبير فى نهج “وزارة الخارجية”، بعد اختيار الدبلوماسي، “حسين أمير عبداللهيان”، وزيرًا للخارجية فى حكومة، “إبراهيم رئيسي”، بعد أن صوت “البرلمان الإيراني” على منحه الثقة بحوالي: 270 صوتًا، من أصل: 290 صوت.
في حديثه لـ (ساسة بوست)، يقول صحافي إيراني، مقيم بـ”طهران”، اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية: “أمير عبداللهيان، هو مرشح (الحرس الثوري) في وزارة الخارجية، لذلك أعده واحدًا من قادة الحرس وليس مسؤولًا دبلوماسيًّا”، فمن هو “حسين أمير عبداللهيان” ؟
ولد “أمير عبداللهيان”، في مدينة “دامغان”، التابعة لمحافظة “سمنان” الشمالية الشرقية، عام 1964، وحصل على درجتي البكالوريوس والدكتوراه فى الشؤون الدولية من جامعة “طهران”، ثم بدأ عمله في السلك الدبلوماسي، عام 1992 تقريبًا، إذ شغل منصب محلل سياسي في المديرية الأولى لدول الخليج بـ”وزارة الخارجية”.
بدأ نجمه فى السطوع بالتحديد، في عام 2007، عندما شارك بوصفه أصغر دبلوماسي في المفاوضات بين: “إيران” و”الولايات المتحدة”، في العاصمة العراقية، “بغداد”، والتي تناولت، آنذاك، القضايا الأمنية في “العراق”، وبعدها مباشرة، أصبح سفير “إيران” لدى دولة “البحرين”، حتى عام 2011.
يقول “عماد ابشناس”، الصحافي الإيراني، ورئيس تحرير جريدة (إيران دبلوماتيك): “أمير عبداللهيان؛ دبلوماسي محترف، فقد أظهرت سنوات خدمته سفيرًا لإيران في البحرين، مهاراته الدبلوماسية، وبالرغم من كونها فترة قصيرة، إلا أنه استطاع خلالها تخفيف التوترات والصراع بين النخبة السُنية الحاكمة، والأغلبية الشيعية في البلاد، كما ساعد فى توطيد العلاقات التجارية والسياسية بين إيران والبحرين”.
في عام 2011، عاد “أمير عبداللهيان”، إلى “طهران” مرة أخرى، ليتولى منصب نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية، في حكومة، “محمود أحمدي نجاد”، الثانية. وفي هذه الفترة، بدأت علاقة “أمير عبداللهيان”، بـ (الحرس الثوري) الإيراني؛ في أخذ منحنى أكثر قوة. يقول الصحافي الإيراني – الذي اشترط عدم ذكر اسمه -: “في هذه الفترة؛ بدأت علاقة، أمير عبداللهيان، بقاسم سليماني، في الاقتراب، وأصبح عين سليماني داخل وزارة الخارجية”.
بعد أن جرى انتخاب، “حسن روحاني”، في عام 2013، وتغيير الإدارة الإيرانية، كان من الطبيعي أن يترك، “أمير عبداللهيان”، منصبه بـ”وزارة الخارجية”، خاصةً أن وجهات النظر بينه وبين، “جواد ظريف”، مختلفة تمامًا.
لكن لم يحدث ذلك، وظل “أمير عبداللهيان”؛ فى منصبه حتى عام 2016، ويقول دبلوماسي إيراني سابق، كان ضمن فريق “جواد ظريف”، مفضلًا عدم الكشف عن هويته: “روحاني وظريف، كانا لا يريدان، أمير عبداللهيان، لكن روحاني فضل احتفاظه بمنصبه، خشية التعرض لهجوم عنيف من (الحرس الثوري)”.
يضيف الدبلوماسي الإيراني قائلًا: “اختلف أمير عبداللهيان؛ والسيد ظريف؛ في كثير من الأمور، في كل مرة كان يطرح فيها أمر إمكانية التفاوض مع السعودية، كان أمير عبداللهيان يُعارض الأمر، مما جعل ظريف يطلب إقالته مباشرة من سليماني”.
وأخيرًا في عام 2016، تمكن “ظريف” من إقالة، “أمير عبداللهيان”، دون الإفصاح عن أي تفاصيل، لكن وسائل الإعلام المختلفة تكهنت، آنذاك، بأسباب هذه الإقالة، فعلى سبيل المثال قال موقع (رجا نيوز)، المقرب من (الحرس الثوري)، إن أحد حكام دول الخليج طلب من حكومة “روحاني”، إقالة “أمير عبداللهيان”؛ بوصفها بادرة حسن نية لتوطيد العلاقة بين البلدين.
بينما أفادت وسائل إعلام محلية أخرى، أن السبب وراء الإقالة، هو عدم توافق “أمير عبداللهيان”؛ مع نهج حكومة “روحاني”، فيما يخص بعض القضايا الإقليمية. وفي مقابلة متلفزة مع “أمير عبد اللهيان”، في عام 2020، أجاب بشكل مختصر للغاية عندما سُئل عن سبب إقالته من “وزارة الخارجية”: “يجب أن تسأل السيد ظريف”؛ دون الخوض في أي تفاصيل.
يقول الدبلوماسي الإيراني السابق: “يؤمن أمير عبداللهيان؛ تمام الإيمان، بنظرية سليماني في إدارة السياسة الخارجية للبلاد، فقد انتقد السيد ظريف بعد أن تحدث عن شكواه بسبب تدخل (قوة القدس) في الأمور الدبلوماسية، وقال إن الميدان والدبلوماسية وجهان لعُملة واحدة”.
وتُجدر الإشارة إلى أنه كان قد انتشر مقطع صوتي مسرب، في نيسان/أبريل الماضي، لوزير الخارجية الإيراني السابق، “جواد ظريف”، في حديثه ضمن مشروع التاريخ الشفهي لحكومة “روحاني”، وهو ينتقد أسلوب الجنرال الراحل، “قاسم سليماني”، وتدخله في عمله الدبلوماسي، مقابل خدمة العمل الميداني والعسكري.
وبالعودة إلى “أمير عبد اللهيان”، فهو يؤمن بضرورة توجه “إيران” إلى الشرق، وعدم الاعتماد على الغرب، كما أشار الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، مرارًا وتكرارًا. ففي جلسة التصويت على منح الثقة، قال “عبداللهيان”؛ أمام البرلمان: “نسعى إلى استخدام القوى الاقتصادية الناشئة في آسيا، لتطوير اقتصادنا وتجارتنا الدولية، نحن نحدد أولًا بعض البلدان ونعطيها الأولوية؛ ثم نتخذ خطوات لتحقيق أهداف سياستنا الخارجية”.
جدير بالذكر، أن أطروحة “أمير عبداللهيان”، للحصول على درجة الدكتوراه والتي عنوانها: “العوامل الاجتماعية فى فشل مبادرة الشرق الأوسط الكبير”، كانت عبارة عن تحليل لإستراتيجية “الولايات المتحدة” في الشرق الأوسط، بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، كما تناولت ضرورة تعاون “إيران” مع الدول الأخرى في “آسيا”، دون الحاجة إلى الانفتاح على الغرب.
وبالرغم من ذلك، فإن “أمير عبداللهيان” لا يُمانع التفاوض مع الغرب، وخاصةً “الولايات المتحدة”، لكن ضمن شروط “الجمهورية الإسلامية”؛ التي حددها آية الله “خامنئي” سابقًا، فقد صرح للتلفزيون الرسمي الإيراني، في الأيام القليلة الماضية عن نية “إيران” لاستئناف المفاوضات في “فيينا”، مشيرًا إلى أن المفاوضات النووية مدرجة على جدول أعمال الإدارة الإيرانية الجديدة، لكنه في الوقت نفسه أكد على أن “إيران” ليست في عجلة من أمرها.
يصف الصحافي الإيراني الإصلاحي، وزير الخارجية الجديد، بأنه شخص استعراضي، فيقول: “يحب أمير عبداللهيان؛ الظهور باستمرار أمام الكاميرات، يحب التحدث كثيرًا، كما أنه يحب أن يكون في دائرة الضوء في أغلب الأوقات، وخير مثال على ذلك ما فعله في قمة بغداد”.
فقد أثار “أمير عبداللهيان”، كثيرًا من الانتقادات بسبب تجاهله المتعمد للبروتوكول في “قمة بغداد للسلام”، خلال التقاط الصورة التذكارية لضيوف المؤتمر، وبدلًا من أن يقف في الصف الثاني المخصص لوزراء خارجية الدول المشاركة في القمة، قفز بسرعة ليقف في الصف الأول، المخصص لرؤساء الدول !
لم يعتذر “أمير عبداللهيان” عن هذا الخطأ، بل إنه دافع عن نفسه قائلًا للتلفزيون الرسمي الإيراني: “وقفت في الموقف الحقيقي لإيران، ولممثل الجمهورية الإسلامية”، وفى اللقاء المتفلز نفسه، تحدث “أمير عبداللهيان” كثيرًا، عن اقتراب الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”؛ منه في عدة مواقف؛ قائلًا: “اقترب مني ماكرون مرتين، وقال لي إنهم مهتمون جدًا بزيارتي إلى باريس”.
كذلك أشار إلى إجراء محادثة مع الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”؛ على هامش المؤتمر، وأشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي” قال للرئيس المصري، إن الدول الثلاث، (إيران، مصر، العراق)، لديها قدرات هائلة في حالة التعاون فيما بينها.
يقول “عماد ابشناس”: “يمكن تمييز نهج أمير عبد اللهيان، فهو منفتح على تحسين العلاقات مع دول الجوار، وتقوية العلاقات بين إيران وروسيا والصين، فيما يخص أمر المفاوضات وإحياء الاتفاق النووي، من المحتمل أن يكون هناك بعض الصعوبات في ظل إدارة رئيسي”.
“محمد مهدي إسماعيلي” .. “طالبان” تعتلي كرسي وزارة الثقافة في إيران !
ضمن الحكومة الجديدة لـ”إبراهيم رئيسي”، حصل “محمد مهدي إسماعيلي”، على الثقة من البرلمان ليُصبح وزيرًا للثقافة والإرشاد الإسلامي، شغل “إسماعيلي” منصب المستشار الثقافي، لـ”إبراهيم رئيسي”، أثناء توليه رئاسة القضاء، كما أنه كان نائب رئيس مركز توثيق الثورة الإسلامية، والذي تديره الدولة مباشرة.
في أول خطواته في الوزارة، نشر وزير الثقافة الجديد جدول أعمال وزارته؛ المكون من: 92 صفحةً، وبمجرد نشره، ثار غضب الدوائر الثقافية في “إيران”، كما انتقد “إسماعيلي”، الوضع الحالي للسينما الإيرانية، قائلًا إن العديد من الأفلام الأخيرة التى تم إنتاجها فى البلاد، تتعارض مع قيم ومباديء “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
يقول “اسفنديار شريفي”، الصحافي الإيراني المختص بالسينما والشؤون الثقافية: “كلنا نعلم جيدًا توجهات، السيد إسماعيلي، فتعيينه كان صدمةً للوسط الفني الإيراني، لكنه في الوقت نفسه أمر متوقع، بدلًا من أن يتحدث الوزير الجديد عن تطوير صناعة السينما والإعلام في إيران، انتقد الأفلام والموسيقي، حتى إنه دعا إلى التصدي للفنانين الإيرانيين خارج البلاد وغير ملتزمين بتعاليم الجمهورية الإسلامية”.
تُعد “وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي”، واحدة من أهم الوزارات في “إيران”، وتحظى برعاية مباشرة من الزعيم الأعلى الإيراني، كما أنه يختار بنفسه من الذي سيكون على رأس هذه الوزارة، مما يعني أن تعيين، “محمد مهدي إسماعيلي”، جاء بناءً على موافقة من آية الله “خامنئي”.
وجديرٌ بالذكر أن “وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي”؛ تلعب، دورًا مهمًا في الحياة الثقافية في “إيران”، فهى الجهة المختصة بإصدار كافة التراخيص للأنشطة الفنية وصناعة الأفلام، والحفلات الموسيقية. يقول السيد “شريفي”: “وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، بيدها كل شيء فيما يخص المجال الثقافي، تستطيع أن تمنع أو تمنح تراخيصها للمخرجين والموسيقيين في أي وقت، والبداية التي اتخذها، إسماعيلي، تعني أننا سنواجه المزيد من التضييق والرقابة على حرية الفن في إيران”.
ردًا على تعيين، “محمد مهدي إسماعيلي”، شبه المخرج الإيراني الشهير، “همايون الصديان”، الوزير بحركة (طالبان)، كما قال “همايون غني زاده”؛ وهو مخرج آخر بارز؛ إن “إسماعيلي”: “أكثر وزراء الثقافة أميَّةً فى العقدين الماضيين”، كما طالب الفنانون بعدم الصمت والاعتراض على تعيين “إسماعيلي”.
“إسماعيل خطيب” .. وزير المخابرات ليس ثوريًّا ولم يوقف الفتنة..
بالرغم من الترحيب الضمني للبرلمان بأعضاء حكومة، “إبراهيم رئيسي”، فإن وزير المخابرات، “إسماعيل خطيب”، حصل على ثقة المشرعين بصعوبة نوعًا ما، “خطيب”؛ الذي كان مدير المخابرات في مدينة “قم” الدينية، وتولى أيضًا حماية مكتب الزعيم الأعلى في المدينة نفسها؛ اعترض عدد من النواب الأصوليين على تسميته وزيرًا للمخابرات: “لأنه ليس ثوريًّا بشكلٍ كافٍ”، كما اتهموه بأنه اتخذ موقفًا سلبيًّا من أحداث: “فتنة” عام 2009، في الإشارة إلى الاحتجاجات واسعة النطاق التي خرجت اعتراضًا على إعادة انتخاب، “محمود أحمدي نجاد”، لفترة ولاية ثانية، إذ دائمًا ما يُشير الأصوليون والقائد الأعلى لـ”الجمهورية الإسلامية”، إلى هذه الاحتجاجات الواسعة بمصطلح: “الفتنة”.
دخل “إسماعيل خطيب” أنشطة المخابرات، عام 1980، وأنضم إلى مؤسسة الاستخبارات التابعة لـ (الحرس الثوري)، وفي التسعينيات أصبح مدير مخابرات مدينة “قم”؛ ثم المسؤول عن حماية مكتب القائد الأعلى هناك، ثم تولى منصب رئيس لجنة حماية المعلومات داخل مؤسسة القضاء؛ من عام 2012 إلى 2019.
“إسماعيل خطيب”، من الدائرة المقربة لآية الله “علي خامنئي”، وكان من أهم أسباب الخلاف بين السيد “خامنئي”؛ والرئيس السابق، “أحمدي نجاد”، الذى أقال، “خطيب”، من منصبه فى مكتب مخابرات طقم”، رغم إصرار “خامنئي” على عدم إقالته، لكن بالرغم من ذلك فهناك بعض النخب السياسية الأصولية، لا تفضل “إسماعيل خطيب”.
“حسين جلالي”، أحد نواب البرلمان المحسوبين على (التيار الأصولي)، كان من ضمن المعارضين لتسمية، “خطيب”، وزيرًا للمخابرات، يقول: “تاريخ السيد خطيب في مخابرات قم، ليس بالجيد، لم يستطع وقف الفتنة ولا منع المتسللين وأعداء الجمهورية من التواجد داخل البلاد، هناك العشرات غيره أكفاء، أولى بهذا المنصب”.
فيما أشار السيد “جلالي”، بشكل غير مباشر، إلى علاقة السيد “إسماعيل خطيب” ببعض رجال الدين الإصلاحيين، قائلًا: “أنا متأكد تمامًا من أن رجال الدين الثوريين، في قم، غير موافقين على اختيار خطيب”.
وقد أعلن “إسماعيل خطيب”، أن أجندة “وزارة المخابرات” في عهده، تتمثل في مواجهة القصور الذي أضر بسمعة ومصداقية الأجهزة الأمنية الإيرانية، في السنوات القليلة الماضية، (على سبيل المثال: الاختراقات الأمنية للبرنامج النووي الإيراني، واغتيال العلماء النوويين داخل إيران)، بالإضافة إلى التنسيق الأكبر مع الوكالات الأمنية الإيرانية الأخرى.
“محمد مخبر” .. رئيس «مقر تنفيذ أوامر الإمام» النائب الأول لرئيس الجمهورية..
بجانب وزراء حكومة “إبراهيم رئيسي”، هناك منصب آخر مهم؛ وهو النائب الأول للرئيس، والذي عين فيه، “رئيسي”، “محمد مخبر”، أحد أهم رجال الإمبراطورية الاقتصادية التي يُديرها آية الله “خامنئي” بشكل مباشر.
فى رسالة له، بعد فوز “إبراهيم رئيسي” فى الانتخابات الرئاسية، في 18 حزيران/يونيو 2021، قال “مخبر”: “إن فوزكم استجابة لدعوات الزعيم الأعلى”.
وقد ولد “محمد مخبر”؛ في مدينة “دزفول”، في محافظة “خوزستان”، عام 1964، وينتمي إلى عائلة كبيرة وثرية، وتولى “مخبر” عددًا من المناصب الاقتصادية المهمة، فكان المدير التنفيذي لشركة “خوزستان للاتصالات”، ونائب محافظ “خوزستان”، والمدير التنفيذي لـ”بنك سينا”.
يقول الصحافي الإيراني المقيم بـ”طهران”: “كانت فترة رئاسة، مخبر، لبنك سينا، هي البداية لإنطلاقة داخل الإمبراطورية الاقتصادية للدولة، فعمل على توطيد علاقته مع أهم المسؤولين في مكتب الزعيم الأعلى، مما مهد له الطريق ليصبح رئيس مقر تنفيذ أوامر الإمام”.
و”مقر تنفيذ أوامر الإمام”، هو أحد المؤسسات الاقتصادية التي تعمل بشكل مباشر تحت رعاية، السيد “علي خامنئي”، وتمتلك عشرات المصانع والمؤسسات المالية والائتمانية، وقد تولى “مخبر”؛ رئاستها، منذ عام 2007، وبعدها بسنوات قليلة، أنشأ مؤسسة “بركت”، والتي تعني: “نعمة” بالفارسية، والتي هدفها تغطية الأماكن المحرومة في “إيران”، بحسب ما أعلنت المؤسسة.
يرتبط اسم مؤسسة “بركت” و”محمد مخبر”، فى الأشهر القليلة الماضية، بلقاح (كورونا) الإيراني، المُنتج محليًّا، والذي تلقاه السيد “خامنئي”، وكان من المقرر أن تُنتج الشركة حوالي: 05 مليون جرعة، تُورع مجانًا على المواطنين، لكن إلى الآن لم يحدث هذا الأمر.
يقول الصحافي الإيراني: “مخبر؛ وأبناؤه، من المحتكرين المؤثرين في عالم الاقتصاد الطبي، نجله، سجاد، يمتلك أهم شركات صناعة الأدوية في إيران، بجانب مدينة بركت الصيدلانية”.
عارض بعض الأصوليين تعيين، “محمد مخبر”، النائب الأول للرئيس، يقول “صادق كوشكي”، الناشط السياسي الأصولي: “كيف لرئيسي، الذي حارب الفساد طوال سنوات خدمته في القضاء، أن يُعين، مخبر، الذي تدور حوله وحول أبنائه شبهات بالفساد، واحتكار سوق الأدوية، الرجل لم ينفذ وعده بإنتاج كميات وفيرة من اللقاح الإيراني لفيروس (كورونا)، كيف نكافئه بتعيينه النائب الأول ؟”.
يُجادل السيد “كوشكي” أيضًا، بأن السيد “مخبر” لا يمتلك أي سجل في الشؤون السياسية لكي يُصبح النائب الأول للرئيس، هو فقط رجل اقتصاد، فيقول: “يجب أن يمتلك النائب الأول للرئيس سجلًّا سياسيًّا كبيرًا، إذا كان السيد رئيسي، يُعول على سجل مخبر الاقتصادي، فهذا خطأ كبير”.
ونادرًا ما يظهر “محمد مخبر”، أو أحد أفراد أسرته؛ في وسائل الإعلام المحلية، لذلك من غير الممكن معرفة توجهاته السياسية أو الاقتصادية، أو حتى خططه المستقبلية بوصفه النائب الأول للرئيس، مما يجعل شغله لهذا المنصب محل استفهام كبير.
حكومة “الحرس الثوري”: الحكومة الثالثة لـ”أحمدي نجاد” !
ينتقد البعض داخل “إيران”، الحكومة الجديدة لـ”إبراهيم رئيسي”، لضمها عددًا كبيرًا من قادة (الحرس الثوري) السابقين، فعلى سبيل المثال، “أحمد وحيدي”، وزير الداخلية، كان أول قائد (قوة القدس)، التابعة لـ (الحرس الثوري) في الثمانينيات، و”عزت الله ضرغامي”؛ وزير السياحة والتراث، الذي شغل سابقًا منصب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، كان أيضًا واحدًا من قادة (الحرس الثوري)، وشارك فىي الحرب “العراقية-الإيرانية”، بالإضافة إلى آخرين في فريق “إبراهيم رئيسي” الاقتصادي والسياسي.
تُعد حكومة “إبراهيم رئيسي”، الثانية، بعد حكومتي: “أحمدي نجاد”، التي تضم عددًا كبيرًا من قادة (الحرس الثوري). وتُجدر الإشارة إلى أن الحكومة الأولى والثانية لـ”هاشمي رفسنجاني”، (1989 – 1997)، ضمت فقط ثلاثة وزراء لهم تاريخ في (الحرس الثوري)، وهم: “على لاريجاني”؛ وزير للثقافة والإرشاد الإسلامي، و”محمد بشارتي”؛ وزير للداخلية، و”محمد فروزنده”، وزيرًا للدفاع، أما حكومة الإصلاحي، “محمد خاتمي”، (1997 – 2005)، فقد ضمت: “علي شمخاني” فقط؛ من قادة (الحرس الثوري)، وزيرًا للدفاع.
لكن “محمود أحمدي نجاد”؛ جلب 11 عسكريًّا خلال حكومته الأولى والثانية، وتمتع عهده بوجود أكبر عدد من قادة (الحرس الثوري) في حكومته، ففي الأولى كان هناك ثماني شخصيات عسكرية، وست شخصيات في الحكومة الثانية.
لكن “إبراهيم رئيسي”؛ لم يكتفِ بجلب الشخصيات العسكرية إلى حكومته الأولى، بل استعان بعددٍ كبير من وزراء ومديري عهد “أحمدي نجاد”، مما جعل البعض يُطلق على حكومته لقب: “الحكومة الثالثة لأحمدي نجاد”، بوصفها امتدادًا لحكم الأخير، بعدما ضمت حكومة، “إبراهيم رئيسي”: 10 أعضاء من حكومة، “أحمدي نجاد”.
يقول الناشط السياسي الأصولي، “صادق كوشكى”: “كان يجب على الرئيس أن يكون حريصًا على عدم إتباع مسار، أحمدي نجاد، الذي أثبت فشله، ولا أن تصبح حكومته بمثابة الحكومة الثالثة لأحمدي نجاد»، ويضيف “كوشكى” قائلًا: “أثبت وزراء حكومتي: أحمدي نجاد، فشلهم، بل كانوا من مؤسسي الفساد في الجمهورية الإسلامية، ولا ينبغي أن يكونوا وزراء في حكومة جديدة تسعى إلى محاربة الفساد”.
من ضمن الوزراء في حكومة “أحمدي نجاد”، والمتواجدين أيضًا فى حكومة، “إبراهيم رئيسي”، “رستم قاسمي”؛ وزير الطرق والتنمية العمرانية، و”علي أكبر محرابيان”؛ وزير الطاقة، ووزير المناجم والتجارة والصناعة، في حكومة “أحمدي نجاد” على التوالي، و”أحمد وحيدي”؛ وزير الداخلية، كان وزيرًا للدفاع فى عهد “أحمدي نجاد”، بينما احتفظ، “جواد أوجي”؛ وزير النفط في عهد “نجاد”، بالمنصب نفسه في حكومة “رئيسي”.
حكومة “خامنئي” المفضلة..
ينظر البعض إلى تولي “إبراهيم رئيسي”، منصب الرئيس في “إيران”، على أنه رغبة قوية من الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، وقد هُندست الانتخابات لضمان فوز المرشح المفضل للقيادة العليا، مثلما حدث مع، “محمود أحمدي نجاد”، الذي حصل على دعم هائل من، آية الله “خامنئي”، قبل أن ينقلب الأول عليه، ويُصبح من المغضوب عليهم.
لكن بعد تجربة “أحمدي نجاد”، يبدو أن القيادة العليا؛ والتي تقود الدولة العميقة في البلاد، قد تعلمت الدرس جيدًا، واستطاعت تهيئة وتجهيز، “إبراهيم رئيسي”، ليُزيد من توغل سيطرة الدولة العميقة دون أي معارضة، لذلك سيكون الأمر واقعيًّا أكثر، إذا أشرنا إلى حكومة “رئيسي”، بأنها حكومة “خامنئي” بالأساس.