خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
في الفترة (1996 – 2001م)؛ لم تعترف بـ”الإمارة الإسلامية الأفغانية”، سوى “باكستان” ودولتان عربيتان؛ هما: “المملكة العربية السعودية” و”الإمارات العربية المتحدة”.
وحاليًا سيطرت (طالبان) مجددًا على عموم “أفغانستان” تقريبًا، والسؤال: هل تعترف المملكتان العربيات القويتان وسائر دول “مجلس التعاون الخليجي”، بحركة (طالبان) “النسخة 2.0″؛ باعتبارها الحكومة القانونية الأفغانية ؟، بحسب موقع (الدبلوماسية الإيرانية)؛ نقلاً عن (Responsible Statecraft).
التطبيع وليس الاعتراف..
وقد بدت دول “مجلس التعاون الخليجي” استياءً واضحًا من الوضع في “أفغانستان”. وتتخوف ممالك الخليج بشدة من احتمالات اندلاع حرب أهلية.
وتستطيع (القاعدة) و(داعش)، التي تجتذب عناصر من مواطني دول “مجلس التعاون الخليجي”، وتحصل على الدعم المالي من هذه المنطقة، الاستفادة من حالة الفوضى، بحيث تتحول إلى تهديد لبلدانهم الأصلية.
وفي هذا الصدد؛ يقول “رايان بول”، محلل الشرق الأوسط في مركز “استرتفور-رِین”: “من القضايا الرئيسة بالنسبة لمشايخ الخليج؛ هو التأكد من ألا يُفضي انتصار (طالبان) إلى انتشار التشدد الجهادي بين الشعوب الخليجية. وتشترك دول الخليج معًا في هذه المسألة، علمًا أن التهديد الإرهابي سوف يختلف من مكان إلى آخر. القضية الأخرى في الفترة الاقتصادية المتعسرة بالخليج هو هجوم اللاجئين الأفغان وما قد يترتب عليه من أعباء على الميزانية والتوتر الاجتماعي”.
مضيفًا: “وبينما يدعوا شيوخ الخليج ،أبناء شعوبهم، إلى الترفع عن الإنفاق الإضافي وسط مساعي بفرض ضرائب جديدة، لا أحد يعلم حجم مقدرتهم أو رغبتهم في دعم اللاجئين الأفغان. ومنذ احتلال (طالبان) العاصمة، كابول، بتاريخ 15 آب/أغسطس الماضي، تتصرف ممالك الخليج بحذر، فلم تعترف أي من هذه الممالك بحركة (طالبان)، حتى الآن، ومن المستبعد أن تعترف هذه الدول بحكم (طالبان). لكن قد تلجأ إلى التطبيع مع الحركة إذا سلك المجتمع الدولي، وبخاصة الولايات المتحدة وأوروبا، هذا المسار”.
بين الاستفادة ومكافحة الإيديولوجية..
ويعتقد بعض الخبراء؛ أن نظام “الإمارة الإسلامية الأفغانية” سيمثل تحدي إيدولوجي للدول المرعوبة من الإسلام السياسي في منطقة الخليج، ومن المستبعد أن ترحب هذه الدول بعودة (طالبان) إلى السلطة.
ولو أن “الإمارات” اعترفت، في التسعينيات، بحكومة (طالبان)، لكن قد تبدو حاليًا في مظهر الطرف المعارض للحركة بشكل معلن.
يقول الدكتور “آندریاس کریغ”، المدرس بمعهد الدراسات الأمنية كلية “كينغز” لندن: “سوف تتبنى الإمارات نهجًا صعبًا ضد (طالبان)، لأنها تعارض إمكانياتها الإيديولوجية. والصراع الإماراتي الإيديولوجي مع الإسلام السياسي؛ إنما يعني أنها سوف تتخذ موقفًا متشددًا حيال (طالبان)”.
و”السعودية” قد تتخذ موقفًا أكثر مرونة. فـ”السعودية”، ورغم دعم المجاهدين الأفغان في التسعينيات، إلا أن مساعي ولي العهد، “محمد بن سلمان”، في إطار ترويج: “الإسلام الوسطي”، قد يعني عدم قبول (طالبان) سريعًا.
ويضيف “كريغ”: “من المنظور المخابراتي، سوف تسعى بعض أجهزة المخابارت السعودية إلى إقامة علاقات سرية غير معلنة مع (طالبان). وقد تستفيد الرياض من النظام الأفغاني الجديد ضد إيران”.
مع هذا؛ سوف ينطوي هذا التعاون السعودي مع (طالبان) على تهديدات؛ ربما ترفضها “السعودية”، والأهم تشويه الصورة التي تحاول “السعودية” تصديرها للقوى الغربية باعتبارها شريك هام في مكافحة الإرهاب.
وهناك احتمال بتنافس “سعودي-إيراني” بشأن النفوذ بداخل (طالبان)، “النسخة 2.0″، ولو بالفعل عملت (طالبان) بوعودها بخصوص المحافظة على شيعة “أفغانستان”؛ ولم تقدم على أي أعمال تمثل تهديدًا لـ”إيران”؛ فسوف تعترف “طهران”، بـ”الإمارة الإسلامية الأفغانية”، وحينها سيكون على “السعودية” أيضًا الاعتراف بالحركة.
وتولي دول الخليج اهتمامًا كبيرًا للتطورات الأفغانية، ورغم أن( طالبان) نجحت سريعًا في السيطرة على “كابول” وباقي المدن الكبرى، لكن من غير الواضح، حتى الآن، ما إذا كانت سوف تستطيع المحافظة على سيطرتها أم لا ؟.. أضف إلى ذلك أن أنشطة التنظيمات الجهادية المتشددة الأخرى من المتغيرات المجهولة التي تزيد من تعقيد المعادلة الأفغانية.