أصبح العراق أحد أهم المصادر المنشطة للاقتصاد الإيراني والمركز المهم للاستثمارات الإيرانية التي تشمل قطاعات مختلفة فيه، في وقت تتجنب شركات دول أخرى الدخول في استثمارات بالعراق لعدم توافر الأمن الكافي لممارسة نشاطاتها الاستثمارية، وتعتبر خطورة عمل الشركات الأجنبية في العراق، فرصة لإيران لتكون البديل لتلك الدول، وهو ما أدى إلى دخولها مجمل القطاعات الاقتصادية في البلاد، وتجد الشركات الإيرانية الأبواب أمامها مفتوحة لعقد اتفاقيات مباشرة مع إدارة المحافظات العراقية، لا سيما الجنوبية التي تعرف استقرارًا أمنيًا كبيرًا مقارنة بمحافظات أخرى، سعيًا للاستثمار فيها.
كان لإيران دور بارز في هروب الشركات الاستثمارية الأجنبية من العراق، إذ تمارس العصابات والمليشيات المسلحة المقربة منها، عمليات ابتزاز اقتصادي للشركات الأجنبية التي تقدم للعمل في العراق، فقد أدركت الكثير من الشركات التي كانت تسعى لإنجاز مشاريع في مجال الاتصالات والبنى التحتية أنها ستجازف بسمعتها حال وافقت على الدخول إلى الساحة العراقية التي كانت خلال السنوات الماضية غنية بالمشاريع العملاقة الواعدة، بوجود ميزانيات ضخمة بسبب ارتفاع أسعار البترول حينها.
فجميع الشركات الأجنبية التي عملت وتعمل في العراق تدفع حصصًا للمليشيات المسلحة لأجل استمرار أعمالها في العراق، كما أن بعض الشركات الأجنبية التي أنجزت مشاريع في العراق صارت تربطها علاقات مع شخصيات كبيرة في المليشيات المسلحة، تدفع لها مبلغًا ماليًا أو نسبة من الأرباح مقابل عدم تعرضها لمضايقات من مليشيات أخرى، وهو ما أكده قائد في “سرايا السلام” التي تتبع للسيد مقتدى الصدر بالقول: “عمليات الإبتزاز ليست عشوائية بل مخطط لها من قيادات تلك الفصائل، وجميع الشركات الأجنبية تتعرض للابتزاز، ولم تستطع الحكومة العراقية ردع تلك الفصائل، لأنها تعلم قوتها ومن يقف وراءها (في إشارة إلى إيران)”، لافتًا النظر إلى أن الشركات الإيرانية هي الوحيدة التي لا تتعرض لهذه الأعمال.
الأمر الذي تنبغي الإشارة إليه أن الأدوار التي تضطلع بها الشركات الإيرانية في العراق، مرتبطة بصورة مباشرة بالدوائر الاستخبارية للحرس الثوري الإيراني التي ترتبط بدورها – أي الشركات الإيرانية – بضباط وقادة عسكريين في الحرس الثوري الذين يعمل أغلبهم بصفة دبلوماسية بالسفارة الإيرانية في بغداد
وبحسب تقرير صدر عن الرابطة الأوروبية لحرية العراق (EIFA) التي يرأسها ستروان ستيفنسون ممثل إسكوتلندا السابق في البرلمان الأوروبي، واللجنة الدولية للبحث عن العدالة (ISJ)، وهما من المنظمات غير الحكومية التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرًا لهما، أشار التقرير إلى الدور المدمر الذي تلعبه الشركات الإيرانية في العراق، خصوصًا تلك المرتبطة ارتباطًا مباشرة بالحرس الثوري الإيراني، وأثبت التقرير أيضًا أنه في حين أن الحرس الثوري الإيراني يعتبر القوة الاقتصادية الأكثر أهمية في إيران، وكرس ثرواته المالية والاقتصادية للتدخل في شؤون الدول الأخرى في المنطقة، فإن النطاق الأوسع من التدخل تحول إلى أعباء مالية واقتصادية هائلة على عاتق الاقتصاد الإيراني المنهك للغاية، بفعل دعمه المستمر للحملات العسكرية الخارجية وتحديدًا في العراق، ولذلك تبذل هذه الشركات جهدها المستمر لتجاوز هذه الأعباء.
الأمر الذي ينبغي الإشارة إليه أن الأدوار التي تضطلع بها الشركات الإيرانية في العراق، مرتبطة بصورة مباشرة بالدوائر الاستخبارية للحرس الثوري الإيراني التي ترتبط بدورها – أي الشركات الإيرانية – بضباط وقادة عسكريين في الحرس الثوري يعمل أغلبهم بصفة دبلوماسية بالسفارة الإيرانية في بغداد، وعلى النحو الآتي:
1. القطاع الديني: مسؤول عنه العقيد محمد رضا أصفهاني.
2. قطاع البورصة والأعمال التجارية والمالية: مسؤول عنه العميد جليل واحدي.
3. القطاع الطبي والصحي: مسؤول عنه العقيد علي قمي.
4. قطاع الزراعة ومنتجاتها: مسؤول عنه العقيد عبد الحسين كعبي، خوزستاني إيراني.
5. قطاع الصناعة والأيدي العاملة: مسؤول عنه العميد مرتضى عبيدي.
6. القطاع النسوي: مسؤولة عنه العقيد رضية تستري فر.
7. القطاع الرياضي والشبابي: المسؤول عنه العقيد منو شهرجابري تبريزي.
وإلى جانب ما تقدم، أوجدت المؤسسات الاقتصادية الإيرانية بيئة خارجية تتحرك من خلالها لتتحول إلى أحد أذرع الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة، وفي العراق تتخذ المؤسسات الاقتصادية الإيرانية العاملة فيه الصور الآتية:
1. شركة الكوثر: تعتبر هذه الشركة من أبرز شركات المقاولات الإيرانية في العراق، حيث أسسها فيلق القدس عام 2003 في مدن كربلاء والنجف وبغداد، تحت تسمية جهة تقدم المساعدات الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية إلى العراق، وبدأت نشاطاتها تحت عناوين مختلفة منها هيئة إعادة إعمار العتبات المقدسة، كما وسعت عناصر فيلق القدس نشاطاتها في محافظة خوزستان، تحت عنوان هيئة العتبات من خوزستان بإشراف أحمد فروزنده، وكانت واحدة من الواجبات الرئيسة لهذه الشركة، إنشاء شركات وهمية في عموم أنحاء العراق، لخلق إمكانية لتنقل عناصر فيلق القدس تحت عنوان تجار، وإيجاد علاقة تبادل مصالح وتخادم مع المسؤولين والتجار والبلديات وسواها في بغداد والمحافظات الجنوبية، لغرض خلق أرضية مناسبة لنشاطات النظام الإيراني السياسية والاستحواذية في العراق، وتنفيذ واجبات خاصة لبعض المتابعات بشأن مدينتي كربلاء والنجف، بهدف السيطرة على المجتمع العراقي في جنوب العراق.
2. شركة مبنا: وهي شركة تابعة لوزارة الطاقة الإيرانية، حيث إن 51% من أسهم هذه الشركة تعود إلى هذه الوزارة، في حين يعود الجزء المتبقي من أسهم هذه الشركة إلى عائلة هاشمي رفسنجاني، وتعد شركة مبنا شركة صناعية كبيرة مختصة بقضايا الطاقة ونقل المواد عبر سكك الحديد وتصنيع معدات التوربين والصناعة النفطية والغازية، ويعين مديرها العام من وزارة الطاقة الإيرانية، والمدير التنفيذي لهذه الشركة يدعى عباس علي آبادي، وكان سابقًا في حكومة أحمدي نجاد معاون وزير الطاقة، ومن المقربين لقائد قوات الحرس الثوري الإيراني السابق محمد علي جعفري، وهو عضو غير رسمي في قوات الحرس الثوري الإيراني، وسابقًا كان يترأس جامعة مالك الأشتر التابعة لوزارة الدفاع والقوات الإيرانية المسلحة، وهو المدير العام لشركة مبنا من عام 2009 حتى الآن، وللشركة مكاتب في البصرة وبغداد وأربيل، والطرف المعني بنشاطاتها هي وزارة الكهرباء في العراق، وبجانب النشاطات الرئيسة لهذه الشركة تمت إحالة بعض المشاريع بشكل مقاولات إلى بعض الشركات الإيرانية التابعة مثل “سباصد” و”مقر خاتم الأنبياء”، وقد أعلنت هذه الشركة بدء تنفيذ مشروع محطة الطاقة الكهربائية في منطقة الرميلة في مدينة البصرة بكلفة 2.5 مليار دولار.
3. شركة “تك إيستا جنوب”: هذه الشركة تابعة لفيلق القدس وتقع في منطقة أبو غريب جنوب مطار بغداد، وتعمل هذه الشركة منذ 7 سنوات في العراق، والمدير العام للشركة يدعى بازيار، ومسؤول مشروع العراق في هذه الشركة هو مسعود يارندي، وتعمل تلك الشركة تحت غطاء مشاريع الإعمار في العراق، ومشروع بناء فندق تحرير بغداد، كما أن لها عقدًا مع الحكومة العراقية لتنفيذ بعض الصبات الخرسانية في مطار بغداد، عانت هذه الشركة من بعض الإشكالات المالية والإدارية، مما جعل أعملها تعاني من الإرباك المستمر.
4. شركة أيمن سازان: الاسم الكامل للشركة هو “المهندسون الاستشاريون لأيمن سازه فدك”، وتنشط هذه الشركة في مجال المقاولات في كل من العراق وسوريا، واختصاصها العتبات المقدسة، المهندس علي تبار هو المدير التنفيذي للشركة، وشخص آخر يدعى ميرزايي يتابع أعمالها في العراق بصورة خاصة، والشركة مرتبطة بمقر خاتم الأنبياء للحرس الثوري، والمدير الرئيسي للشركة هو علايي بور، ولها مكتبان في بغداد وكربلاء.
5. شركة فلاي بغداد: وهي شركة تابعة للخطوط الجوية العراقية، تأسست مؤخرًا، وتتبع لعائلة عمار الحكيم، وتشارك عائلة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني في 50% من أسهمها، وهي تشبه فلاي الإمارات وفلاي دبي.
6. شركات متفرقة: إلى جانب ما تم الحديث عنه من شركات ومؤسسات اقتصادية واستثمارية إيرانية تنشط في العراق، فإن هناك أكثر من 900 شركة تابعة لفيلق القدس، وقد سجلت أغلبيتها بأسماء عراقيين موالين للحكومة الإيرانية للتموية وكسب الشرعية القانونية، وتعمل بصورة محلية تمامًا، كما أن هناك شركات أخرى للنظام الإيراني في العراق منها “إيسكو” و”سايبا إيران خودرو” و”بارسيان سبز” و”سسكو” و”راهيان سازندگي” و”كسرى” و”رشيد” و”تاج” و”طريق الحرير” و”توسعة أنبوب سازي باساركاد” و”بيلدر”.
يتضح مما تقدم، أنه إلى جانب الأعمال الخدمية والإعمارية والاقتصادية التي تقوم بها الشركات الإيرانية العاملة في العراق، فهي تقوم أيضًا بأدوار تجسسية واستخبارية، من أجل فرض سيطرة إيران المطلقة على الساحة العراقية، وبكل مجالات الحالة العراقية.
استطاعت إيران وبعد عملية تدمير ممنهج للمصافي النفطية في مدينة صلاح الدين العراقية، في أثناء عمليات تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، وبالتعاون مع جماعاتها المسلحة، أن ترفع صادراتها النفطية إلى العراق من 30% إلى 50% في بداية العام 2018
وتتضح الأبعاد الاقتصادية للدور الإيراني في العراق في إطار الاتجاهات الآتية:
1. الاستحوذ على الأسواق والاستثمارات الاقتصادية في العراق.
2. السيطرة على المشاريع الاستثمارية والخدمية، خصوصًا في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية ضد تنظيم داعش، فعملية التدمير الكبيرة التي شهدتها هذه المدن، وفرت ملايين الدولارات للشركات الإيرانية، فسيطرت مليشيات مسلحة تابعة للحشد الشعبي على هذه المنطقة، تتركز مهمتها الأساسية في إناطة عمليات إعادة الإعمار في هذه المدن للشركات الإيرانية مستقبلًا، إذ من خلالها ستسعى الشركات الإيرانية إلى الاستحوذ على النسبة الأكبر من عقود وصفقات عمليات إعادة الإعمار.
3. ضخ المزيد من المنتجات الإيرانية الاستهلاكية إلى الأسواق العراقية، وعدم السماح للمنتج المحلي أو المستورد من دول أخرى، بأن يأخذ حيزًا من المنافسة في الأسواق العراقية.
4. العمل على ضخ المزيد من رجال الأعمال الموالين لها، من أجل تعزيز النفوذ الاقتصادي الإيراني في الاقتصاد العراقي.
5. جعل أغلب البنوك العراقية مرتبطة بصورة أو بأخرى بالبنوك الإيرانية المنتشرة في عدة مدن عراقية، وذلك من أجل فرض الوصاية الاقتصادية على سوق الأوراق المالية، والاستفادة من فائض العملة الصعبة وتهريبه إلى إيران.
6. التحكم بعمليات تصدير البترول خصوصًا في الآبار المنتشرة على طول الحدود العراقية الإيرانية، التي تصل الاحتياطات النفطية فيها إلى أكثر من 100 مليار برميل، خصوصًا في ظل تجاهل الحكومات العراقية بعد عام 2003 لها، إذ يمتلك العراق نحو 12 بئرًا نفطية مفعلة ومشتركة مع إيران، ويصل معدل التصدير الإيراني من هذه الحقول إلى أكثر من 400 ألف برميل يوميًا قبل دخول الحزمة الثالثة من العقوبات الأمريكية على إيران التي تم بموجبها تصفير إمدادات الطاقة الإيرانية في مايو 2019، إلى جانب أن أغلب الحقول النفطية المشتركة تخضع لسيطرة إيرانية مطلقة، ويشير الكثير من الخبراء الاقتصاديين إلى أن مجموع ما يستنزف من الحقول النفطية العراقية المشتركة مع إيران يصل إلى 35 مليار دولار سنويًا، علمًا بأن تقارير سابقة بينت أن ما تستنزفه إيران يصل إلى 17 مليار دولار.
7. وعلى صعيد الصادرات النفطية، استطاعت إيران وبعد عملية تدمير ممنهج للمصافي النفطية في مدينة صلاح الدين العراقية، في أثناء عمليات تحريرها من سيطرة تنظيم داعش وبالتعاون مع جماعاتها المسلحة، أن ترفع صادراتها النفطية إلى العراق من 30% إلى 50% في بداية العام 2018.
8. سعي إيران إلى ربط تحركاتها العسكرية التي تجري على الأرض بأهدافها الاقتصادية، من خلال مشروعها المتمثل بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، وذلك بمد أنبوب لتصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر الأراضي العراقية مرورًا بالمناطق السورية التي تقع تحت سيطرتها، ومن طرطوس إلى أوروبا.
9. زيادة فرص التحايل الإيراني على العقوبات الدولية من خلال البوابة الاقتصادية العراقية.
10. الدفع باتجاه طرد كل رؤوس الأموال الأجنبية المنتشرة على الساحة العراقية، من خلال عمليات التهديد والابتزاز التي تقوم بها المليشيات المسلحة المنتشرة هناك.
11. سعي إيران إلى توظيف أغلب التشريعات الحكومية العراقية الخاصة بقوانين الاستيراد والتصدير، من خلال الاكتفاء بشهادة المنشأ، دون أخذ عينات من البضائع المستوردة وفحصها في مراكز القياس والسيطرة النوعية، وهذا الأمر أدى إلى تكدس كبير للبضائع الإيرانية على الحدود مع العراق، بحيث أغرقت إيران السوق العراقية بكل منتجاتها، ولم تقتصر هيمنة البضائع الإيرانية على مناطق بغداد وجنوب العراق، وإنما تعدت ذلك إلى المناطق الشمالية التي كانت تشهد وجودًا اقتصاديًا تركيًا ملحوظًا في مرحلة ما قبل ظهور تنظيم داعش.
12. سعيها إلى تحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد منتج إلى اقتصاد مستهلك، وذلك من أجل تعزيز نتيجة الهيمنة المطلقة على كل الجوانب الصناعية الغذائية وغيرها، وعلى الرغم من عدم إقبال المستهلك العراقي على البضائع الإيرانية، إلا أنه نتيجة لغياب المنافسة من الدول الأخرى، يجد المواطن العراقي نفسه مرغمًا على شرائها لعدم توافر البديل.
13. وعلى مستوى قطاع الخدمات، فقد وصل معدل استيراد العراق للطاقة الكهربائية من إيران إلى 6 مليارات دولار سنويًا، أما قطاع النقل والموصلات، فيظهر هيمنة إيرانية واسعة فيما يتعلق بالرحلات البرية والجوية، إذ تهيمن شركات النقل البري الإيراني على مجمل عمليات النقل البري التي تجري بين البلدين، أما النقل الجوي فيظهر سيطرة واضحة للخطوط الجوية الإيرانية، حيث يصل معدل الرحلات اليومية بين العراق وإيران إلى 120 رحلة يومية، ويحصل العراق على 30% فقط من عوائد النقل، فيما يذهب الباقي إلى الخزينة الإيرانية.
14. أما على مستوى السياحة والفندقة، استثمرت الشركات السياحية المملوكة لإيران بشكل كبير في إدارة مراسيم الزيارة إلى كربلاء والنجف، لضمان إنفاق الزوار الإيرانيين مبالغ أقل من أي زائر آخر، كما تم التشجيع على الاستثمار من القطاع الخاص الإيراني في المدينتين المقدستين، مثل بناء الفنادق، وبالتالي أصبحت الجهات الفاعلة في تلك المدينتين هم إيرانيون، فقد استطاع المستثمرون الإيرانيون الهيمنة على مجمل قطاع الفندقة في مدينتي كربلاء والنجف، سواء من حيث الإدارة والأيدي العاملة، إذ سعت إيران إلى الدفع بالكثير من رجال أعمالها للهيمنة على المشاريع الكبرى في مدينتي كربلاء والنجف، لتشكل فيما بعد ورقة ضغط حيال أي تسويات تتعلق بنفوذها في العراق، ففي العام 2016 دخل ما يقارب نصف مليون إيراني إلى العراق في أثناء إحياء مراسيم عاشوراء في كربلاء، من دون تأشيرات الدخول، وتكررت هذه الحالة في الأعوام التي تلتها، بالإضافة إلى إدخال الكثير من البضائع المهربة، من أجل تقويض عملية النمو في هاتين المدينة، فالوافدون إلى كربلاء والنجف من الإيرانيين لا يعانون من غلاء الأسعار، فهناك تخفيض يشهده هؤلاء الزوار في أجور السكن والمواد الغذائية، فضلًا عن وسائل النقل من وإلى العراق، كذلك يحرص الوافدون إلى العراق من الزائرين إلى عدم تسريب عملتهم المحلية الإيرانية في العراق، لا سيما أن القنصليات الإيرانية الموجودة في الأماكن المقدسة، تلعب دورًا اساسيًا في تنفيذ هذه البرامج.
15. قيام إيران بتغيير مجرى نهر الكارون المقابل للجانب العراقي، المحمل بالكثير من المخلفات النفطية ومخلفات مشاريع البزل وغيرها، مما أدى إلى موت الملايين من أشجار النخيل، وبعد أن كان العراق ينتج ثلاثة أرباع محصول التمر الإجمالي في العالم، أصبح حاليًّا يأتي بعد مصر وإيران والسعودية في ترتيب الدول المنتجة، نظرًا لما يعانيه من تراجع شديد في إنتاج التمور، بسبب السياسات الإيرانية، إلى جانب خسارة العراق للكثير من ثروته السمكية، لتفرض إيران يدها على هذه القطاعات أيضًا.
16. وكإحدى آليات فرض الهيمنة الاقتصادية على العراق، من أجل تعزيز نفوذها الاقتصادي في العراق، تقوم إيران بين الحين والآخر عن طريق مناصريها في العراق، إلى الدعوة بمقاطعة البضائع العربية والأجنبية الموجودة في السوق العراقية رغم ندرتها، هذا إلى جانب تصفية الكثير من تجار الجملة الذين لا يتعاملون مع الشركات الإيرانية، أو على الأقل لا يستوردون البضائع الإيرانية، من أجل خلق طبقة تجارية تتعامل مع السوق والشركات الإيرانية فقط.
بالمجمل، فإنه نتيجة لابتلاع الاقتصاد الإيراني للاقتصاد العراقي، من خلال دخول الشركات والمستثمرين الإيرانيين إلى العراق، أصبحت عبارة “ساخت إيران” وتعني “صنع في إيران” هي الأكثر شيوعًا وشهرةً بين المنتجات في السوق العراقية، وهي العبارة التي تسعى إيران إلى جعلها الماركة الوحيدة المهيمنة والمتحكمة بالسوق العراقية، ولا يمكن إغفال أو تجاوز هذه العبارة، خاصةً بعد توغل التجار والمستثمرين الإيرانيين في السوق العراقية وابتلاعهم لها.