ذكر الدكتور علي الوردي في احد كتبه قصة لطيفة حيث قال فيها(رأيت ذات يوم رجلا من العامة يستمع الى خطيب وهو معجب به اشد الاعجاب. فسألته : ماذا فهمت؟ اجابني وهو حانق: وهل استطيع ان افهم ما يقوله هذا العالم العظيم! ) مع الاسف اننا الان اتجاه حكومتنا قد نكون مثل هذا الرجل الذي اعتقد انه مسكين فأما ان نكون لم نبلغ من الرقي الفكري بحيث نستطيع ان نفهم ما تقوم به هذه الحكومة أوان ماتقوم به حكومتنا لايمكن للعقل البشري استيعابه وتصديقه ففي كل مرة تقوم هذه الحكومة ممثلة بدولة رئيس الوزراء بافتعال ازمة معينة وتركب موجتها ثم تنتهي هذه الازمة بالمليارات من الخسائر المادية وبالمئات من الخسائر البشرية ثم ماتلبث تلك الحكومة حتى تبحث لها عن ملف تحاول استغلاله لكسب بعض التأييد الشعبي والذي بدأ ينحسر شيئا فشيئا ولم يبق من المؤيدين لهذه الحكومة الا من البعض الذي مازال يعيش بنظرية (بخت حكومة) ونظرية (ذبها براس عالم واطلع منها سالم) واخر ما تحاول الحكومة استغلاله لتحقيق بعض المآرب هو موضوع الموازنة لعام 2014 والتي من المفروض ان تكون الان بين اروقة مجلس النواب وتحت انظار اللجان المختصة ولكن مع الاسف وكعادتها في فعل كل ما من شأنه ارباك الوضع في البلد قامت الحكومة بتأخير ارسال الموازنة للمجلس وبحجج واهية وانها غيرمكتملة وتحتاج الى تدقيق وغيرها من الاسباب التي لا تصمد امام النقد غير ان الحقيقة والتي لاتخفى على كل منصف ان هناك اسبابا جوهرية وراء هذا التأخير والتي استطيع ان اجملها بعدة نقاط وهي :
1. ان التأخر في ارسال الموازنة هو لغرض ارسالها في وقت ضيق يكون فيه البرلمان بين التصويت عليها وبين نهاية الدورة الانتخابية وبالتالي يتم تمريرها بطريقة تسمح بغض النظر عن الكثير من المطبات التي فيها .
2. استخدام الموازنة وتأخر مجلس النواب في التصويت عليها كذريعة لتأليب الشعب على السلطة التشريعية وان هذه السلطة غير مهتمة بمصلحة الشعب والطبقات الكادحة فيه وبالتالي يعلو كعب الحكومة .
3. تضمين الموازنة بعض الامور والتي يعتقد الشعب انها لخدمته وتصب في مصلحته وهي نفس الوقت مما لايمكن الموافقة عليه باي حال من الاحوال من قبل الكتل السياسية وفي نفس الوقت توافق عليها كتلة الحزب الحاكم وبذلك يزداد عدد المؤيدين لكتلة الحكومة .
4. تضمين الموازنة بعض الفقرات التي تثير الاختلاف والرفض من بعض الجهات وبالتالي اشغال اعضاء مجلس النواب والهائهم بها وعدم التفاتهم لقواعدهم الشعبية والتحضير للانتخابات .
5. تضمين الموازنة مواد وفقرات وموارد صرف قد يكون تطبيقها يجر متاعب اقتصادية على المواطن وفي نفس الوقت تسخير الماكنة الاعلامية لغرض ايهام الناس بان الكتل السياسية لاتريد مصلحة الشعب وهمها فقط مكاسبها .
6. هناك توجه كبير داخل الاوساط السياسية مدعوما بالرأي الشعبي برفض تجديد الولاية لدولة رئيس الوزراء وهذا التوجه شبه ان اقتنعت به الحكومة لذلك فيه ستقدم على تحرير موازنة تثقل كاهل الحكومة القادمة .
7. جعل الاوساط الشعبية ومنابر الجمعة تنشغل بموضوع الموازنة وضرورة اقراراها وبالتالي تنشغل هذه الجهات من التعرض لأخطاء الحكومة وتخبطها في كثير من اجراءاتها طيلة مدة حكمها في الثمان السنوات الماضية.
8. محاولة ارباك الوضع الشعبي من خلال التأخر بإقرار الموازنة في مجلس النواب لان الاعضاء ومن خلال عملهم في اللجان البرلمانية يريدون دراسة الموازنة بكل فقراتها وعدم تمريرها بطريقة مستعجلة وما سيسببه التأخير من مشاكل اقتصادية خصوصا دفع الرواتب وغيرها من المستحقات وفي نفس الوقت تسخير اعلام الحكومة ومحاولة اقناع السذج من الناس بأن لاجدوى من الخروج للانتخابات وبذلك يتحقق العزوف الذي تريده الحكومة الحالية .
9. ايصال ارسال الى الجهات الخارجية وخصوصا الدول التي تريد الانفتاح الاقتصادي مع العراق ان تتريث باتخاذ قراراتها الاستثمارية في البلد خوفا من عدم دفع المستحقات بسبب تأخر المصادقة على الموازنة .
10. كما عودتنا الحكومة الرشيدة بافتعال الازمات ومحاولة اشغال الراي العام الشعبي فاعتقد ان الموازنة واحدة من تلك الازمات وقد تكون اخرها في عمر الحكومة ان شاء الله .