لايزال الخط والمسار العام لمحادثات فيينا ليس غير واضحا بل وحتى غامضا ومجهولا خصوصا وإن تشابك الاحداث والتطورات الدولية بعد الانسحاب الامريکي المفاجئ من طهران وعودة طالبان لأفغانستان وقبل ذلك تنصيب ابراهيم رئيسي کرئيس للجمهورية، الى جانب الصعوبات الجمة التي باتت طهران تواجهها في مجال تدخلاتها في بلدان المنطقة ولاسيما بعد تزايد الرفض الشعبي لها ليس من جانب شعوب المنطقة فقط وإنما من جانب الشعب الايراني نفسه، تلقي بظلالها السوداء بصورة وأخرى على تلك المفاوضات التي صار المفاوضون الدوليون يشعرون بالسأم والضجر من الاسلوب والنمط الذي يتبعه النظام الايراني في المفاوضات والذي يثير الکثير من الشکوك حياله.
الضجر والتبرم الدولي من أسلوب المطاولة واللف والدوران الذي تتبعه طهران في محادثات فيينا صار يطفو على السطح ولم يعد بالامکان إخفائه ولعل ماقد کتبته صحيفة بوليتكو يوم الجمعة، 20 أغسطس، من أن المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي، وفي رده على سٶال: هل يعتقد أنه سينجح في مهمته لإحياء الاتفاق النووي ، فأجاب بالقول، إن هذه علامة استفهام كبيرة. لکن لم يتوقف الامر عند هذا الحد إذ وقبل ذلك بيوم، أصدرت الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة)، يوم 19 أغسطس 2021، بيانا مشتركا للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن انتهاك النظام الإيراني للاتفاق النووي مٶخرا، مطالبة فيه بوقف أنشطتها فورا. خصوصا وإن البيان أشار الى أن إيران أنتجت لأول مرة ما يصل إلى 20 في المائة من معدن اليورانيوم المخصب وزادت بشكل كبير من قدرتها على إنتاج اليورانيوم المخصب إلى 60 في المائة. ونوه البيان الى أن كلا الإجراءين هما خطوتان أساسيتان في تطوير أسلحة نووية، ولا يوجد لدى إيران حاجة مدنية موثوقة لأي منهما. وتتفاقم مخاوفنا من حقيقة أن إيران قيدت وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالانسحاب من الترتيبات التنظيمية المتفق عليها في الاتفاق النووي وتعليق تنفيذ البروتوكول الإضافي.
المواقف الامريکية والاوربية التي أشرنا لها آنفا، يضاف إليها القلق الروسي والصيني أيضا من عدم الوضوح الايراني والاستمرار في اسلوب ملتو في المفاوضات النووية، تٶکد بأن المجتمع الدولي بدأ يطفح به الکيل مع طهران، وإن الاسلوب المتبع لحد الان مع طهران هو توجيه التحذيرات والتنبيهات لها من أجل ردعها وحثها على الاستجابة للمطالب الدولية ولکن المشکلة التي يبدو إن المجتمع الدولي لايفهمها ويعيها هو إن هکذا لغة وهکذا اسلوب لايمکن أن يکفي أبدا لردع النظام الايراني وإن على المجتمع الدولي فيما لو أراد فعلا أن يردع هذا النظام أن يغير هذا الاسلوب الى نمط واسلوب عملي يمکن أن يترجم على أرض الواقع ويترك أثرا على طهران!