19 نوفمبر، 2024 3:34 م
Search
Close this search box.

سفينة “المازوت” الإيرانية تكشف .. عورات “حزب الله” وطهران في لبنان والعراق !

سفينة “المازوت” الإيرانية تكشف .. عورات “حزب الله” وطهران في لبنان والعراق !

وكالات – كتابات :

لم يكن إعلان الأمين العام لـ (حزب الله)، السيد “حسن نصرالله”، يوم الخميس الماضي؛ استقدام سفينة وقود إيرانيّة بعيدًا من مشهد دوليّ وإقليميّ، ترفع فيه “إيران” حدّة المواجهة مع “الولايات المتحدة”، بما أنّ القطاع النفطيّ الإيرانيّ خاضع لـ”العقوبات الأميركية”.

كيفية رد “واشنطن” على هذه الخطوة، لو تحققت، أو حتى معرفة ما إذا كانت ترغب بالرد أساسًا، قد تكشف عنهما الأيام والأسابيع المقبلة.

بالتوازي، كان الحزب يروّج لسردية سياسية، على خلفية المشاهد الأفغانية، مفادها أنّ “إيران” لا تتخلى عن حلفائها؛ حتى ولو كانت تحت العقوبات، في مقابل تخلي “الولايات المتحدة” عن حلفائها، كما حدث مع “كابول”. لكن في هذا الإعلان المزيد من المضامين السياسية.

اختبار الانتفاضة اللبنانية..

شهد (حزب الله) ضغوطًا كبيرة، بعد انتفاضة 17 تشرين أول/أكتوبر 2019، حين نزل المنتفضون اللبنانيون إلى الشارع لإسقاط كامل قوى السلطة. لم يكن بإمكان الحزب إنكار وجود مطالب شعبية محقة بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية، لكنّه بالمقابل لم يرد أن تتمدّد التظاهرات لتطال بيئته الشيعية المباشرة، كما لم يرد أن تنهار الحكومة التي كان راعيها؛ والتي شكّلت مظلّته الشرعية.

بمرور الوقت، ومع عدم قدرة المتظاهرين على تنظيم أنفسهم ومع تنفيس استقالة رئيس الوزراء، “سعد الحريري”، غضب الشارع، وبالتوازي مع شنّ مناصري الثنائي الشيعي: (حزب الله؛ وحركة أمل)، اعتداءات على المتظاهرين في وسط “بيروت”، خمدت الاحتجاجات. لكن منذ ذلك الحين، راحت البلاد تدخل أزمة اجتماعية واقتصادية أعمق، أوّلاً في ظلّ حكومة الرئيس، “حسان دياب”، ولاحقًا بعد استقالتها على خلفيّة انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020.

في بداية التظاهرات، وعد “نصرالله”، محازبيه ومناصريهم؛ بأنّهم لن يجوعوا. وقال إنّه قد يأتي يوم لا تستطيع الدولة فيه دفع رواتب موظفيها، لكنّ الحزب سيظلّ قادرًا على تحويل الرواتب إلى مقاتليه وعائلاتهم.

وسرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر مناصرين للحزب يستعرضون ملايين الدولارات؛ في إشارة إلى قوّة الحزب المادية. لكن مع اشتداد الأزمة، خصوصًا في الأشهر القليلة الماضية، انتشرت مقاطع فيديو أخرى تُظهر مناصرين للحزب يقولون: “نحن جعنا يا سماحة السيّد”؛ وإنّهم غير قادرين على تأمين حاجاتهم اليوميّة.

حدث ذلك حين كان الدولار يساوي: 11 ألف ليرة، بينما هو في الأسابيع الأخيرة؛ عند حدود: 20 ألفًا.

اهتزازات في شعبية “حزب الله”..

في وقت وصل التململ إلى بيئة الحزب المباشرة، كان الأخير يُعاني من انتكاسات في شعبيّته داخل الطوائف الأخرى.

شكّلت حادثة قرية “شويّا” الحدوديّة، التي أوقف فيها مواطنون، من طائفة “الموحّدين الدروز”؛ راجمة صواريخ تابعة للحزب بعد عودتها من قصف مراكز إسرائيلية في “مزارع شبعا”، حدثًا غير مسبوق؛ بالرغم من لملمة تداعياته سريعًا. سبق ذلك قتل أحد أفراد عشائر “عرب خلدة”؛ عنصرًا من (حزب الله)، خلال وجوده في أحد الأعراس، على خلفيّة قتله أحد أطفالهم خلال مواجهات حدثت، في 2020، بين العشائر و)سرايا المقاومة)، المقرّبة من (حزب الله). وهاجمت العشائر مجددًا موكب التشييع التابع للحزب في اليوم التالي، على خلفية ما وصفته بأنّه: “استفزاز” لمشاعرها.

أبعد من ذلك، يواجه “غطاء حزب الله المسيحيّ”، أي (التيار الوطني الحر)؛ تآكلاً في شعبيته بسبب سوء أدائه الحكوميّ. جيّر “التيّار” شعبيّته المسيحيّة الواسعة؛ التي حظي بها بعد انتخابات 2005، (حوالي: 70% من الأصوات)، لفكّ عزلة الحزب داخليًا وتأمين شرعية له في الخارج. لكنّ هذه الشعبية تآكلت إلى حدٍّ كبير حتى قبل اندلاع الأزمة.

حصل (التيار الوطني الحر) على: 25.1% من أصوات المسيحيين، (على أساس احتساب الصوت التفضيلي)، بينما حصدت القوات: 23.1%؛ من الأصوات نفسها، في انتخابات 2018.

وفي دراسة للخبير في استطلاعات الرأي، “كمال فغالي”، انخفض تقييم المسيحيين لـ”نصرالله” إلى النصف.

ففي حين كان يحصل على معدّل يتراوح بين: 4.5 و5 نقاط من عشرة، أصبح في الاستطلاع الأخير يحصل على تقييم يتراوح بين: 1.8 و2.5 في البيئة المسيحية.

هذا التململ الشعبيّ من أداء الحزب، وإن كان مختلفًا، بحسب اختلاف الطوائف، يبقى أمرًا واقعًا في الحياة السياسيّة اللبنانية. وإظهار الحزب قدرته على: “إنقاذ” لبنان؛ أو: “التخفيف من أعباء الأزمة”؛ يُفترض بحساباته أن يخفّف من هذا التململ، على الأقلّ داخل بيئته. لكنّ قلق الحزب ليس داخليًا صرفًا.

قلق إيران و”حزب الله” في المنطقة..

تعاني “إيران”، في المنطقة، من تآكل كبير في صورتها. ولعلّ هذا ما يمكن تلمّسه تحديدًا بين شيعة “العراق”؛ الذين سعت إلى ترسيخ نفوذها في بيئتهم بعد إسقاط “واشنطن”، “صدام حسين”، سنة 2003.

ومع مشاركة فصائل موالية لـ”إيران”، في (الحشد الشعبيّ) ضد (داعش)، ارتفع التأييد الشيعيّ العراقيّ للدور الإيرانيّ بشكل كبير. لكن منذ انتصار “العراق” على (داعش)، تراجع هذا التأييد إلى حد بعيد.

تُشير دراسة لـ”المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية”؛ إلى العديد من الأسباب التي أدت إلى تآكل الصورة الإيرانية الإيجابية لدى العراقيين.

فوفقًا لـ”المعهد المستقل لدراسات الإدارة والمجتمع المدني”، كان لـ 70% من العراقيين نظرة إيجابية لـ”إيران”، في 2017. لكن بحسب المعهد نفسه، انخفضت هذه النسبة، في أواسط 2020؛ إلى: 15%.

وهذا أحد عوامل قلق “إيران” و(حزب الله)، في المنطقة. يرتبط هذا التراجع بالقتل الذي مارسته الميليشيات الموالية لـ”إيران” بحق المتظاهرين، لكنّه يعود أيضًا إلى أسباب سابقة تتعلّق بحكم الساسة المقرّبين من “طهران”؛ كما بتجذّر الميليشيات الموالية لـ”إيران” في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية للبلاد ممّا عمّق مشكلة الفساد.

الجميع يتخلى عن “طهران”..

أدّى ذلك، بحسب المعهد الألمانيّ نفسه؛ إلى قياس عدد من القادة السياسيين هذه الموجة الشعبية الجديدة المناوئة لـ”إيران” والتكيّف معها، كما حدث مع الزعيم، “مقتدى الصدر”، الذي كان أبرز من قاتل القوات الأميركية، منذ 2003، قبل أن يقدّم نفسه كوطنيّ براغماتيّ.

ومنذ اغتيال القائد السابق لـ (فيلق القدس)، “قاسم سليماني”، انتقد “الصدر”، “إيران”، علنًا، من وقت إلى آخر، في محاولة: “للّحاق” بالتغيّر في موقف الشعب العراقي؛ الذي طالب بتدخّل إيراني أقل في بلاده. حتى رئيس الوزراء العراقي السابق، “نوري المالكي”، يبدو وكأنّه يُبعد نفسه عن “إيران” وسط جهود لكسب الدعم الشعبيّ من أجل تولّي رئاسة الحكومة مجددًا. ووصل به الأمر إلى أن يقول: “إنّ معارضة المحور (الأميركي-الإسرائيلي-السعودي) لا تسمح لإيران بالتدخل في العراق”.

ويبدو أنّ صورة “إيران” ليست أفضل حالاً بين شيعة “العراق”. ففي استطلاع رأي حديث نسبيًا، لـ”المعهد المستقل لداراسات الإدارة والمجتمع المدني”، وهو فرع شرق أوسطيّ لمؤسّسة (غالوب) البارزة، يرى: 82% من شيعة “العراق”؛ أنّ “إيران” تلعب دورًا سلبيًا في “العراق”.

وكان رئيس المعهد، “منقذ داغر”، قد تحدّث، في حزيران/يونيو 2020؛ عن أنّ العراقيين لا يفضّلون “إيران” أو “الولايات المتحدة”: “لكن للمرة الأولى، منذ فترة طويلة؛ نرى تفضيلاً للولايات المتحدة بين العراقيين على حساب إيران”.

صعود “الكاظمي” وتأكل شعبية “طهران” في العراق..

علاوة على كل ذلك، لا يمكن إغفال التحوّل الكبير الذي عبّر عنه وصول، “مصطفى الكاظمي”، إلى رئاسة الحكومة العراقيّة.

فـ”الكاظمي” نفسه؛ كان عرضة لانتقادات إيرانية، بسبب دوره المفترض في تسهيل اغتيال “سليماني”، بحسب الاتهامات الإيرانية. بناءً على تلك الاتهامات، كان قبول “طهران” ومناصريها بوصول “الكاظمي” إلى الحكم؛ تسليمًا بالتحوّل الشعبيّ العراقيّ على مستوى النظرة إلى “إيران”.

إنّ تراجع شعبية “طهران”، في دولتين استثمرت فيهما، “إيران”، الكثير، خلال السنوات بل العقود الماضية؛ لا يدعوها إلى التفاؤل بقوّتها الناعمة أو حتى الصلبة في المنطقة.

إلى جانب هذا الوضع، تعاني “إيران” نفسها من غياب للاستقرار بسبب التظاهرات الكثيرة التي بدأت تشهدها، منذ سنة 2017، وكانت آخرها تظاهرات الأحواز، التي إنطلقت أواسط تموز/يوليو الماضي. حتى انتفاضة 17 تشرين أول/أكتوبر اللبنانية؛ تزامنت مع انتفاضة عراقية أخرى ضد النفوذ الإيراني، في 2019.

ثمّة تحليل رائج مفاده أنّه عادة ما تكون السياسة الخارجية وجهة صنّاع القرار للتغطية على أخطائهم في الداخل. قضيّة “النفط الإيرانيّ” المتوجّه إلى “لبنان”، بما فيها من محاولة: “إنقاذ” اقتصادي، والأهمّ، بما فيها من تحدٍّ واستعراض للقوّة في مواجهة عدوّ خارجيّ، تناسب هذا التحليل.

لكنّ نجاح هذه المحاولة من عدمه مسألة أخرى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة