نلمس بوضوح محاولات التحريف الكبيرة على عاشوراء, والتي تقوم بها جهات مشبوهة مستعينة بالجيوش الالكترونية, لما لها من قدرة على التأثير في زمن الواي فاي, والهدف هو التشويش على قضية الامام الحسين (ع), وزرع قناعات مغلوطة في عقول البعض عن النهضة الحسينية, انها حرب مستمرة ضد ابا عبدالله (عليه السلام), بدأها يزيد بن معاوية واكملها اتباع فكر بني امية في الالفية الثالثة, والغريب ان بعض المحسوبين على المثقفين لا يلزم الصمت, بل يمارس الطعن عبر كتابات ممنهجة ضد نهضة الامام الحسين, كما كان يفعلها كتاب السلطة البعثية في الثمانينات, عندما كان همهم تعظيم وابراز للدور الاموي في بناء الامة الاسلامية, وان الحاكم الاموي يزيد كان مجتهد, ان اصاب له حسنتان, وان اخطاء له حسنة!
فيجعلون من قتل الامام الحسين اجتهاداً ممدوحاً للخليفة الاموي يزيد, ولا يتوقفون عند هذا الحد بل يقولون وله حسنة على قتل الامام الحسين! في طريقة تفكير ساذجة ومنحرفة, تبنى على قواعد وهمية كاذبة.
هنا يأتي دور الكتاب في التصدي لجيش يزيد في الحاضر, فيجب توضيح اهداف النهضة الحسينية, ووضاعة وخسة من وقف ضدها, فهي حركة لإنقاذ الاسلام من حركة التشويه الممنهجة التي اقدم عليها الامويين بهدف تسخين الدين لخدمة ال امية, وكانت اثار معاوية هي الاخطر على الاسلام, مما يثبت انهم لم يتركوا عدائهم للإسلام, ملتزمين بوعودهم لليهود بتدمير بناء الاسلام المحمدي.
سنحاول في هذه السطور فهم حقيقة الدعوى: ان المجتهد المصيب له حسنتان والمخطئ له حسنة, فالكل فائزون.
القاعدة الغريبة: “اذا اخطأ فله حسنة”!
اصل المقولة “من اجتهد فأخطأ فله أجر، ومن أصاب فله أجران، هي رواية رواها أتباع مدرسة الخلفاء، واصبحت متداولة, وعبر هذه القاعدة تم تبرأت كل مجرمي التاريخ الاسلامي باعتبار انهم اجتهدوا واخطأوا من امثال يزيد وابيه! بل وصل بهم الحال ان قالوا: “أن عبد الرحمن بن ملجم قد اجتهد فأخطأ في قتل علي، فهو مأجور أجراً واحداً على جريمته”, وكذلك حال “أبو الغادية قاتل عمار بن ياسر أيضاً قد اجتهد فأخطأ، فهو مأجور أجراً واحداً على قتل عمار”.
عندما نعود تاريخياً الى أول من طرح مقولة الاجتهاد والخطأ في الاجتهاد، لتبرير جرائم ارتكبها الآخرون هو الخليفة الأول، في قضية خالد بن الوليد وقتله للصحابي مالك بن النويرة, والذي تم قتله لانه امتنع عن الاعتراف بالحكم الجديد, ولم يتوقف خالد بن الوليد عند حد القتل بل زنا بزوجة المقتول! وعند رجوعه للمدينة طالب الخليفة الثاني وبإصرار شديد بمعاقبة خالد بن الوليد لهذه الجريمتين (القتل والزنا)، لكن أبا بكر أطلق في هذه المناسبة بالذات كلمته المعروفة: «تأول فأخطأ» أو «اجتهد فأخطأ», ثم جاء من روى حديثاً يجعل لمن أصاب في اجتهاده أجرين، وللمخطئ أجراً واحداً، كما رواه عمرو بن العاص، وأبو هريرة, ومعروفة سيرة هؤلاء الرواة (بن العاص وابو هريرة) في التدليس والكذب, ومواقفهم ضد الحق لا تخفى على العاقل الواعي.
فجاءت هذه المقولة لتبرر كل الجرائم التي حصلت بعد فعلت بن الوليد, ليجد يزيد تبريرا حاضرا لفعلته الشنيعة, ويصبح قتل الحسين اجتهاد وله حسنة على فعله! اي جنون هذا الذي يمارسه من يدعون الاسلام! فذبح الرضيع بسهم هو اجتهاد وصاحبه يؤجر عليه, وسبي بنات رسول الله اجتهاد ويؤجر صاحبه عليه! انه عالم الزومبي والهوس في الدفاع عن القتلة, وتبرير جرائمهم بنصوص جعلوها مقدسة لا تقبل النقد, وهذا النص احدها.
يزني الشخص او يقتل او يشرب الخمر او يسرق, فيأتي هذا النص فيصبح له اجر على فعلته.
نعم قد يكون للمجتهد العالم اجراً للتعب والجهد في استنباط الحكم حتى مع الخطأ, مقابل جهده وتعبه في البحث والتتبع وتمحيص المسائل, فالله عز وجل لا يضيع جهد العلماء الحقيقيون السائرون على نهج الرسول الخاتم (ص), فيكون تخصيص المقولة بالعلماء الاخيار المجتهدون, وليس بكل من هب ودب لتكون حصانة لكل مجرم ومحتال.
فالقاتل قاتل, والزاني زاني, والسارق سارق, لا عذر لهم ولا حصانة, ويستحقون العقوبة والتنكيل.