20 نوفمبر، 2024 4:17 م
Search
Close this search box.

الأكراد والكابوس الأفغاني .. هل تنتظر “أربيل” دورها في “الخذلان” الأميركي ؟

الأكراد والكابوس الأفغاني .. هل تنتظر “أربيل” دورها في “الخذلان” الأميركي ؟

وكالات – كتابات :

تجددت المخاوف على الصعيدين، السياسي والشعبي؛ في “إقليم كُردستان العراق”؛ من: “خذلان أميركي” آخر للأكراد على غرار تداعيات الانسحاب من “أفغانستان”، في ظل تشابه للأوجه بين الملفين، وسط دعوات إلى تعزيز سلطة مؤسسات الدولة والقضاء على الفساد.

وأنهارت قوات الحكومة الأفغانية، في وقت سابق من الشهر الحالي؛ بوتيرة سريعة أمام مسلحي حركة (طالبان)، التي ختمتها قبل أيام بالسيطرة على العاصمة، “كابول”، بعد انسحاب الجيش الأميركي إثر احتلال دام نحو 20 عامًا.

هذه التطورات أثارت سجالات حامية في الوسط الكُردي بوجه عام، والعراقي تحديدًا؛ الذي ينظر في كثير من المواقف بعين الشك تجاه مواقف الإدارة الأميركية المتهمة بالتخلي: “عن حلفائها الأكراد”، من العراقيين، في ثلاثة شواهد تاريخية، منذ إنهيار الثورة الكُردية، عام 1975، مرورًا بأحداث فشل انتفاضة الأكراد على نظام “صدام حسين”، عام 1991، ونزوح نحو مليوني شخص نحو: “تركيا” و”إيران”، وآخرها انسحاب قوات (البيشمركة) من مناطق واسعة أمام اجتياح تنظيم (داعش)، محافظة “نينوى”؛ ومناطق أخرى من البلاد.

وعلى الرغم من أن بعضهم يرى اختلافًا جوهريًا بين الملفين: العراقي والأفغاني؛ في ما يتعلق بالمصالح الأميركية، فإن سياسيين ومراقبين يتوجسون من أوجه التشابه ونقاط الخلل المشتركة المتمثلة في غياب عقيدة وطنية في إطار جيش موحد، وتعدد الفصائل المسلحة المنقسمة وفق عقائد قومية وطائفية وفساد ينخر في جسد الدولة، مما أفقد الجندي والمواطن عقيدته الوطنية في الدفاع عن نظام متهالك، وهي إحدى نقاط الخلل التي تخشى تداعياتها قوى وساسة أكراد على مستقبل التجربة الكُردية أيضًا.

موقع جيوسياسي حامي من نفس المصير..

النائب في برلمان الإقليم الكُردي؛ القيادي في حزب (الاتحاد الإسلامي الكُردستاني)، “أبو بكر هلدني”؛ لم يُخفِ تلك الهواجس قائلاً: “أوضاعنا تشترك في نقاط عدة مع حال أفغانستان، إذ إن واشنطن فشلت في العراق كما في الإقليم، ولم تستطع إقامة حكومة شفافة وديمقراطية حقيقية؛ يمكن اعتبارها دولة المواطنة، وكل الأموال الطائلة التي أنفقتها لم ينتج منها جيش وطني بعيد من التدخلات الحزبية، ناهيك عن الفساد المستشري في حكومتي: بغداد وأربيل؛ وغياب مؤسسات مستقلة”.

واستدرك: “لكن الاختلاف يكمن في الموقع الجيوسياسي للعراق؛ تجاورنا دولة لها دور مؤثر في إدارة سياسة المنطقة، إلى جانب أمن إسرائيل الذي هو من أولويات اهتمامات واشنطن، كما أن البلد غني بالثروات الطبيعية، خصوصًا النفط، وعلى الرغم من أن الأميركيين سينسحبون مع الإبقاء على مهمات تدريب القوات، لكن نأمل بأن تتعظ الحكومتان: العراقية والكُردية؛ من التجربة الأفغانية تجنبًا لوقوع كارثة مماثلة”.

وأشار “هلدني”؛ إلى أن “واشنطن”: “خذلت الكُرد ثلاث مرات، وليس ببعيد أن تخذلنا للمرة الرابعة، فهي تنتهج مبدأ ليس هناك صداقة دائمة بل مصالح قائمة”، مشددًا على أنه: “على الرغم من المسؤولية الملقاة على الأميركيين فإن المسؤولية الأكبر تقع على حكوماتنا؛ إذا ما فشلت في تأسيس دولة ذات سيادة حقيقة ذات مؤسسات رصينة، لأن القوى السياسية الآنية فقدت شرعيتها الجماهيرية إلى حد بعيد، لاستغلالها ثروات البلاد من أجل مصالحها الحزبية الضيقة، وهي وفق المصطلح القانوني آيلة للسقوط، لكن في سيناريو مختلف”.

هذه المخاوف استحوذت على فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، وناقش مواطنون، عبر (فيس بوك) سؤالاً طرحه أحد المستخدمين للموقع: “ما الذي يمنع غدًا أو بعد غد بأن يخرج، بايدن، أو نائبه ليعلن الانسحاب بذريعة أنهم ليسوا مستعدين لحمايتنا إلى ما لا نهاية، بعد أن صرفوا المليارات لتوحيد قوات (البيشمركة)، وجعلها منظومة عسكرية محصنة، لكن الحزبين الكُرديين لم يستغلا الدعم بالشكل الأمثل”.

آجلاً أم عاجلاً..

وكتب رئيس كتلة (جماعة العدل)، في برلمان الإقليم، “عبدالستار مجيد”؛ متسائلاً: “ما الذي سينفعنا؛ فأميركا ستنسحب عاجلاً أم آجلاً، وأوضاعنا تتشابه مع أفغانستان، والبلدان يتشاركان في وجود سلطة فاسدة وميليشيات تابعة لأشخاص وأحزاب”.

وأردف: “لنحو 20 عامًا؛ أنفقت واشنطن: 88 بليون دولار لتشكيل الجيش الأفغاني، لكنه لم يقاوم شهرًا”.

ويتفق المحلل في الشؤون الكُردية، “سامان نوح”، مع “هلدني”؛ على عدم استبعاد تكرار سيناريو “أفغانستان”؛ بصيغة أخرى: “إذ على الرغم من أن العراق أكثر تماسكًا مؤسساتيًا، فإن هناك ميليشيات وإن كانت مدرجة رسميًا ضمن المنظومة العسكرية؛ تتبنى فكرًا عقائديًا، وأهدافها لا تتفق دائمًا مع الجيش، خصوصًا في مسألة احتمال إنحيازها إلى فئة بعينها تحت ظرف ما”.

وفي شأن أوجه التشابه؛ قال: “لدينا الفساد المتغلغل؛ وهو أخطر ما يُهدد الدولة، ولا يسمح بنشوء مؤسسات وطنية وقوية، ناهيك بسلبيات نظام المحاصصة الطائفي القائم هنا، فإننا يصعب أن نجد من يدافع عن النظام ككل، بل يتبع إلى طرف محدد وهنا تحدث الإنهيارات”.

وفي المقابل يستبعد سياسيون موالون للحزبين الكُرديين الحاكمين في الإقليم؛ من قدرة ميليشيات شيعية أو مسلحي تنظيم (داعش) على اقتحام الإقليم على الطريقة: “الطالبانية”، إنطلاقًا من مبدأ أن حركة (طالبان) هي جزء من النسيج الاجتماعي والعشائري والأسري للشعب الأفغاني، بينما التنظيم والميليشيات العراقية لا تملك أدوات للبقاء طويلاً في الإقليم.

وكشف “زكري موسا”، مستشار رئيس (الحزب الديمقراطي الكُردستاني)، “مسعود بارزاني”، عن أن: “ما جرى في أفغانستان حدث معنا في صيغة وظرف مختلفين، مرة عندما هاجم (داعش)، كُردستان؛ في غياب أميركي، عام 2014، وهجوم (الحشد الشعبي) لاقتحام الإقليم؛ أمام أنظار القوات الأميركية، عام 2017، وفي الحالتين نجحت قواتنا في صد الهجومين”.

تأثير محدود..

وفي هذا الجانب؛ أكد “نوح” أن: “الوجود الأميركي في العراق محدود، من حيث العدد، وتأثيره محدود أيضًا، لكنه فاعل في كُردستان، فهو يتخطى ليكون فاعلاً سياسيًا واقتصاديًا، وهو أشبه كمظلة حماية، وأي انسحاب سيخلق إنهيارات، خصوصًا في توازن المعادلة السياسية عراقيًا، وسيكون من اليسير أن تُهدد جماعات مسلحة بأي هوية كانت، تجربة الإقليم، التي تعاني فسادًا عميقًا، وهذا ما جرى في 2014؛ عندما أنهارت قوات (البيشمركة) أمام اجتياح (داعش)؛ قبل أن تتدخل أميركا وطهران لإيقاف التنظيم عن مشارف أربيل”.

ويتمتع الإقليم الكُردي بكيان شبه مستقل عن الدولة العراقية، منذ 1991، إلا أن وحدات قواته المعروفة باسم: قوات (البيشمركة)؛ ما زالت تُعاني انقسامًا وفق إنتماءات حزبية، خصوصًا بين الحزبين الرئيسيين الحاكمين، (الديمقراطي)؛ بزعامة “مسعود بارزاني”، و(الاتحاد الوطني)؛ الذي كان يتزعمه الراحل، “جلال طالباني”، على الرغم من صدور قرارات تشريعية ووجود وزارة لـ (البيشمركة)، والدعم المقدم منذ سنوات ضمن مبادرة من قبل “التحالف الدولي”؛ بقيادة “الولايات المتحدة”.

ورأى المحلل، “عارف قورباني”؛ أن مخاوف وتداعيات الانسحاب الأميركي ستقع على الإقليم حصرًا، معللاً ذلك إلى: “اختلاف المشهد مع أفغانستان” مع وجود ميليشيات شيعية تدعمها “إيران”؛ وتتبع للقوى الرئيسة الحاكمة في “بغداد”، وتطالب بالانسحاب الأميركي، عكس حركة (طالبان)؛ التي جاءت من خارج نظام الحكم.

يُذكر أن القوات العراقية تساندها قوات (الحشد الشعبي) الشيعية؛ خاضت أواخر 2017، قتالاً ضد القوات الكُردية، وتمكنت من استعادة مناطق شاسعة تعرف باسم: “المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد”، عقب تنظيم الأكراد استفتاءً عامًا للانفصال عن “العراق”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة