18 أغسطس، 2025 11:51 م

من أفغانستان إلى شرق الفرات .. تداعيات الانسحاب الأميركي تُثير السيناريوهات المخفية من نفس المصير !

من أفغانستان إلى شرق الفرات .. تداعيات الانسحاب الأميركي تُثير السيناريوهات المخفية من نفس المصير !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

باتت منطقة “شرق الفرات” في ذعر مما يحدث في “أفغانستان” من سقوط مدوي وقف العالم أمامه مندهشًا، حيث تنتظر دورها فيما يمكن أن تُحدثه تلك التجربة من إسقاطات عليها بين لحظة وأخرى، وذلك لتشابه العوامل السياسية والعسكرية في كِلا المنطقتين، لا سيما من حيث الوجود العسكري الأميركي وحمايته العسكرية والسياسية لكِلا المنطقتين، ونظرًا لطبيعة التنظيمات السياسية والعسكرية المناهضة هناك.

ومنذ أن أعلنت الإدارة الأميركية عن قرارها النهائية بالانسحاب من “أفغانستان”، منذ أوائل شهر نيسان/إبريل الماضي، أثيرت الأسئلة حول مستقبل الوجود الأميركي في باقي مناطق العالم، وبالذات في المناطق التي تشهد حروبًا ومواجهات عسكرية، وبعضها يأخذ مناخ الحروب الأهلية، كما كان الوضع في “أفغانستان”، وهو وضع شبيه إلى حد ما بحالتي “العراق” وشمال شرقي “سوريا”.

وحذرت القياديات العسكرية والسياسية، في “الإدارة الذاتية الديمقراطية”، لشمال شرق “سوريا”، من حدوث أمر مثل ذلك، حيث قد يؤدي الانسحاب الأميركي إلى عودة سريعة لتنظيم (داعش) وغيره من التنظيمات المتطرفة بسرعة هائلة، كما أكدت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، “إلهام أحمد”، التي قالت إن مخاوف القوى السياسية والعسكرية في تلك المنطقة تزداد، خلال الفترة الأخيرة.

توقعات برفع الدعم الأميركي عن “قسد”..

ولم يستبعد “علي تمي”؛ العضو في تيار (المستقبل) الكُردي؛ أن تتخلى “واشنطن” عن دعم ميليشيات (قسد)، شمال شرق “سوريا”، إذ يتوقع “تمي”، لميليشيات (قسد)، مصيرًا أفغانيًا مماثلاً سينتهي برفع الدعم الأميركي عنها، ودلل “تمي” على ذلك؛ بكلامه مستشهدًا بزيارة نائب المبعوث الأميركي إلى “بروكسل”، منذ شهرين؛ على أمل العودة بعد أسبوع واحد فقط؛ لاستئناف التفاوض مع (قسد)؛ إلا أن “واشنطن” استدعت النائب ولم يُعد لاستكمال المفاوضات مع (قسد).

معتبرًا “تمي”؛ أن جمود حركة التفاوض بين “واشنطن” و(قسد)، منذ نحو شهرين؛ مؤشر واضح على أن إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، قد غيّرت من إستراتيجيتها إزاء التعامل مع حلفائها في المنطقة.

متوقعًا أن التغيير الحاصل في السياسة الأميركية، حيال (قسد)؛ قد يتجلى بوضوح، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مرجحًا تنازل “واشنطن” عن مناطق سيطرة (قسد) لتكون بوصاية روسية.

سيشكل صدمة أخرى في السياسة الداخلية..

وحول وجود سقف زمني محدد لتراجع “واشنطن”، يرى مدير شبكة (الجيوستراتيجي) للدراسات، “إبراهيم كابان”، أن “واشنطن” لن تكشف عن رغبتها في رفع الدعم عن (قسد)؛ إلا بعد أربعة أشهر قادمة على أبعد تقدير، ويرى “كابان” أن أي تراجع مفاجيء لـ”واشنطن”، عن دعم (قسد)، في الوقت الراهن؛ سيُشكل صدمة أخرى في السياسة الداخلية الأميركية.

علاقات عسكرية مؤطرة..

من جانب آخر؛ يرى “كابان” أن: “قوات سوريا الديمقراطية”؛ قد غيرت من إستراتيجية تعاطيها مع “واشنطن”، خاصة بعد تخلي الأخيرة عن مناطق حيوية لصالح “تركيا”؛ مثل: “تل أبيض” و”رأس العين”، في عهد الرئيس الأسبق، “دونالد ترامب”، وعليه يعتقد “كابان” أن (قسد) لا تعوّل على “واشنطن”، خاصة وأن العلاقة بين الطرفين كانت عسكرية ومؤطّرة بهدف: “مكافحة الإرهاب”، على حدّ قوله.

تختلف عن حلفاء واشنطن في سوريا..

وعرّج “كابان” إلى احتمال تصاعد الدور الفرنسي في الضغط على “واشنطن”؛ لضمان ديمومة دعمها لصالح (قسد)، مشيرًا إلى أن الأخيرة تتمتع بعلاقات ثنائية متينة مع “باريس”. وفي ذات السياق، يعتبر “كابان” أن ما يحدث في “أفغانستان” اليوم؛ وتعاطي “واشنطن” معه؛ مختلف كليًا عن حلفاء “واشنطن” في “سوريا”.

يتشابه مع سيناريو “عفرين..

وفيما يتعلق بسيناريوهات الانسحاب الأميركي من مناطق شمال شرق “سوريا”، يرى “علي تمي”؛ سيناريو مشابهًا لسيناريو مدينة “عفرين”، التي سرعان ما وقعت في يد سيطرة فصائل المعارضة السورية، المدعومة من قبل “تركيا”. ويرى “تمي” أن (قسد) لن تدوم لساعات ما إن قررت “واشنطن” الانسحاب، وفق تعبيره.

وعرّج “تمي”، خلال حديثه لـ (أورينت نت)؛ عن أن هناك معلومات غير مؤكدة، حتى اللحظة؛ تتحدث عن محاولات “واشنطن” استقدامها فصائل عربية إلى منطقة “شرق الفرات” لتسليحهم، مشيرًا أن: “الموضوع مازال غامضًا”.

وجود مؤقت.. وتوقعات بضغط فرنسي..

فيما استعرض مدير مركز (الجيو إستراتيجي) للدراسات، “إبراهيم كابان”؛ عددًا من الأطراف الإقليمية الفاعلة التي تجمعها علاقات متينة بـ”قوات سوريا الديمقراطية”، فالأخيرة تُدرك تمامًا أن الوجود الأجنبي مؤقت ليس سوى لمكافحة الإرهاب.

في حين توقع “كابان” حصول ضغط فرنسي على “واشنطن” لإطالة قرار رفع دعمها اللوجيستي عن “قوات سوريا الديمقراطية” إلى حين آخر، مؤكدًا على عدم حدوث تغيير أو طاريء قد يحدث فرقًا في مستقبل (قسد) في المنطقة.

في الوقت ذاته، جزم “كابان” أن “واشنطن”، وإن فكرت بالانسحاب من المنطقة، لكنها لن تسمح لنظام “الأسد”؛ بالعودة إلى مناطق شمال شرق “سوريا”، أو تأذن لـ”أنقرة” بالتمدد أكثر نحو مناطق سيطرة (قسد)، على حد تعبيره.

ويرى “كابان”؛ أنه ليس من المعقول أن تُجهّز “واشنطن” نحو مئة ألف عسكري بسلاح أميركي وتسلّمه إلى الروس.

من جانبه، شرح الباحث الكُردي السوري، “سامان عثمان”، لـ (سكاي نيوز عربية)، تبعات مجريات “أفغانستان” الحالية على أوضاع “شرق الفرات”؛ قائلاً إن: “تلك المجريات ستأخذ مسلكًا واحدًا من بين مسلكين، في شرق الفرات. فإذا مالت حركة (طالبان) لنوع من التوافق السياسي الداخلي، وأثبتت أنها مختلفة عما كانت عليه، قبل خمس وعشرين سنة، وتاليًا جرت الأمور في “أفغانستان” بمستويات معقولة، فإن ذلك سيكون دافعًا لهذه الإدارة، وربما لإدارة أميركية قادمة، لأن تنسحب من شمال شرق “سوريا”، وتترك الأمور هناك للديناميات الداخلية، بمزيد من الجرأة”.

مضيفًا أنه: “على العكس تمامًا، فإن حصول تدهور متسارع للأحداث على الأرض، مثل موجات كُبرى للاجئين ورعاية (طالبان) أو تحول أفغانستان لبؤرة للتنظيمات العالمية المتطرفة، سيدفع بالإدارة الأميركية لأن تُمركز من وجودها في شرق الفرات، لأنها عمومًا من أقل مناطق الوجود الأميركي تكلفة على مستوى العالم”.

أحداث أفغانستان قد تدفع النظام السوري للتريث..

كما شرح مصدر عسكري ضمن “قوات سوريا الديمقراطية”؛ تبعات مجريات “أفغانستان” على قواته: “خلال الشهرين الماضيين، كُنا نأمل أن تتوصل الإدارة الذاتية، في هذه المنطقة؛ إلى توافقات مع النظام والمؤسسات المركزية السورية، لكن أحداث أفغانستان ربما تدفع النظام السوري للتريث أكثر، لإعتقاده أن أي انسحاب أميركي، أو حتى إشارة في ذلك الاتجاه، سيُضعف من موقف وقدرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا”.

ويضيف أن: “تركيا والتنظيمات العسكرية الرديفة والمدعومة منها؛ تملك رؤية قريبة مما يفكر به النظام السوري. فهم متأكدون من أنه في حال حصل الانسحاب الأميركي من هذه المنطقة، فإنها ستعود لتكون محل مساومة روسية تركية، دون أن يكون لها مستقبل مضمون حتى الوصول إلى حل سياسي سوري”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة