منذ تأسيس المملكة العراقية عام 1921 اعتاد العراقيون على رؤية صورة الملك ثم الرئيس في الدوائر الرسمية والشوارع وعلى العملة المعدنية والورقية. . وقد بلغت ظاهرة الصور والتماثيل الرسمية للحاكم ذروتها في عصر الطاغية المقبور صدام. .وهذه ليست ظاهرة عراقية فحسب بل تكاد تكون ظاهرة عالمية. وكان سقوط التمثال وسط بغداد وازالة صور الطاغية عنوان نهاية الحاكم ونظامه!
روى لي احد الاصدقاء يقول:في منتصف التسعينيات من القرن الماضي دعى احد المقربين من عزة الدوري مجموعة من الاساتذة الى وليمة في قضاء الدور وكنت من بينهم، وقبل الموعد نقلتنا سيارات ميكروباص حديثة من بغداد ثم سامراء ثم باتجاه الدور!
في ساحة عند مدخل مدينة الدور كانت هناك جدارية كبيرة يظهر فيها عزة الدوري يحتضن صدام ويقلده وسام!
لكن الغريب اننا لاحظنا اثار اطلاقات نارية ورصاصات على مؤخرة الدوري في الصورة واضحة للعيان ، فسألنا السائق باستغراب ما هذا ولماذا لم يتم اصلاح الجدارية اذا كان هناك عمل تخريبي وراء تشويهها!؟
ابتسم الرجل وقال: الريس كال ارموه وهو الذي يمنع اصلاح الصورة!
بهتنا ولم ينطق احد لكن فهمنا انها عملية سياسية مقصودة ورسالة لكل مشاهد ، وبخاصة اقرباء النائب حينذاك وابناء مدينته!
في العراق الجديد بعد عام 2003 اختفت صور الزعيم أو الرئيس من المكاتب الرسمية والعملة الوطنية ولم تشاهد صور الرئيس او تماثيله في الشارع.. صور رئيس الجمهورية الاسبق المرحوم جلال الطالباني ظهرت قبل اعوام في أماكن قليلة في بغداد فقط، مثلا في مدخل جسر الحسنين ذي الطابقين في حين تنتشر حاليا صور كثيرة لشخصيات حزبية ودينية في كل مكان من أرض العراق..وهي ظاهرة غير موجودة في أي دولة أخرى كما أعتقد!
اليوم اختفت صورة الزعيم الاوحد وانتشرت صور زعماء كثيرين في كل مكان وحسب ولاء كل منطقة لشخصيات معينة وتوجهاتها!؟
اذا كانت صور الزعماء الجدد ذات مضامين سياسية كما هو واضح فلماذا لا يتم تشريع قانون يحدد اغراض ومواصفات ومضامين واماكن عرض الصور والجداريات ويطبق على الجميع بدلا من الفوضى الحالية!؟
ومن في رأيكم من الزعماء الحاليين يستحق وضع صورته على العملة الوطنية أو يقام له تمثال باعتباره رمزا وطنيا لعهد الديمقراطية!؟