23 نوفمبر، 2024 6:00 ص
Search
Close this search box.

الطبيب ورعي الاغنام ووفاء القرية

الطبيب ورعي الاغنام ووفاء القرية

بعيدا عن السياسة وصداع الرأس وبما ان السيد دولة الرئيس اصدر امس اثنان وعشرون قرار لحل كل مشاكل محافظة نينوى.. ولم يبقى لدينا شيء نطالب به وكل مشاكلنا انتهت والزمن يثبت ذلك ان شاء الله…..
وجهت قلمي لكتابة هذه القصة القصيرة…..
꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂
قصص من واقع الخيال
الطبيب ورعي الاغنام ووفاء القرية
بقلم ابراهيم المحجوب
جاء احمد مسرعا من مدرسته الى والدته المريضة طريحة الفراش التي تعاني من مرض عضال اعاق حركة ارجلها نتيجة الاجواء الباردة ولعدم توفر وسائل التدفئة في قريتهم النائية التي تبعد عشرات الكيلومترات عن مركز المدينة وقال لها سوف اكبر يا والدتي واكون طبيبا واعالجك حتى تشفين من هذا المرض فنظرت اليه باستغراب وقالت اذا كبرت واصبحت طبيباً كما تقول فمن الذي يرعى المواشي في بيتنا يابني.. اليس انت الان رغم عدم تجاوز عمرك السبعة سنوات ولكنك تعتبر الرجل الاول في هذا البيت بعد وفاة والدك وانت تعرف ان اخواتك الكبار سوف يتزوجن يوماً من الأيام ويذهبن الى بيوت ازواجهن وستبقى انت واخاك الاصغر ساجد في هذا البيت.. اليس هذه هي الاصول التي لابد ان تعرفها يا احمد.. وهنا ابتسم في وجه والدته وقال لها ياوالدتي لقد قال لنا معلم الصف الاول الابتدائي لمادة القراءة اليوم الاستاذ نافع ان العلم لا يتعارض مع العمل وباستطاعتنا ان نواصل دراستنا صباحا ونعمل في رعي المواشي مساءً وقد اقترح علينا الاستاذ نافع عندما وجد اغلب الصف من الغائبين كونهم يرعون مواشيهم ان يقوم طالب واحد بترك المدرسة يوم في الاسبوع ويقوم برعي اغنام كل القرية وفي المساء يقوم الاخرين بأداء دورهم بدلا عنه ويقوم طالب آخر باليوم الثاني وهكذا بقية ايام الشهر حتى يكون الجميع مشمولين بالتعليم وايضا يؤدون واجباتهم تجاه رعي اغنامهم.. وبصراحة ياوالدتي اننا رأيناها فكرة جيدة حتى نحافظ على اغنامنا وبنفس الوقت نتعلم في مدرستنا القراءة والكتابة وارجوك ياوالدتي ان تشجعينني على ذلك وبصراحة اكثر لقد قال لي الاستاذ نافع انك يااحمد تلميذ ذكي وتستحق ان نهتم بك في المدرسة وانا ياوالدتي متلهف للدرس وقد تعلمت الكثير رغم اننا مازلنا في الشهر الثالث من السنة الدراسية الا انني حفظت بعض الحروف قراءة وكتابه وتعلمت ايضا عملية الحساب البسيط وقد اصطحبني الاستاذ نافع الى غرفة الادارة معه ويالها من غرفة رائعة مرتبة جدا يجلس فيها المدير في الواجهة والمعلمين كلا في محله وقام بتقديمي لهم قائلا هذا طبيب المستقبل الدكتور احمد ويا لفرحتي التي لا توصف وخاصة عندما سألني المدير بعض الأسئلة فأجبت عليها وقام بتكريمي بقلم رصاص ودفتر صغير..

سارت الأيام وساءت احوال ام احمد الصحية ومن خلال علاقات احمد بالأساتذة المعلمين في القرية قام احد المعلمين بجلب لها ادوية عن طريق اخاه طبيب استشاري معروف في حينها في المدينة لتتحسن بعدها بعض الشيء ولكن دون الشفاء التام…
انهى احمد دراسته الابتدائية بتفوق وكان من ضمن الثلاثة الاوائل على مستوى محافظته كون الامتحانات في الصفوف المنتهية تخضع لنظام وزاري يشمل كل طلاب المراحل في البلد….ونتيجة لهذه النتيجة المشرفة قام الاستاذ مدير المدرسة وعدد من الكادر التعليمي بزيارة الى منزل الطالب احمد لتقديم هدية متواضعة له وتقديم التهاني لمناسبة نجاحه المتفوق.. وهنا تكلم الاستاذ المدير مع والدة احمد بحضور جمع من رجالات القرية وطلب منها ان يستمر احمد في دراسته في المرحلة القادمة فقالت له انت تعرف يا استاذ ان القرية لا توجد فيها سوى المدرسة الابتدائية وان وضعهم المعيشي لا يساعد على سفره الى المدينة اضافة الى أنهم ليس لديهم احد هناك يتكفل بسكنه ومصروفه هذا من جهة احمد اما من جهة عائلته فهو لا يملكون سبل اخرى لعيشهم غير تلك الاغنام وفي حالة ذهاب احمد سوف تتعقد الامور ربما وهنا تكلم الاستاذ نافع الذي يكن المحبة ويبدي دوما الاهتمام بهذا الطالب اسمعي يا اختي العزيزة انا أُقدر واعرف كل ظروفكم المعيشية ولكن الإنسانية مازالت موجوده والدنيا مازالت بخير وانا املك دار خاص بي في المدينة وتعيش معي زوجتي فقط ولم يرزقني الله بالذرية عسى الله ان يكسبنا الاجر والثواب اذا قمنا بمساعدة احمد ومواصلته دراسته.. اما من ناحية معيشتكم فلدي اقتراحان الاول ان نقوم نحن الكادر التعليمي في المدرسة بجمع راتب شهري لكم من رواتبنا او اقترح على الاستاذ المدير ان يجد لك وظيفة حارس في المدرسة بعد ان يذهب لمقابلة المسؤولين في مديرية التربية.. والمدرسة في القرية مؤمنه ولانحتاج الى حراسة ولكن من اجل فائدتكم فقام الجميع بالشكر للأستاذ نافع على مقترحاته وفضلت ام احمد الخيار الثاني بالتعيين كحارسة في المدرسة وفعلا ماهي الا ايام وافقت مديرية التربية واصدرت امرها بتعيين ام احمد في وظيفتها الجديدة ومع بداية العام الدراسي الجديد انتقل احمد الى منزل استاذه نافع ليلتحق بثانوية معروفة في المدينة برصانتها العلمية ويواصل حياته الجديدة بين التنقل والعيش في القرية في العطلة الصيفية وفي منزل الاستاذ نافع في المدينة اثناء الدوام ومضت الايام وتغيرت الاحوال واذا الطالب احمد في الصف السادس الاعدادي القسم العلمي واتا ذلك اليوم بفرحته الكبيرة عندما كانت نتائج السادس الاعدادي تعلن عبر المذياع وأهل احمد يترقبون في القرية ومعهم أبناء عشيرته وكذلك اهله الجدد في المدينة الاستاذ نافع وزوجته واصدقاءه نتيجة ابنهم احمد وهم يتأملون منه كل الخير….
وبدا المذيع يقرأ مقدمة السطور ليعلن ان الناجح الاول على كل اعداديات البلاد هو الطالب احمد ومعدله ثمانية وتسعين في حينها وهنا انطلقت الزغاريد في القرية والمدينة ودموع احمد تنزل من الفرح وهو يحضن امه ويصيح اماه لقد تحقق الحلم الى كلية الطب ياوالدتي وماهي الا ساعة واحدة ليصل الاستاذ نافع وزوجته وقسم من معارفهم منزل احمد الذي يعتبرونه ابنهم وفي صدورهم الفرحة العظيمة بالنجاح وبهذا المعدل الباهر…وبعد اتمام الافراح لهذه المناسبة قال الاستاذ نافع ماهي رغبتك يا احمد في الجامعة فقال وبدون تردد انه الطب وانني اعرف انه مستقبل صعب جدا ويحتاج الى دراسة وتركيز اضافة الى مصروف مادي ولكنها رغبتي منذ الطفولة استاذي الفاضل وحتى اذكرك بمقولتك حينما كنت في الصف الاول الابتدائي عندما قدمتني للإدارة وقلت لهم أقدم لكم الدكتور احمد وهاهو الحلم يتحقق استاذي الفاضل…
تم قبول احمد في كلية الطب في العاصمة ولرغبة منه قام بالدراسة على نفقة وزارة الدفاع والتي تتكفل في حينها بكل مصروف اي طالب يدرس على النفقة الخاصة للوزارة وتدفع له ايضا راتب شهري لحين تخرجه كضابط طبيب في القوات المسلحة…
ستة سنوات وتخرج الاول على دفعته وتم منحه رتبة اعلى من زملائه والذين كانت الدولة تمنحهم رتبة ملازم اول الا ان الطالب احمد تخرج برتبة نقيب فورا كونه الاول على دفعته في كلية الطب… وبعد ثلاثة اشهر من تخرجه دخلت بلاده في الحرب وقامت الدولة باستدعاء اغلب الشباب للتطوع للقتال في المعركة وكان نصيب احمد استلامه أمرة احد الوحدات الميدانية الطبية في احدى جبهات القتال لاستقبال الجرحى المصابين في المعارك.. وقد كان يستقبل يومياً العشرات من الجرحى خاصة اثناء المعارك. ويا للأقدار والمفاجأة واذا يوماً من الايام يقولون له الجنود في وحدته ان لديه زائر وعندما ادخلوه فاذا هو الاستاذ نافع وقد جاء مشاركا مع صفوف المتطوعين فاستقبله احمد كأبن يستقبل أباه وابقاه معه في نفس الوحدة معززا مكرما وهو يشير اليه ويفتخر به امام زملاءه الاطباء ومنتسبي الوحدة…وبعد مدة من الزمن عاد الاستاذ نافع الى اهله بعد ان انهى خدمة تطوعه سنة واحده اما احمد فقد استمر بعمله كطبيب عسكري وهو يتلقى الترقيات كل اربع سنوات ليعود بعدها الى محافظته كمدير للمستشفى العسكري هناك قرب اهله واصدقاؤه..وقد قام بالتبرع لأستاذه نافع وزوجته بمبلغ مالي استطاعوا اداء فريضة الحج مع والدته وأحد خواله وكذلك قام بإنشاء جامع في قريته من نفقته الخاصة تقديرا وعرفانا لأبناء قريته ومازالت امه تعاني من نفس آلام المفاصل التي لم يجد الطب لها علاج وتطورت قرية احمد واصبحت بيوتهم الطينية قصور مبنية من السمنت والحديد ومازال احمد الطبيب الأخصائي يمارس عمله كطبيب.. ومازال حنين القرية ورعي الاغنام يرافقه اينما يسافر… فذكريات الماضي لا يمكن نسيانها ولايمكن مسحها مهما كبرت بنا ايام العمر…
تلك قصة الدكتور الطبيب احمد راعي الاغنام عندما كان صغيرا وطبيبا ناجحا ومديرا لاحد المستشفيات في يوم من الايام….

((وتلك الايام نداولها بين الناس))… صدق الله العظيم….

꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂

عفوًا… صادف النظام مشكلة (#001) – جارٍ إعادة المحاولة بعد 1:33…
إعادة المحاولة الآن مزيد من المعلومات

أحدث المقالات

أحدث المقالات