18 ديسمبر، 2024 9:18 م

ماذا بعد طالبان ؟

ماذا بعد طالبان ؟

ماذا يحدث لمنطقة الشرق الأوسط لو أن أفغانستان صارت جمهورية إسلامية سنية متطرفة مجاورة من جهة الغرب لجمهورية إيران الشيعية، وايضا على غرار النظام الإسلامي الوهابي في السعودية؟

بايدن قال: الطريقة الوحيدة للسلام في أفغانستان هي التعايش مع طالبان.
رئيس المكتب السياسي لطالبان قال: نريد أن يحكم أفغانستان نظام إسلامي مركزي.
الرأي السائد في الأوساط السياسية أن المنطقة ذاهبة إلى عدم الإستقرار، واشتداد النزاع والأقتتال الطائفي من جهة والعلماني من جهة أخرى.
أفغانستان، أوضاعها السياسية والاقتصادية مشابهة كثيرا للعراق، بلد أنهكته الصراعات والأزمات الداخلية والتدخلات الخارجية، والفساد المستشري في مفاصل الدولة.
يعيش كثير من أفراد مجتمعه على زراعة الأفيون وتجارة المخدرات، وعلى المساعدات المالية من الولايات المتحدة الأمريكية للحكومة الأفغانية، رغم موارده الاقتصادية الوفيرة خاصة في مجال التعدين وقطاع النفط والغاز والزراعة.

حسب بعض الدراسات الأمريكية التي نشرت تقول: إن بعض الشركات الأمريكية اكتشفت أن أفغانستان فيها أحد أكبر مراكز التعدين في العالم. مثل الذهب، والفضة والنحاس والحديد والأحجار الكريمة والبلاتينيوم(الذهب الأبيض) والليثيوم(المادة التي تستخدم في صناعة البطاريات والحواسيب والأجهزة النقالة) وقد قدرت الحكومة الأفغانية ثروات المعادن والخامات هذه ب”٣” تريليون دولار أميركي!
السنوات الماضية القليلة فتحت الحكومة الأفغانية المجال أمام الإستثمارات الأجنبية، فدخلت عدة دول منها: الإمارات في مجال الإتصالات، والصين في أستثمار النحاس، حتى قيل عنه أفضل أستثمار وقعته الحكومة الأفغانية مع الصين بعد طرح مناقصته في السوق العالمي شاركت فيه أمريكا وروسيا والصين وكندا وبعض الدول، فوقع العقد على الصين بعد أن كان عرضها أفضل العروض المطروحة ويتضمن العقد والاتفاق ما يلي:
تدفع الحكومة الصينية ٤٠٠ مليون دولار سنوياً لأفغانستان، مقابل استغلال ثروات النحاس، وبناء مدينة تضم ٥٠٠ ألف نسمة، مع بناء محطة كهرباء، والأهم بالاتفاق بناء سكة حديد تجعل من آسيا الوسطى كتلة واحدة، تمتد من الحدود الأوزبكية وصولا إلى باكستان، التي تعتبر مورد اقتصادي مهم في مجال النقل والمواصلات.
أضف إلى ذلك كله؛ فقد صرح أحد المسؤولين في الحكومة الأفغانية بقوله: أفغانستان لديها بئر من الغاز في المنطقة الشمالية يحتوي ١٦ ألف مليار متر مكعب! وهذا يعني أن ٣٥ مليون نسمة وهو تعداد سكان أفغانستان إذا ما استفادوا من هذا البئر، فمعناه أن دخل الفرد في العام ١٠٠ ألف دولار أي أن أفغانستان ستكون أغنى دولة في العالم!
وقال ايضا: يمكن استبدال زراعة المخدرات الذي سعر شراءه “٦٠٠- ٨٠٠” دولار، بزراعة الزعفران الذي يكون سعر شراءه ب”٣٥٠٠” دولار، إضافة إلى زراعة القطن والرمان.
لكن كما قلنا ان عدم الإستقرار السياسي والفساد المستشري في البلد حرم أبناء الشعب الأفغاني من هذه الثروات الطائلة.

مقابل الرأي القائل بعدم إستقرار المنطقة في حال استولت طالبان على الحكم، هناك رأي آخر يذهب إلى الإستقرار، فمن غير الممكن أن طالبان تهدر تلك الثروات الاقتصادية الوفيرة الكامنة في البلد وهم ليسوا بأغبياء، قادة طالبان يعرفون جيدا أن هذا الثروات تحتاج إلى السوق العالمي لأستثمارها من قبل الدول الأجنبية، أضافة هم بحاجة أيضا لكسب ود المجتمع الدولي للاعتراف بحكومتهم وشرعيتهم على أفغانستان، من هنا فأن سلوك طالبان كحكومة سوف يتغير ويتبدل عن سلوك طالبان كحركة أرهابية متطرفة!
من قرأ تاريخ الحركة الوهابية كيف أبتدات عندما تحالف الثنائي المحمدان (محمد آل سعود ومحمد بن عبد الوهاب )وكيف أنتهت بقيام الدولة السعودية وما أصبحت عليه اليوم؟ سيجد أن التاريخ خير شاهد على هذا الرأي، المواقف والمبادئ تزول عندما يذوق أصحابها المناصب والحكم والسلطة، ولعل أفغانستان سوف تكون موطن وحاضنة يتمناها كل أرهابي مشرد في الآفاق، وبذلك سوف تتضآءل الحركات المتطرفة في المنطقة وتخفت خطورتها، ولا يبعد أن أيران وأمريكا على علم بهذا السيناريو، فكلا الجانبين خاض مع طالبان مباحثات طويلة، ولعل موقفهما من طالبان اليوم يدل على ذلك.
يبقى الخوف كل الخوف من المستقبل البعيد، بعد أن تثبت أفغانستان قدمها وتكون دولة ذات شأن كبير في الشرق الأوسط، أن تستنسخ التجربة الايرانية فتنشأ لها أذرع وفصائل مسحلة في بعض البلدان، فهنا يكمن الخطر الأكبر على المنطقة!

إذن: ما بعد طالبان في حال استولت على مقاليد الأمور والحكم في أفغانستان، سيظهر لنا صحة أحدى الرأيين أما الأستقرار في المنطقة وأما عدمه.