عبر دراسة أعدها أكاديميون .. “واشنطن بوست” تحاول قراءة مستقبل “طالبان” في أفغانستان !

عبر دراسة أعدها أكاديميون .. “واشنطن بوست” تحاول قراءة مستقبل “طالبان” في أفغانستان !

وكالات – كتابات :

تناول تحليل نشرته صحيفة (واشنطن بوست)؛ تطورات الأوضاع الميدانية المتفجرة في “أفغانستان”؛ بعد تحقيق حركة (طالبان) انتصارات كبيرة، وسيطرتها على العديد من الولايات الأفغانية.

وذكر التحليل – الذي أعدته مجموعة من الباحثين تلخيصًا لورقتهم البحثية عن التطورات في “أفغانستان” – أن إدارة “بايدن” تمضي قدمًا في الانسحاب، المزمع للقوات الدولية من “أفغانستان”. وقد ألمحت (طالبان) إلى استعدادها للتوقف عن القتال مقابل تسوية تفاوضية.

في أواخر العام الماضي؛ وافقت الجماعة على عدد من القواعد للتفاوض على وقف شامل لإطلاق النار.

لكن العمليات العسكرية الأخيرة؛ غيرت التقديرات بشأن ما سيتبع الانسحاب النهائي للقوات الأميركية، في 11 أيلول/سبتمبر 2021. في الأسابيع الأخيرة قادت (طالبان) هجومًا غير متوقع، واستولت على عشرات المناطق والمدن في شمال “أفغانستان”؛ على الحدود مع “طاغيكستان”.

ومع التقدم السريع لـ (طالبان)، في جميع أنحاء المنطقة؛ أبرم القادة المحليون اتفاقيات السلام سلمت القوات الأفغانية المركبات والأسلحة الأميركية من أجل المرور الآمن.

ذكاء إستراتيجي..

ردًا على ذلك؛ قامت أجهزة الاستخبارات الأميركية بتحديث تقييم سابق أكثر تفاؤلًا للوضع الأمني، مشيرة إلى أن الحكومة الأفغانية قد تنهار في غضون ستة أشهر من الانسحاب.

فما الذي يفسر هذه التحولات السريعة في التصورات عن قوة (طالبان) وهشاشة الحكومة الأفغانية ؟

تُشير الحالات المشابهة، حول الانسحابات الأميركية؛ إلى أن (طالبان) اتسمت بالذكاء الإستراتيجي في استخدام العنف، باستخدام ضبط النفس للتأثير على التقييمات العسكرية لقدراتها؛ لتشجيع عمليات الانسحاب السريع.

ومع ذلك تُشير هذه الإستراتيجية إلى احتمال تفجر أسوأ أعمال عنف، منذ هجمات أيلول/سبتمبر. كما تُشير هذه النتائج أيضًا إلى أنه حتى التقييمات الحالية، الأكثر تشاؤمًا، لتوازن القوى الحقيقي بين (طالبان) والحكومة الأفغانية؛ من المحتمل أن تُبالغ في تقدير القدرات العسكرية للحكومة.

نظرة على التاريخ..

في ورقة حديثة أعدها الباحثون؛ حددوا مرحلتي انسحاب القوات الدولية في “أفغانستان”: 2011 – 2014. تضمنت المرحلة الأولى من الانسحاب؛ نقل السلطة العسكرية إلى القوات المحلية. كما تضمنت المرحلة الثانية المغادرة الفعلية للقوات الدولية، حيث انخفض عدد القوات الأجنبية من: 140 ألفًا إلى: 12 ألفًا، جنبًا إلى جنب مع إغلاق أو نقل ما يقرب من: 800 قاعدة عسكرية.

استخدمت الدراسة بيانات وصفية ذات معالم جغرافية وطابع زمني محدد بدقة؛ لأنواع مختلفة من عمليات التمرد والعمليات الأمنية – جرى استخدام البيانات التي جُمعت منذ بدء نشاط الـ (ناتو)، في “أفغانستان”، في عام 2001. تُعرف هذه البيانات باسم: (SIGACTS)، وقد استُخدمت على نطاق واسع لدراسة العمليات في “أفغانستان” و”العراق”.

جرى دمج البيانات مع سجلات استقصائية: لـ 370 ألف مدني، جُمعت بين عامي: 2008 و2016، تُسمى: (ANQAR)، وهي توضح بالتفصيل تصورات التحولات الأمنية، وتصورات السيطرة على الأراضي، ومدى توفير الأمن المحلي.

وفيما يلي مزيد من التفاصيل حول المنهجية المستخدمة.

جرى تقسيم نقل السلطة العسكرية عبر خمس موجات؛ مما أتاح الفرصة لمقارنة اتجاهات العنف والتصورات العامة لتوفير الأمن في المناطق التي خُصصت لتواريخ نقل مختلفة.

كان إغلاق القواعد أكثر عشوائية وأقل توثيقًا. لدراسة هذه المرحلة الثانية يلفت الباحثون؛ إلى أنهم تأكدوا من حقيقة بسيطة، ولكنها مهمة حول توقيت الانسحاب: الموقع الجغرافي للقواعد – المسافة بينها وبين المحاور الجوية العسكرية المستخدمة لنقل الإمدادات من “أفغانستان” – وقد جرى تحديدها جزئيًا عند إغلاق القواعد.

النتائج المستخلصة..

كان التحول الأمني الأولي الذي بدأ، قبل عقد من الزمن؛ قد أُنجز على مرحلتين. خلال المرحلة الأولية، قارن الباحثون المناطق التي نُقلت فيها السلطة المحلية إلى مناطق أخرى؛ قبل الانتقال وبعده. خلال هذه المرحلة الأولى، يقول الباحثون؛ إنهم لاحظوا انخفاضًا في نتائج العنف الفعلية، وزيادة في إدراك الأمن، كما ورد في بيانات مسحي: (SIGACTS) و(ANQAR)، على التوالي.

أما المرحلة الثانية مع رحيل القوات الدولية، عام 2011، وما بعده، يقول الباحثون إنه يمكنهم قياس تأثير الانسحاب المادي لقوات الـ (ناتو) على الظروف الأمنية والتصورات المدنية للأداء العسكري. نظرًا لأن قرار إغلاق القواعد الفردية أو تسليمها كان تقديريًا للغاية، ومخصصًا لكل منطقة على حدة، فمن المهم معرفة ما إذا كان تسلسل عمليات إغلاق القواعد في المناطق المختلفة قد تأثر باتجاهات العنف.

وأضاف معدو الورقة البحثية؛ أنهم استفادوا من خريطة الانسحاب لمعالجة هذه المسألة. وبالاستفادة من حقيقة أن القرب من المحاور الجوية العسكرية دفع بعض القواعد إلى الإغلاق في وقت أبكر من غيرها، وذكروا أن الانسحاب المادي للقوات الأجنبية، وإغلاق القواعد، مرتبطان بتفاقم حاد في حالة الصراع، بحلول عام 2016.

يستخلص الباحثون أن ورقتهم تُشير إلى أن العنف انخفض مع انتقال السلطة، (المرحلة الأولى)، لكنه زاد مع الخروج المادي للقوات الدولية، (المرحلة الثانية).

ما الذي يمكن أن يفسر هذه النتيجة ؟.. يجيب الباحثون بأن الحساب الأكثر إقناعًا لأنماط العنف هذه، هو أن (طالبان) كانت في انتظار قوات التحالف لبدء الانسحاب، قبل البدء في ممارسة المزيد من الضغط العسكري على القوات المحلية. وقد أدى هذا إلى تسريع الانسحاب من خلال إعطاء إنطباع خاطيء بقدرات الجماعات المحلية على مواجهة التحديات الأمنية وحدها.

تمنح بحوث “أفغانستان”، التي أصدرتها صحيفة (واشنطن بوست)، في عام 2019، فرصة لاستكشاف هذه القرارات من خلال التقييمات الداخلية.

توصل تقرير المفتش العام الخاص لإعادة إعمار “أفغانستان”؛ إلى استنتاج مفاده أن المعايير العسكرية المختلفة فشلت في قياس قدرات القوات الأفغانية المحلية بشكل كافٍ، وأخفت نقاط ضعفها الأساسية.

وخلص التقرير إلى أن هذه القوات: “غير مستعدة للتعامل مع تدهور الوضع الأمني ​​بعد انسحاب القوات الأميركية”.

ماذا يحدث الآن ؟..

يبدو من المرجح أن تستغل (طالبان) فراغ السلطة، الذي خلفه الانسحاب النهائي. فقد كشفت تكتيكات (طالبان)، خلال الأشهر القليلة الماضية، عن اهتمامها بالسيطرة على المعابر الحدودية، وكذلك الأراضي التي كانت محل نزاع خلال سيطرتها السابقة على الحكومة.

إن السيطرة على هذه المناطق؛ قد تمكن (طالبان) من قمع خصومها السياسيين، بينما تُدر عشرات الملايين من الدولارات، قبل نهاية العام. بدون زيادة كبيرة في عدد القوات الأفغانية، قد تتمكن (طالبان) من انتزاع السلطة من الحكومة المنتخبة في “أفغانستان”، وتدمر 20 عامًا من الإصلاح الديمقراطي.

ترجمة: ساسة بوست.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة