-1-
فجأة تذكرت قول الشاعر :
إنَّ الزرازير لمّا قامُ قائمُها
توّهمتْ أنها صارتْ شواهينا
انّ “الملاعين” لا “الشواهين “هم اللذين لا يكفون عن الاكاذيب واصطناع الأعاجيب …
والاّ فأين (النملة) من (الفيل) ، وأين (الزرازير) من (الشواهين)؟!!
-2-
لحق أحدهم، وهو واحدٌ من الذين بدأوا بالظهور على المسرح العام ، بزعم أنه من رجال (السلطة الرابعة) وما هو منهم في الصميم، بأحد الأعلام وألحّ عليه ان يسمح له باستدعاء (المصوّر) واخوانه من الرضاعة …، ليكونوا بركبه في مشواره …
كان المشوار الى النجف الاشرف ، ولم يشأ حينها ذلك العَلَم أنْ يجعله يعيش الخيبة والانكسار فوافق على المقترح …
فجاء الزرزوربرُزمة من (المرتزقة)، كان قد أعدّهم لمثل هذه المشاهد والمواطن، وهم كأستاذهم بعيدون عن كل ما تتطلبه (السلطة الرابعة) من ثقافةٍ ومِران ، ومن فهمٍ واتقان لأصول العمل الاعلامي وأعرافه..
واستطاع هذا (المغامِر) الذي لم يكن في الحقيقة الاّ (طفيلياً)، أنْ يُرخي لخياله العنان، ويتصور نفسه جزءً من (وفدٍ) هو الثاني من أعضائه البارزين …!!!
واتيحت له الفُرصُ، بسبب مرافقته لذلك العَلَم،أنْ يحظى بالمثول بين يديْ كبار مراجع الدين في النجف الاشرف، وأتيح له ايضا ان يجلس على بعض (الموائد) التي أقامها كبار المسؤولين في النجف الاشرف يومذاك للعلم المذكور .
وحين العودة الى بغداد ، سارَعَ الزرزور الى كتابة الخبر في (نشرةٍ) اعتاد على ( إصدارها) يومذاك ليتحدث بلغة :
زار (الوفد) المرجع الفلاني ،
ولبّى (الوفد) دعوة المسؤول الفلاني
وحضر (الوفد) الندوة الفلانية
لقد كان حريصاً على تثبيت صفة (العضوية) لنفسه في (الوفد) الموهوم ، ولم يكن الخبر المشؤوم، الاّ صدىً لما يعانيه من شعور نفسي معلوم، لانحتاجُ الى وَصْفِهِ بعد كل الذي سقناه اليك ..!!
لقد احتجز لنفسه و (زبانيتِه) غرفتين ، في واحد من أرقى فنادق النجف ، وبكل سهولة استطاب – خلال المشوار –مالَذَّ له من الطعام والشراب، وكأنّه ضيف الشرف، وكانت النفقات على الحساب الخاص لصاحب المشوار ..!!
ان ذلك كله قد جرى ، وخُيّل للزرزوز أنه أصبح من الشواهين، في حين ان المشوار المذكور كان آخر المشاوير ..!!
فالمؤمن لايلدغ من جُحْرٍ مرتينْ .
-3-
إنَّ كثيراً من رجال (الصُدفة) في العراق الجديد ، هم كهذا (الزرزور) تماماً .
أحاطوا أنفسهم بألقاب فضفاضة ، وبمظاهر تُوحي للناس أنهم من الكبار ، وربما تصوروا أنهم فوق النجوم مقاماً … ناسين أو متناسين أنهم لا يملكون من مقوّمات ” التفوق ” و(التألق) شيئاً .
وقديماً قال الشاعر :
اذا اشتبكتْ دموعٌ في خدودٍ
تبيّن مَنْ بكى ممن تباكى
-4-
اننا أمام محّك حقيقي للاختيار
ان الانتخابات النيابية على الأبواب، ولا يفصلنا عنها الاّ أسابيع ليست كثيرة،وَسَتُثبتُ لهم الأرقام زيف ما يعيشونه من أحلام ..!!
-5-
ان الزرزور المذكور كان يمنّي نفسه (بمنصب تنفيذي)
وكان يعني به الوزارة ..!!
وكان قد بذل من الجهود للفوز في مقعد نيابي ، ما لم يبذله الاّ القليل من أضرابه، ومع ذلك كله لم يحصد الاّ الرماد ..!!
وكانت الشهادة المزورة المدّعاة احدى وسائل اصطياده بالماء العكر..!!
لكنه لم يجرأ ان يقدمها للمفوضية المستقلة العليا للانتخابات، خشية انكشاف أمرها، وما يتبع الانكشاف من ملاحقات قضائية وجنائية ..
ومُخْطِأٌ من يعتقد أنَّ الناس لايستطيعون تمييز الخيط الابيض من الاسود .
انهم شخصّوه وعرفوه …
وانهم رأوا فيه (زرزوراً ) لايمكن ان يقاس (بالشواهين) …