يدرك العراقيون جيدًا أن المالكي صنيعة إيران، وخادم لكل أهدافها ، واليوم يستمرُّ المالكي بتقديم كل الدعم لأسياده في إيران متجاهلاً وضع العراق واحتياجات شعبه إلى أبسط الخدمات الضروريَّة. ففي الوقت الذي يرزخ فيه العراقيون تحت نقص ابسط الخدمات في ظل موازنة سنوية عملاقة ، نجد أن المالكي يقدم كل أنواع الدعم لحكومة بشار الاسد . إضافة إلى فتح أبواب العراق مشرعةً لأي اتفاق اقتصادي . وفق إيعازات وقرارات إيرانيَّة غير قابلة النقاش من قبل المالكي وأعوانه ، لذلك فقد أجبر العراق على دفع مبلغ 10 مليارات دولار لإنقاذ الرئيس السوري من محنته بسبب العقوبات الدوليَّة المفروضة عليه، كما اتخذت اللجنة الخماسيَّة الإيرانيَّة المكلفة بمتابعة الملف العراقي التي يشرف عليها خامنئي جملة إجراءات من شأنها تسخير الإمكانيات العراقيَّة لدعم النظام السوري، فقد قام نوري المالكي ومن معه من القابضين على الحكم في العراق بأوامر وتوجيهات إيرانية من محاولة اقناع واشنطن بأنه جاد في منع الطائرات الإيرانية من توصيل السلاح والمؤن والعتاد الى نظام بشار, ولتذكير شعبنا الكريم بالمسرحية البائسة التي أخرجها ومثلها نوري المالكي بإنزال طائرة ايرانية وتفتيشها وسط حشد اعلامي القصد منه التمظهر بالالتزام بالمقاطعة ومنع وصول السلاح الى نظام بشار المتهالك, لكن المسألة لايمكن أن تنطلي على عاقل، فالولاء التام والمطلق لنظام ملالي طهران واضح ولا يستطيع المالكي او حسن السنيد او عبد الحليم الزهيري أن ينكروه ، وبالتالي فإن عملية إنزال طائرة إيرانية في مطار بغداد وتفتيشها أمام وسائل الإعلام، تمثيلية بائسة ومسرحية مفضوحة، لأن التقارير الأمريكية ليست مبنية على الظن بل معززة بصور الأقمار الصناعية، وقيل بأن كيري أطلع نوري المالكي على هذه الصور والأخير تفاجأ وتلعثم بالأدلة الدامغة على قيام حكومة المالكي بدعم نظام بشار الأسد والسماح لإرساليات الأسلحة والتجهيزات والإمداد البشري والمالي لكي تمر عبر العراق لتطيل من أمد بقاء بشار واستمرار ذبح الشعب السوري.ويبدو أن نوري المالكي نسي أو تناسى ما كان يُصرح به من ان نظام بشار الأسد يدعم ويرسل الإرهابيين الى العراق للقيام بالأعمال الإرهابية، والشكوى التي قدمها نوري المالكي الى مجلس الأمن الدولي عام 2010 لإحالة بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإرهاب وقتل الشعب العراقي؟ فكيف تحول بشار بين ليلة وضحاها إلى مساند وداعم لنوري المالكي؟ وتحول نوري المالكي الى حليف لبشار؟ إلا إنها الأوامر الإيرانية لاغير!. أن حكومة نوري المالكي بالفعل تلعب دورا ضخما في مساندة النظام السوري ، من التمويل المالي الكامل إلى حد التورط العسكري في مقاتلة الشعب السوري. الي أن الحكومة العراقية لا تدعم الأسد بالتصريحات، أو بتهريب الأسلحة الإيرانية عبر الأراضي العراقية، بل إن قوات المالكي تتدخل الآن في الأزمة السورية، وبالسلاح، مثلها مثل إيران وحزب الله اللبناني. أن حكومة المالكي تشجع دخول المليشيات الطائفية إلى الأراضي السورية للمشاركة في القتال إلى جانب قوات الأسد. وإن المقاتلين الطائفيين ليسوا حصراً على لواء أبي الفضل العباس وحده، فهناك آلاف المقاتلين الآخرين الذين يشاركون بمسميات مختلفة مثل” كتائب حزب الله العراق- عصائب اهل الحق- جيش المهدي – منظمة بدر- جيش فاطمة “وغيرها . وآخر حلقات التدخل العراقي في الشأن السوري والتي تأتي تنفيذاً لتوجيهات النظام الإيراني لدعم بقاء حكومة الأسد، هي قيام بعض الميليشيات اعلاه بالمشاركة في القتال الذي جرى مع قوات من الجيش الحر بقصف معبر اليعربية الحدودي صباح السبت 26 ت1 2013 ، لتسهيل استيلاء القوات السورية على المعبر وانتزاعه من مقاتلي الجيش الحر. تصرف حكومة المالكي بهذا الاتجاة جزء منه هو نتيجة اثارة المكاسب التي تحققها المعارضة السورية في معركتها مع الأسد . ومخاوف لدى المالكي من أن يكون الهدف المقبل بعد سقوط نظام دمشق، في ظل استمرار الاحتجاجات، تنديدا بسياسات إقصاء “العرب الرافضين للتواجد الصفوي في العراق” ، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وجه في 1ت2 2013 اثناء لقائه المالكي رسالة شفوية شديدة اللهجة بسبب المساعدات العلنية والسرية التي تقدمها حكومته لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتحذيرها من مغبة الاستمرار في هذا التوجه. وأضافت المصادر التي رفضت الكشف عن اسمها، أن أوباما طلب إجابات واضحة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال استقباله في البيت الأبيض عن السبب الذي جعل حكومته تغض الطرف عن مشاركة العديد من المقاتلين الطائفيين إلى جانب نظام دمشق. كما طلب التشدد في مسألة السماح بمرور الأسلحة الإيرانية عبر الاراضي العراقية إلى سورية. وكذلك طلب توضيحا من نوري المالكي ما المقصود بتصريحه الذي اطلقه اثناء زيارته لموسكو عندما قال مؤكدا فيه ((إن النظام السوري لن يسقط كما سقط نظام صدام)) متناسيا أن إسقاط النظام الديكتاتوري هو مطلب الشعب السوري وليس مجرد مطلب لدول كبرى أو غيرها ، ثم إن مسألة التسليح مع موسكو وتوقيع صفقة معها بلغت قيمتها أكثر من اربعة مليارات دولار, تحوم حولها الشكوك في احتمال كون الصفقة او جزء منها لغرض دعم النظام السوري المتهالك. وفي جانب اخر ، مازالت دول عربية كثيرة منزعجة من مواقف حكومة المالكي الممالئة لإيران، من خلال وقوفها غير الأخلاقي لدعم نظام بشار الأسد القمعي، كما أن موقف حكومة المالكي المناوئ لمملكة البحرين في تصديها للمؤامرة الإيرانية وأعمال الفتنة الطائفية، والتدخل الفج في الشؤون البحرينية من قبل مكونات “التحالف الوطني” ، وتقديم العون والاسناد للمعارضة البحرينية، وتجنيد الفضائيات الطائفية العراقية لحملة إسناد متواصلة لدعم المعارضة البحرينية، بتشجيع وحث من قبل حكام طهران وبخط متوزاي مع دعم بشار الاسد هو جزء من الاستراتيجية العليا لايران . تحاول إيران من خلال وكلائها ممارسة سياسة إبتزاز واضحة بوجوب توقف العرب عن مساندة ثورة الشعب السوري ، وبالمقابل فإن المساومة الابتزازية الإيرانية تتمحور بين وقف العرب دعمهم للانتفاضة السورية مقابل وقف ايران ووكلائها دعم اعمال الشغب والغوغاء في البحرين. وقد جدّد المالكي في تصريحاته وهو في واشنطن موقفه بأن “التدخل الأجنبي ليس حلا لإنهاء الأزمة في سوريا”، داعيا دول العالم إلى أن تكون “أكثر عقلانية حيال سوريا”، ومشيرا إلى أنه “إذا كان العالم لا يؤيد دعم الحل السلمي من خلال الحوار، فإنني لا أرى أي نهاية للنفق”.وأضاف المالكي أن “أيا من طرفي النزاع في سوريا لن يتمكن من الإجهاز على الآخر”، محذرا من أنه “إذا انتصرت المعارضة (على نظام الأسد)، فستندلع حرب أهلية في لبنان، وتحدث انقسامات في المنطقة، وستشتعل حرب طائفية في العراق”.وجاء تصريح المالكي هذا بعد ان وافقت كل الاطراف الحضور الى مؤتمر جنيف2.لاسيما وان المالكي نقل رسالة شفوية من بشار الاسد الى اوباما يعلن موافقته على ضرب القوات الامريكية مواقع “داعش” في سوريا .موقف حكومة المالكي شكل نكسة محرجة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يسعى إلى ضم دول إسلامية حليفة إلى حملته في عزل الأسد.فبينما خفضت دول عربية مستوى علاقاتها مع الأسد، فإن العراق سار في طريق مغاير، فاستقبل المسؤولين السوريين وأبرم اتفاقيات لتوسيع نطاق الروابط التجارية وقدم الدعم السياسي والعسكري .إن الموقف العراقي ناجم عن النفوذ الإيراني لأن بقاء نظام الأسد يصب في مصلحة الإيرانيين ، وكل مكونات التحالف الوطني وصفوا الاسد بأنه “أخ”، لذلك فإن قادة العراق يعلمون بأن العداء تجاه سوريا ربما يأتي بنتائج عكسية ضد السياسيين القابضين على الحكم في العراق،وتؤكد مصادر سياسية عراقية مطلعة ان دعم حكومة المالكي للاسد بالجانب الاقتصادي وخصوصا من العملة الصعبة هو قارب النجاة للاسد ، وبينما استدعت دول سفراءها من دمشق ، أبرمت حكومة المالكي اتفاقيات لرفع التبادل التجاري الذي يصل الآن إلى ملياري دولار سنويا، ليصبح أكبر شريك تجاري لدمشق ، وكما معروف ان العراق امتنع عن تصويت جامعة الدول العربية بتعليق عضوية النظام السوري وفرض عقوبات عليها ، واشنطن ابلغت المالكي وهو في عقر دارها ان “يكون جزءاً من الحل السياسي للازمة السورية على اساس رحيل الاسد” ، لا على اساس السماح باستمرار الدعم الايراني للاسد”. والسؤال لماذا يحرص المالكي وإيران على عدم سقوط النظام في سوريا ؟اليوم سوريا أصبحت واحدة من مرتكزات المشروع الطائفي في المنطقة ، والحقيقة ان الوضع شائك ويدعو للحزن ويدعو للتشاؤم ويجب على الدول العربية وخاصة الخليجية أن تأخذ بالوسائل بأسرع وقت ممكن أن يكون لها مشروع مضاد، ولا بد من تحجيم إيران واقناعها أن كل الذي فعلته من افتراء وزعزعت الأمن والاستقرار في الدول العربية ينبغي أن تكف بتدخلها على دول الجوار وخاصة العراق، وهذه رسالة ينبغي أن تصل الى كل بلد عربي . العراق اليوم في ظل السيطرة الايرانية اصبح يؤذي الأمن القومي العربي، وعلى الدول العربية لابد أن تعي لخطورة هذا الوضع وبالتالي ينبغي أن تتحسب له بمشروع وبعمل منهجي مؤسسي لتصدي لكل هذا الأذى .