صباح يوم الجمعة (7/11/2013) ، وفي شارع المتنبي ، إلتقيتُه ، حيث أهداني كتابه الموسوم (بروفايل للريح ، رسم جانبي للمطر – تنويعات على نصب الحرية) ، الصادر عام 2012 ، عن مؤسسة شرق غرب – ديوان المسار للنشر) . كان ذلك لقاء المصادفة مع الشاعر : جواد الحطاب .
من هو ؟
من مواليد البصرة ، مدينة الثقافة العربية قديماً وحديثاً . تصنفه الدراسات النقدية بانه من (الموجه الثانية) لشعر السبعينات . انتخب أميناً عاماً لأدباء وكتاب العراق (1992 – 1996) ، وأميناً عاماً للأدباء الشباب (1982 – 1991) . ساهم في تأسيس العديد من المنتديات والمطبوعات والصحف الثقافية وشغل رئاسة تحريرها . ويُعتبر ديوانه (إكليل موسيقي على جثة بيانو) الصادر عام 2008 ، أول ديوان شعري مقاوم للاحتلال ولشاعر من داخل الوطن ، ومازال في بغداد .
ومن أوراقي الصحفية القديمة : في منتصف ثمانينات القرن الماضي ، تداولتْ أوساط ثقافية ، ما تعرضت له قصيدة للشاعر جواد الحطّاب حملت عنوان : (التماثيل) . ورغم مضي ما يزيد على عقدين من الزمان تقريباً ، لازالت أتذكر مطلعها ، حيثُ جاء فيه :
الشمسُ وقت الظهيرة
تأتي بأطفالها
وتنام جوار التماثيل
و .. التماثيل بول السكارى ..
……..
ذلك ما علق بذاكرتي من هذه القصيدة التي قرأتُها في مجلة (أسفار) . ولكي أتأكد من صحة ما أتذكره ، إتصلتُ هاتفياً ، مساء يوم (8/11/2013) بالشاعر الحطاب ، ونتيجة للاتصال تأكدتُ بان ذاكرتي إحتفظت بمطلع القصيدة .
يُذكر ان جميع الصحف التابعة للدولة ، آنذاك ، رفضت نشر القصيدة ، واستطاع الشاعر نشرها في مجلة (أسفار) . ولا أريد التطرق ، أكثر ، الى وقائع مؤلمة .
مُتابعة عن بعد
وبقيتُ أتابع هذا الشاعر العراقي البصري عن بُعدٍ تارة ، وعن قرب تارة أخرى . كان اساس علاقتنا ، هو : الاحترام المتبادل . نلتقي في هذه المناسبة الثقافية أو تلك ، وهذا المجلس الأدبي أو ذاك .
ولا أريد أن أضيف الى الشهادات التي حظي بها الشاعر الحطّاب والتي ثبَّتَ بعضَها في هذا الديوان . الشاعر الدكتور عبد الاله الصائغ قال في شهادته : أنني معجب بفتوحاتك الشعرية . وقالت الدكتورة بشرى البستاني : يتسم بنوع من الدهشة التي تقاجئنا بين اللذة والنشوة . وكثيراً ما توقظ فينا طفولتنا التي علاها صدأ الموت وجروح الانكسارات .
هذا الديوان
منذ البداية ، يخبرنا الشاعر جواد الحطاب ، بأن ديوانه ، هو : (تنويعات على نصب الحرية) . ويمضي أكثر ليقول : ليس هناك من عناوين داخلية .. الصورة هي من ستلعب هذا الدور . وهذا ما اطلعنا عليه .
ومع أن الشاعر جواد الحطاب يمتلك مفردة رشيقة وانسيابية ملفتة للنظر ، إلاَّ أن (الرمزية) التي تضمنتها بعض قصائده ، تجعلنا بحاجة إلى من يفك (الطلاسم) في هذه القصيدة أو تلك .
إن مقالة الناقد (فضل خلف جبر) ، والتي حملتْ عنوان (تجليات جواد الحطّاب ، ما بين الاضمار والكمون) تذهب بذات الاتجاه ، حين يقول : كانت قصيدة (تماثيل) ذات شبكة علاقات متواشجة ومعقدة ، تتطلب ذائقة محدّثة ومدربة بشكل جيد ، على استقبال وهضم واستيعاب مثل هذا النوع من الشعر الذي يحفل بفراغات الاضمار والكمون .
وتحس بـ (وجع القصيدة) ، كما يقول الشاعر نزار القباني ، كانعكاس لِوَجعنا من الواقع ، حين نقرأ في قصيدة ضمها الديوان :
• تركوا العراقَ في غرفة الانعاش
وانشغلوا بالقسام الشرعي
• على موائد عمرنا ..
جميع فواكه العبوات
ويرسب أولادُنا في الدرس
.. لا يعرفون إعرابَ المفخخات .
وفي قصيدة أخرى ، يرتفع منسوب السخرية المرّة ، حين يقول الشاعر :
… ماذا لو :
ثيران حرة
وحظائر بشرية .. ؟
الحطّاب جواد ، يُطعم نارَ النقد والاحتجاج ، مزيداً من الحطب ، لتزداد أشتعالاً . ولن أقول أكثر ..