22 نوفمبر، 2024 10:30 م
Search
Close this search box.

الحاكمية خديعة سيد قطب اللغوية .. مصطلح زائف تحول إلى دين للقتل والإرهاب

الحاكمية خديعة سيد قطب اللغوية .. مصطلح زائف تحول إلى دين للقتل والإرهاب

عاش جيلنا عمرا طويلا مخدوعا في شخوص وفي أسس تحول بعضها إلى ما يشبه المقدس من الدين، لقد دفعتني ظروف مختلفة للقيام بمراجعة كثير من أفكار قرأتها في وقت سابق بعد أن رأيت أن هناك تهافتا لمن كان كثير من الناس يعتبرونهم دعاة إلى الله، ومن بين المفاهيم التي قررت أن أراجعها مصطلح الحاكمية، ولكنها كانت مراجعة ليس مثل غيرها من المراجعات، لقد كانت المفارقة أنه عندما بدأت في تتبع فكرة الحاكمية لم أكن اتوقع أن تنهار الفكرة بهذه السهولة، كانت مفاجأة لي أنا نفسي أن يظهر أمامي زيف هذه الفكرة وخداع المصطلح في وقت قصير فالحاكمية، هذا المصطلح الغريب على اللغة العربية الذي تحول لدين مقدس يقتل أتباعه الآخرين في سبيله، لم يكن له أبدا أى أصل في أى لغة، ولا يستطيع أى باحث في أى مجال أن يبني عقيدة بأكملها على مصطلح ليس له أى أصل لغوي لا في لغته الأصلية ولا في أي لغة أخرى.
الحاكمية هى المفردة التي كانت أكثر إثارة للجدل في كل أدبيات الإسلام السياسي، ومفردة الحاكمية ليس لها أصل عربي ولكن صكها مؤسس الجماعة الإسلامية في الهند أبو الأعلي المودودي مستخدما المفردة الإنجليزية governance ، ثم نقل سيد قطب نفس المفردة إلى اللغة العربية مستخدما كلمة الحاكمية، وهى كلمة لا أصل لها في اللغة العربية، ويعتبر استخدامها في سياق التنظير الفكري خطأ منهي بالنظر إلى أن اللغة هى وعاء الفكر، ولا يستقيم استخدام مفردة غير صحيحة لغويا لبناء نظرية كاملة عليها، خصوصا إذا كانت بخطورة نظرية الحكم والتشريع. لقد خلت كل معاجم اللغة العربية من أى إشارة من قريب أو من بعيد لكلمة الحاكمية أو معنى لغوي صحيح لها، وأوردت المعاجم العربية مفردات مادة حكم وهى الحكم بمعنى القضاء ,: أحكام ، وقد حكم عليه بالأمر حكما وحكومة ، حكم بينهم كذلك ، الحاكم : منفذ الحكم ، كالحكم , ج : حكام ، حاكمه إلى الحاكم : دعاه وخاصمه ، حكمه في الأمر تحكيما : أمره أن يحكم فاحتكم، تحكم : جاز فيه حكمه ، محكم، وحتي أقرب مفردة للفظة الحاكمية وهى مفردة، الحكامية فهى بمعنى اسم علم تاريخي يدل على نخل لبني حكام ، باليمامة، فالحكم أصله منع منعا لإصلاح، ومنه سميت اللجام حكمة الدابة، فقيل حكمته وحكمت الدابة منعتها بالحكمة، والحكم أيضاء العلم والفقه والقضاء بالعدل، فالحكم بالشئ أن تقضي بأنه كذا أو ليس بكلا سواء ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه، فاذا قبل حكم بالباطل فمعناه أجرى الباطل مجرى الحكم. والحكم أعم من الحكمة ، فكل حكمة حكم وليس كل حكم حكمة فالحكمة إصابة الحق بالعلم والعقل، والحكمة من الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات، أو في معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ويشترط فيها الجمع بين العلم والعمل، فلا يسمى الرجل حكيما حتى يجمعهما. والحكمة أيضا: القضاء والعدل والعلم والحلم والنبوة والقرآن والإنجيل، ومادة الحكم أيضا من الإحكام وهو الإتقان، واحتكم الأمر واستحكم؛ وثق، وسورة محكمة: غير منسوخة، فالمحكم ما لا يعرض فيه لشبهة من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، ويقال حاكم وحگام لمن يحكم بين الناس، والحكم المتخصص بذلك، فهو أبلغ، ويقال للجمع والواحد، ويقال للرجل المسن أيضا. والحكيم يجوز أن يكون بمعنى الحاكم. فني أسماء الله: الحكم والحكيم وهي بمعنى الحاكم. فهذا الاستخدام المتعسف للغة واشتقاق مفردة الحاكمية من غير أصل لغوي صحيح يؤكد أن توظيف سيد قطب لمفردة الحاكمية كمقابل عربي لكلمة governance التي استخدمها أبو الأعلى المودودي في تأسيسه للغة الخطاب الديني للجماعة الإسلامية في الهند، فلفظ الحاكمية من حيث الصياغة ليس له اى أصل لغوي في اللغة العربية وحتى في اي محاولة لرده للجذر العربي ح ك م فإنه لفظ حاكمية ليس له اي وجود في اللغة العربية، بما يجعل من استخدام مفردة او لفظ الحاكمية للتأسيس لنظرية إسلامية في الحكم شكل من أشكال التلاعب بمفاهيم اللغة وتحميل اللغة بما لا تحمل عقلا ومنطقا.

أحدث المقالات