18 ديسمبر، 2024 11:47 م

الحقيقة لم أكن أعرف أن هذه الألة ستشكل أهمية قصوى في حياتي يوما ما مثلما عرفته أثناء الفاجعة التي عشناها يوم 26 تموز بعد إعلان نفاذ الأوكسجين في #مستشفى_الشفاء_14 بكركوك.
(سكول سبانة) كما يسمى بالعامية ولا أعرف له إسماً علمياً غير ذلك. كنت قد شاهدته بيد السباكين ومن يعمل في أمور البوراي والماء وما إلى ذلك. لم أكن أتوقع أن في يوم من الأيام سيكون لـ(السكول سبانة) هذا دوراً حيوياً لدرجة تعلقه بحياة إنسان. لم يخطر ببالي أنني سأبحث عن (سكول سبانة) لغرض إنقاذ حياة أخي من الموت. كل شيء متوقع إلاّ أن تكون هذه الألة ضالة الكثيرين من الباحثين عن الحياة لتكون الألة التي يقارعون بها الموت.
يوم الفاجعة في مستشفى الشفاء 14 حيث تعالت أصوات المرضى بسبب نفاذ الأوكسجين المفاجئ، والذين صرخوا مطالبين بالحياة. عندها هرع المرافقين للبحث عن قناني الأوكسجين لضخ الهواء إلى الصدور والابقاء عليهم على قيد الحياة. الحصول على قنينة غاز لم يكن بالأمر السهل. وجلب قنينة إلى جنب المريض كان يعادل إستخراج فريسة من فم أسد.
قنينة الأوكسجين وبعد الحصول عليها يتطلب ربطها بمفتاح فيه مقياس ومخرج للأوكسجين. هذا المفتاح وعملية ربطه بالقنينة كان يتطلب (سكول سبانة).
(سكول سبانة) واحد فقط متواجد في ردهة الرجال كما شاهدته أنا والحصول عليه في تلك الأثناء كان أفضل من كنوز الدنيا كلها. كنت مستعداً عندها أن أدفع أي مبلغ يطلب مني لغرض الحصول على (سكول سبانة) أتمكن به من ربط مفتاح الغاز بالقنينة وإيصال الأوكسجين قبل لحظة إلى أخي الذي بدأ يتشهد حينها. وما أن تحصل على (سكول سبانة) حتى جاءك أحدهم راكضاً ليقول لك (عمي انطيني سكول سبانة مريضنا راح يموت).
هكذا كان لـ(سكول سبانة) الدور الرئيس في إحياء المرضى في أمسية أشبه ما تكون بيوم المحشر. حيث الناس سكارى وما هم بسكارى والذين يهرعون للحصول على قنينة أوكسجين و(سكول سبانة) دون رأفة. ولله درنا.