يتشابه البلدان العربيان العراق وتونس في أمور كثيرة.
البلدان خرجا من عباءة الديكتاتورية ، إلى نوع من الحرية، ومن حكم الفرد إلى حالة يتم وصفها بالديمقراطية.. انتخابات وأفراح ولافتات وصور بالالوان ووعود تخلب الألباب ويبدو حقيقة ما كان سراب ، ويبحرون بك وسط اللجج الحالكة ثم تستفيق على أوضاع تزداد سوءا، وفقر ينتشر مقابل طبقة تزداد ترفا وتنعما، والسرقات التي كانت تجري في الخفاء باتت على واجهات صفحات التواصل الاجتماعي بعد أن هيمن الفاسدون على وسائل الإعلام، ومن يتجرأ على النقد فمصيره محتوم لا بالسيف ولا بكاتم الصوت بل بحرمانه من الاعلانات والاعانات فلا يعود يصول ولا يجول في حلبات كل الموازين فيها لصالح سادة القوم الجدد.
وبعد مخاض عسير واصوات تنادت وشباب اعلنوا الثورة في البلدين جرى ما جرى .بدأت في تونس والعراق التصدعات في الصورة البراقة للحكام وانكشف ان الدين كان واجهة سميكة لتغطية العيون من ان ترى، والآذان من ان تسمع. وقامت الجماعات الجديدة باغرب خطوة لتحطيم معنويات الناس واذلالهم، فقد انشأوا الجامعات وعطلوا الصناعة ومراكز البحوث فتصاعدت معدلات البطالة ومن يتخرج لن يجد أمامه سوى أبواب مغلقة لاصناعة لا زراعة لا صحة وحتى أبار النفط باتت للشركات الأجنبية.. وقدحت شرارة الثورة وامتلأت الشوارع في البلدين بشباب تربوا في مناخات لم تتعطن برائحة الاستبداد المقيت لا سيما ثورة تشرين التي دخلت شهرها ” 18 ” من انطلاقتها الخالدة ونستذكر معها مواقفها الوطنية التي غيرات الكثير واستطاعت بدماء الشهداء والجرحى والمغيبين ترسيخ الوحدة الوطنية ، التي عمل على تفتيتها اعداء العراق ، وكيف تم قمع هذة الثورة وسقط من سقط وجرح من جرح وغيب من غيب بانتظار اشراقة في ساحات الوطن المنكوب.
وتغيرت الواجهات الحاكمة، صعد في تونس رجل يحترم كلمته وفي العراق جات منظومة أشد جهلا وأسهل في الإدارة من بعيد .. وتباينت المخرجات في تونس تم حل البرلمان ومنع الكبار من السفر لحين ثبوت براءتهم من الفساد اما في العراق فقد عوقب سارق مليارات الدولارات بغرامة آلاف او ملايين الدينارات وعمت البطالة وارتفع سعر الدولار ، وبقي المسؤول الكبير له الحق بتوظيف أبنائه وان يستحق راتبا تقاعديا مجزيا مقابل خدمة أشهر او سنوات معدودات، وباتت الحكومة التي تصدر ملايين براميل النفط يوميا تستدين من بنوك دخل مالكوها قبل سنوات إلى العراق حفاة.
في تونس وقف الجيش مع الإصلاح، لكن الأمر في العراق لن يكون هكذا لسبب بسيط وبسيط جدا فأي منتسب في القوات الأمنية ومهما كانت رتبته يفوق راتبه أربعة أضعاف راتب الجامعي ( أن وجد هذا الجامعي وظيفة) مع استمرار سطوة رجال الدين والعشائر والفوضى العارمة وتفلات السلاح .
في العراق عاد ابو جهل وابو لهب ليتصدرا الواجهة ويمتلكا مفاتيح قارون وباقي الناس باتوا عبيدا مثل بلال وعمار وسمية
ولعل القادم أسوأ وانتظروا فإننا منتظرون .