إلى: المثقفين والأكاديميين ..
ملحمة عاشوراء خطفت لب جميع الناس وعلى جميع مستوياتهم الفكرية والمعرفية وعلى طول التاريخ .. وعند مطالعة صفحات التاريخ نجد أن نمو وتطور الشعر كان يغترف من مائدة عاشوراء تلك التي ألهبت المشاعر وألهمت الشعراء حتى قيل عن الشعر انه مازال رافضيا بسبب إن أروع ما قيل من الشعر هو في الإمام الحسين خصوصا وأهل البيت عموما .
المثقف كانت صفة ملازمة في الفترات السابقة للشاعر (الكاتب ,المؤلف ,الناقل) . فان ديوان ثقافة العرب هو الشعر وتعرف القبائل والعشائر وتأخذ الفخر من انتساب كبار الشعراء إليها .
في العصور المتأخرة انسحبت الثورة الحسينية إلى الشعائر التي يمارسها عامة الناس والتي غالبا ما تتصف بالرؤية الجمعية (العقل الجمعي) تكاد تخلو من الوعي والمعرفة وتشوبها الخرافة والطقوسية ..
كان ومازال الكثير من المفكرين والأكاديميين يعقدون الندوات الفكرية والمؤتمرات البحثية والمعارض الفنية لتجسيد واقعة كربلاء ولهم الأثر الكبير في التعريف بملحمة عاشوراء ونقلها إلى الآخر البعيد عن الإسلام إلا إن ما يلاحظ أن هذه الممارسات أخذت بالتراجع في السنوات الأخيرة وفسح المجال الواسع للممارسات الجماهيرية العامة وأصبح من النادر أن تسمع بمهرجان أو ندوة أو معرض ينظمه الأكاديميين أو المثقفين .
اخذ المثقفين في الفترة المتأخرة ينهجون نهج المعارضة مع الشعائر الحسينية ونظرية المعارضة تعتمد بالأساس على رفض الآخر الأمر الذي يوحي للمطلع على كتابات الكثير من المثقفين بأنهم أعداء للشعائر الحسينية أو يكونوا أعداء للحسين نفسه (حسب فهم دعاة الطقوسية المحضة) مما أدى إلى وجود فجوة كبيرة بين المثقفين والحسينيين باعتبار إن المثقفين يرفضون قضية الحسين وهذا الأمر قد أكده الكثير من المنتفعين من الممارسات الطقوسية للشعائر والذين يحاولون أن يتربعوا على عرش خدمة الحسين دون غيرهم وقد يلازم هذا الأمر الكثير من المخالفات لأهداف الحسين .
إن أهداف الحسين اكبر من أن يجسدها اللطم والمسير والممارسات الأخرى بل إن أهدافه أوسع واشمل وكما قلنا سابقا (إن سفرة الحسين واسعة) وان تراجع المثقفين عن أداء رسالتهم الحسينية وتأكيد دورهم وتفعيل عملهم في مجال عاشوراء سيفسح المجال للخرافة أن تأخذ دورها في الشعائر الحسينية والقضية الحسينية عموما .
ورسالتي إلى جميع المثقفين والأكاديميين أن يفعلوا دورهم وان يقرئوا عاشوراء قراءة حضارية وان يجسدوا أهداف الحسين بصورة مشرقة تعكس نبل الملحمة وعالميتها وإنسانيتها .
حين مطالعة إلى المواكب الحسينية المستعرضة في شوارع المدن أيام عاشوراء تجد أن هناك خلو لدور المثقف والأكاديمي وتشعر بوجود القطيعة بين المثقف والأكاديمي من جهة وعاشوراء من جهة أخرى واني لاستشعر ما يدور في خلدهم من عدم القناعة في الكثير من الأمور التي يمارسها عامة الناس إلا إن المطلوب منهم هم التعبير عمن رأيهم والمشاركة الفاعلة لتخليص الشعائر الحسينية ومحاولة عقد الندوات لغرض نقد الشعائر وتهذيبها ليثبتوا حسينيتهم فليس الحسين حكرا على المواكب وأعضائها كما بدأ يتسرب إلى فكر الجميع بل الحسين للجميع وتقع على الجميع مسؤولية الحفاظ على أهداف ثورته ..