18 ديسمبر، 2024 8:42 م

وصول الاسلام السياسي للحكم: تخطيط ام استحقاق

وصول الاسلام السياسي للحكم: تخطيط ام استحقاق

يتفرع من الاسلام فرق ومذاهب شتى، كل منها له قراءته السياسية للدين في التطبيق العملي والتنظيري. هذه الفرق الاسلامية التى دخلت المعترك السياسي في ستينيات القرن الماضي وبدأت في طرح رؤاها وافكارها في ادارة الدولة والحكم من خلال تنظيمها للاحزاب والتكتلات السياسية الساعية للوصول الى مركز السلطة في دولهم، وكثيرة هذه الاحزاب منها ذات المذهب السني ومنها ذات المذهب الشيعي وغيرها كل حسب دولة تاسيسه ونشوئه.
خاضت هذه الاحزاب الاسلامية صراع مستميت مع السلطات الحاكمة في بلدانهم وبدأوا يشيطنون تلك السلطات وكذلك استخدموا اسلوب محاكاة مشاعر الجمهور الاسلامي بفتاوى والمأثور من السنة من اجل كسب التاييد في مسيرتهم نحو السلطة. قبالة هذا الامر لم تكن السلطة الزمنية الحاكمة لتسمح لهم بازالتها من الوجود كونهم يحملون أيديولوجيات متعارضة بشكل جذري، فقد سعت وبكل السبل والوسائل الى هدم كل لبنة يضعونها في طريق الوصول للسلطة، فاحيانا تلجا السلطة الى تشويه سمعتهم والقدح بهم ، واحيانا تزج بقيادات تلك الاحزاب وكل من ينتمي لها ويؤازرها في السجون وربما في كثير من الاحيان كان يتم تصفية تلك القيادات في السجون او خارجها من خلال الصاق التهم الكيدية او حتى بدون محاكمة اصلا. كذلك لم تترك تلك الاحزاب الاسلامية وسيلة للتخلص من السلطة الا واتبعتها وهو ما يمكن ان يطلق عليه باللهجة الدارجة( تحالفوا حتى مع الشيطان من اجل الوصول للسلطة). بعض هذه الاحزاب والحركات الاسلامية استطاعت ان تبلغ مرادها وتؤسس لها دولة كما حصل مع ثورة ايران بقيادة السيد روح الله الخميني، والبعض الاخر هو مابين مطرقة السلطة ومساومات الخارج لانه من المعلوم في عالمنا المعاصر كل خطوة لابد ان تكتسب الجانب الشرعي الدولي اي التأييد الدولي لهذه الحركة او تلك لانه بدون هذا التاييد ورغم المساندة الشعبية لتلك الاحزاب والحركات الا انها تبقى تواجه الفشل المتكرر اي انها تبقى في حلقة مفرغة ولا تستطيع ان تثبت جدارتها في تطبيق منهجها في ادارة الدولة، ربما تكون التجربة الايرانية استثناء بسبب الموقع الجغرافي الذي يدخل في حسابات المنظرين العسكريين في هذه المنطقة القلقة والخطرة عسكريا لما تتميز به من الاطلالة على الخليج العربي وكذلك تحكم ايران في مضيق هرمز واستخدامه كورقة ضغط ضد اي توجه عسكري ضدها، فالامداد الطاقوي يمر بهذه المنطقة الحساسة واغلب هذا الامداد يتجه نحو الدول التي تعتمد على صادرات الخليج النفطية بشكل اساس الامر الذي يجعلها تقف حائل لمنع اي تشنج من شانه تازيم الامور وبلوغها مرحلة اللاعودة، لذلك سعت الدول التي تحمل الايديولوجية المناهضة للثورة الايرانية الى تطويق ايران دوليا مرة من خلال سياسة الاحتواء المزدوج التي اتبعتها الولايات المتحدة الامريكية في الثمانينيات من القرن المنصرم والتي ادخلت العراق وايران في حرب دامية دامت لثمان سنوات من الخراب والتراجع في المجالات كافة, تلك الحرب التي كان الهدف منها الهيمنة العالمية للولايات المتحدة الامريكية من خلال القضاء على الخصوم المحتملين والذين نظر اليهم فيما بعد المفكر الامريكي (صموئيل هنتغتون في مؤلفه صراع الحضارات) وكذلك( فرنسيس فوكا ياما في مؤلفه نهاية التاريخ ) من خلال ترجيح بروز الايديولوجية الاسلامية كقوة منافسة فكريا للفكر الليبرالي ، ولم تستخدم الولايات المتحدة القوة المباشرة في ايران حتى في اشد الظروف وهي اسر الدبلوماسيين الامريكان ابان تمكن الثورة من الحكم الشاهنشاهي بل اعتمدت على ضرب الاسلام بالاسلام ، وهي تلك الفكرة القديمة المتجددة مع كل بزوغ للاسلاميين ، كانت الدول المسلمة قد طوعت نفسها في خدمة الاهداف الامريكية من خلال سياسة الاعلام العالمي الذي روج لايران التوسعية الفارسية وصورها بانها الطامع بارض جيرانه وانه الخطر الاكبر وما ايد السياسة الامريكية وجعلها اكثر واقعية هي مبادئ الثورة التي كان من اولى مبادئها هو تصدير الثورة وان الامة الاسلامية لاتعترف بالحدود بين ابناء واصقاع الامة ، ولذلك هرعت الماكينات الاعلامية العربية الخليجية خشية من التمدد الايراني اليها الى مساندة العراق في حرب ضروس اكلت الاخضر واليابس وارجعت البلدين قرونا من التخلف واخضعتهم للعقوبات الدولية السياسية والاقتصادية ولم يحققوا ايا من اهدافهم التي دخلوا فيها الحرب والرابح الوحيد فيها كان الغرب الذي بقي متفرجا وكأن الذي كان يجري هو مباراة في حلبة مغلقة اهدافها محسومة مقدما. في ظل هذه الضدية بين اي حزب او حركة تحمل الايديولوجيا الاسلامية والغرب سعت بعض هذه الاحزاب الى المداهنة ودخول مرحلة جديدة وهي مرحلة التواصل مع الغرب من اجل طلب المساعدة في التخلص من الانظمة الديكتاتورية في بلدانهم وطرقوا كل الابواب بما فيه باب الشيطان الاكبر (امريكا)، لكن في السياسة المصالح هي التي تحكم وليس ما تقدمه من ود او صداقة فلم يعر العالم مطالبهم اذانا صاغية باختصار شديد لان الموجود لازال ضامنا للمصالح الغربية. لم يتراجع الاسلاميون عن هدفهم بل اتخذوا الوسائل كافة بما فيها الاعمال العسكرية ضد سلطات دولهم ومنهم العراقيين والاسلاميين في مصر وبقية الدول العربية ذات المساحات المفتوحة، لكن تلك الانظمة بما تمتلكه من سيطرة بوليسية محكمة كانت تقضي على كل تمرد يقوم به هولاء وبضمانة السكوت الدولي طالما المقابل ضمان المصالح الدولية.
في مطلع القرن الواحد والعشرون بدأ هناك تغير في السياسة الغربية وكأنها تعطي اشارة للاسلاميين بان عصر الديكتاتوريات قد انتهى والامر موكول للشعوب بالتحرر من قبضة حكامها، وكان اول الغيث هو احتلال افغانستان وبذر الفرقة بين شعبه دينيا ومن ثم تلاه احتلال العراق 2003 الاحتلال الذي حمل كل معاني الوضوح في الاهداف التدميرية للمحتل من خلال ضرب المنشآت الحيوية في البلد وحل مؤسساته وتفكيك قواه الامنية وقتل علمائه وتشريدهم ، ومن ثم اعداد الخارطة الجديدة للعراق بما يتناغم مع المصالح الامريكية والدول المتمحورة معها من خلال تهيئة الظروف للقضاء على الاسلام كفكر يقود دولة نموذج في العالم من خلال تسليم السلطة لمن عارض النظام السابق والذي جاء للحكم بجلباب التعطش للحكم ويشاركه الخائف من عودة عدوه (الاكراد) وبقي السنة خارج السرب كون الفكر السني يجعل من الحاكم هو ولي للامر وبالتالي لم يشأ اهل السنة مولاة الغريم والند المذهبي وهو الحاكم الشيعي فلم يشاركوا في ادارة الدولة وعارضوا الحكم الشيعي بكل الوسائل التي اعتمدت على فتاوى تكفير وتحريم المشاركة في الحكم والتطوع في الجيش حينها والى غير ذلك من الاساليب.
لم تحقق الاحزاب الشيعية الاسلامية اهدافها في ادارة الدولة كونها تفتقر الى الدعم الحقيقي من المجتمع الدولي وكذلك افتقار قيادات تلك الاحزاب والحركات الى الرؤية الواضحة في عراق ما بعد 2003 واعتماد اغلبها على العامل الخارجي كل حسب التوجه والايديولوجيا التي يحملها، فمنها من ركن الى ايران كاسناد مذهبي في انجاح التجربة لاسلامية المدنية في العراق(حزب الدعوة و منظمة بدر والمجلس الاعلى ..الخ) والبعض الاخر توجه نحو الحاضنة العربية وهي الاحزاب والكتل السنية التي بدأت تدخل في العملية السياسية لاجل التخريب وليس المشاركة في بناء الدولة وكذلك عدم فسح المجال لاستغلال دور السنة وتهميشهم لعدم وجود من يمثلهم في سلطات الدولة الجديدة، واطراف اخرى تعاملت مع عراق مابعد 2003 بلغة المصالح القومية مثل الاكراد في شمال العراق واعتمادهم في تحركاتهم على كسب التعاطف الدولي مع القضية الكردية ولا سيما من خلال ترويج الاحداث الاجرامية التي خلفها النظام السابق بحق الاكراد وخاصة موضوعة القنابل الكيماوية في حلبجا، اذ استخدم الاكراد اسلوبا سياسيا تسويقيا في هذه المسألة لكسب مصالحهم داخليا وخارجيا.
هل حقق الاسلاميون في العراق هدفهم الذي تعاونوا مع الخارج وكذلك مع الولايات المتحدة الامريكية التي ينعتونها بالشيطان؟
الاجابة على هذا التساؤل يحتاج منا الرجوع قليلا الى اصل الفكرة من احتلال العراق وافغانستان، ففي الاعلام كانت الاخبار تصرح بامتلاك صدام حسين للأسلحة المحرمة(اسلحة الدمار الشامل) وبهذا يعد من الدول المارقة حسب التصنيف الامريكي. وان افغانستان هي مصدر قلق للسلم العالمي لوجود التطرف فيه وسيطرته على افغانستان و تهديده للسلم الدولي.
طيب رب سائل يسال مالذي تغير في السياسة الامريكية الم يكن صدام يخدم مصالحهم ؟ هل اصبح مصدر خطر على المصالح الامريكية؟
في بداية الامر يتصور للقارئ ان صدام حسين ونظام حزب البعث قد اصبح الخطر الاكيد على المصالح الامريكية فسارعت الولايات المتحدة وحلفائها الى التخلص منه بشكل كامل. للاسف لم يكن كذلك مطلقا، فالولايات المتحدة هي من ادارة الحرب بين العراق وهي من مهد دخول صدام حسين للكويت كل ذلك لم يكن عبثا بل تخطيطا للتخلص من الورقة المستنفدة والتي حققت المرسوم لها والدور الجديد لابد الا يكون لصدام اي وجود فيه ولو لم يكن بتخطيط امريكي لابقت الولايات المتحدة الامريكية الحظر المفروض على الطيران العراقي ابان الانتفاضة الشعبانية التي كانت قاب قوسين او ادنى من التمكن من بغداد، لكن بالتاكيد لو لم تسمح لصدام بضرب الانتفاضة لأصبح العراق منذ ذلك الزمن مقسم فعليا الى ثلاث دول ولكان لصدام حصنه السني وبالتالي لن يتم افشال الايديولوجيا الاسلامية كنظرية للحكم بشكل كامل كون النظام البعثي لن يسمح بالحكم السني ولا يتخذه أيديولوجيا في ادارته للدولة وبالمقابل الجنوب الشيعي سيكون خطرا على المصالح الامريكية ان نجح في تنفيذ مخططه وتشكيل دولة الجنوب التي تسيطر على 95% من النفط في العراق او ربما يتم الانضمام الى ايران انطلاقا من الاعتبارات المذهبية وبالتالي تتعقد الامور اكثر وتصبح العقوبات الدولية المفروضة على ايران اقل اثرا وبالتالي من الممكن ان تنجح التجربة الاسلامية في تصدير انموذجها في ادارة الدولة والمجتمع.
لذلك لم يكن صدام ضد امريكا بقدر ما كان ينفذ اجندتها وقد انتهت امكانية تحقيقه لمصالح اكثر للعالم الغربي فتم اسقاطه وتسليم الاسلاميين الحكم نعم تسليم لان الاسلاميون لم يستطيعوا اسقاط صدام حسين الا بمعونة الامريكان ودعمهم الدولي والعسكري والاعلامي الذي كرس لنخر المجتمع العراقي وافراغه من اية قيم بشكل جعل من الشعب اداة اخرى سهلة الانقياد للتخلص من البعث وصدام. ولكن هناك سؤال جوهري هل كان الاسلاميون على علم بانهم وسيلة لهدم الثقة بالايديولوجية الاسلامية في ادارة الدولة؟
سعت الولايات المتحدة الامريكية في هذه الفترة ليست في العراق فحسب بل في جميع الدول التي تشهد توجهات اسلاموية نحو السلطة الى اتباع سياستين في آن واحد ، فهي من جهة اتبعت سياسة التمكين لبعض الحركات والاحزاب الاسلامية في الدول العربية لافشالها وترويج فشلها على انه فشل الايديولوجيا او الفكر الاسلامي في اطروحته الدولتية وفي هذا المجال استخدمت الجانب الاعلامي بشكل مكثف واصبحت تصنف الاسلام الى متشدد (متطرف) واسلام معتدل يحمل رسالة دينية فحسب ولا علاقة له بالحياة السياسية كحال الديانة المسيحية في الغرب، من جهة اخرى وفي قبالة هذا التشويه للصورة الاسلامية تبنت الولايات المتحدة الامريكية سياسة القوة الناعمة من خلال ابراز النموذج الغربي وما وصلت اليه الدول الغربية من تطور ملموس في شتى المجالات بالشكل الذي سلطت فيه سياستها على العقل الجمعي للشعوب الاسلامية ودفعها للتفكير بنفس النموذج الغربي وتدريجيا بدأت هذه الشعوب تنقم من الاحزاب والحركات الاسلامية التي لم تخلف الا الدم والدمار والتخريب وما ساعد على تقبل وسهولة انصياع العقل الجمعي للشعوب المسلمة هو ان الحركات والاحزاب الاسلامية قد دخلت في صراعات بينية فيما بينها مرة مذهبية واخرى تجزئية على طريقة تجزئة المجزء(سيستاني، صدري، …الخ).
هنا يبدر السؤال التالي : ما هو الهدف بعد هذه السياسة من تشويه الفكر الاسلامي وابرازه بابشع صورة؟ هل تسعى الولايات المتحدة الامريكية الى فرض نموذجها،؟ هل القواعد الشعبية في هذه البلدان مهيئة لهكذا نموذج؟
نرى ان التاريخ يعيد نفسه في ادارة العالم من خلال اساليب تقليدية اعادة تدويرها بجلباب فكري جديد وهو النموذج الغربي المتطور المدعوم دوليا من قبل المجتمع الدولي . هذه الاساليب هي ذاتها التي تعتمد على دورة الحكم عند الفلاسفة اليونانيين الذين اعتبروا ان الديمقراطية تؤدي الى الفوضي التي ستؤول الى حكم القوة او القلة المتمكنة(سياسيا، عسكريا) بالاضافة الى امتلاكها القبول في المجتمع الدولي الذي تتحقق ودون ادنى تعب من خلال ضمان مصالح تلك الدول في النموذج الجديد، فالبراهين تبرز يوما بعد اخر لتؤكد هذا المسار فما استلام الاسلاميين في مصر ومن خلال صناديق الاقتراع التي يطبل لها الغرب ببعيدة، فالشعب الذي جاء بمحمد مرسي الى الرئاسة المصرية وصفق له وهو المعروف بانتمائه الاسلامي والدعم الذي يتلقاه خارجيا في هذا الاطار من قبل تركيا وقطر والامارات هو ذاته الشعب الذي انقلب عليه وجاء بالسيسي رئيسا، لا يحتاج الامر للعناء للتثبت من ان الهدف كان اسقاط التجربة الاخوانية في عيون الشعب المصري لكي لا يفكر مستقبلا باي حكم اسلامي، لذلك تم اعادة تجربة حكم القوة بجلباب الانفتاح على العالم وتسليط الاعلام على النجاحات التي تحققها الحكومات بعد التجربة الاسلامية وضمان مصالح الدول في مصر وهذا هو ما سمي بـ(سياسة القوة الناعمة للمؤلف جوزيف ناي) الذي يبرز محاسن التجربة الغربية ويسلط الاعلام بالمقابل على هفوات الاخرين الكارثية لكسب ود الشعوب للتجربة الغربية ومساندتها من خلال توفير الدعم الداخلي للحكومات التي تنتهج ذلك النهج.
كذلك تجربة الاسلاميين في تونس وكأن السيناريو المصري يتكرر في تونس ولكن بالرداء المدني المسنود بقوتين القوة العسكرية والقوة ذاتها التي جاءت بالاسلاميين الى سدة الحكم من خلال صناديق الاقتراع وهي قوة الشعب.
هنا يبرز التساؤل هل من الممكن ان نرى امتدادا للنهج المصري التونسي في العراق ؟
سبق وان ذكرنا ان الاحتلال الامريكي عند احتلاله العراق 2003 قام بتهديم بنى ومؤسسات الدولة ولا سيما الامنية منها بالشكل الذي جعله عرضة للنفوذ الخارجي لكل الدول المحيطة الطامحة لتحقيق مصالحها في العراق ولا سيما ايران التي استغلت الرابط المذهبي في التوغل في العراق بشكل فاق النفوذ الامريكي ، ورغم ان ايران اصبحت ومن خلال افشال عملية استنساخها لجنوب لبنان في العراق الا انها لا زالت ذات نفوذ قوي ومؤثر في المشهد السياسي العراقي من خلال تاسيسها لفصائل تتبع عقديا امر السيد علي خامنئي المرشد الاعلى للثورة الاسلامية الامر الذي جعل منها بصورة او باخرى اداة طيعة تستخدمها طهران للتلويح بالقوة ضد اي انقلاب او تحول لايضمن مصالحها في العراق. وكذلك بقية الدول الاخرى وان قلت وطئتها ونفوذها في العراق كونها قريبة فكريا من المنهج الغربي مثل تركيا والسعودية .لذلك فان الركون الى الجان العسكري في ظل هذا النفوذ الايراني وفي ظل مؤسسة عسكرية مخترقة من قبل مخابرات الدول بالاضافة الى ان هذه المؤسسة لم تسلم من المحاصصة الامر الذي جعل منها مؤسسة ذات قيادات تتبع ولاءات فرعية ومن غير الممكن التعويل عليها في التغيير.
ربما الامر يكون في العراق يقترب بعض الشيء في الافق مما يحصل في تونس لكن ان حصلت فهي تجربة مميتة مع وجود هذه القوة الرديفة للقوة الرسمية ، حتما ستراق الكثير من الدماء وسيتعامل الطرف الاخر لو نجحت فكرة التجربة التونسية في العراق باسلوب التخريب والفوضى المضادة وسيتسع دور فرق الموت والاغتيالات ، لكن سيكون هناك تعاطف شعبي كبير مع اي حركة من هذا النوع لكون الاحزاب الاسلامية وكذلك ايران قد فقدوا تعاطف الشعب العراقي معهم بعد 18 سنة ولم يكن هناك انجاز يذكر يحصنهم ويبقي جماهيرهم ملتفة حولهم في السراء والضراء، كذلك سيكون المجتمع الدولي الى جانب الدولة التي تكون ضد النفوذ الايراني كون مصالح كثير من الدول تحتاج الى عامل الاستقرار الذي لا يتوفر في ظل استباحة لكل مقدرات الدولة العراقية وتغول الميليشيات فيها. بالتاكيد ايران لن تقف مكتوفة الايدي وستفعل ازمة النووي بشدة وكذلك اطرافها في الدول الاخرى مثل (حزب الله في لبنان، انصار الله في اليمن ) ستفعلهم ضد مصالح هذه الدول بالمباشر
لذلك نرجع الى اصل الموضوع في ان وصول الاسلام السياسي للحكم تخطيط ام استحقا؟ لم يكن استحقاقا بل تخطيطا لان وصول الاسلاميين الى سدة الحكم لم يكن ناتج قناعة واعية للشعب بل من خلال الاستناد الى التظليل واصدار الفتاوى والوعود للجماهير المتعطشة للتغيير فتم استغلال حاجة الجماهير للحرية من اجل الوصول ولم يكن استحقاقا للاحزاب لانه وصول فوضوي غير مخطط له ولا يمتلك رؤية حقيقية تقنع الجمهور الواعي ولذلك استندت الى التعصب واستخدام عواطف الناس اكثر من تنويرهم بالشكل الذي يجعلهم يساندون تلك الاحزاب بشكل واعي ويجعل كل من الجماهير والاحزاب محصنين من المؤامرات ومكائد الخارج، كذلك هو مخططا له وليس استحقاق لان تلك الاحزاب لم تستطع صهر تلك الشعوب في بوتقة واحدة لتغيير النظام من الداخل بل كان العامل الخارجي هو الاساس في اسقاط النظام وفي وصولهم.