وكالات – كتابات :
بعيدًا عن المواقف الرسمية العراقية المتحفظة؛ حيال الأحداث الدائرة في “تونس”، إذ لم يُصدر أي موقف رسمي بشأنها، إلا أن قطاعات واسعة من العراقيين إنشغلت، بشكل استثنائي، بإطاحة الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، الحكومة وتعطيل أعمال البرلمان.
ورغم عدم قبول اتجاهات غير قليلة؛ بالطريقة التي انتهجها الرئيس، “سعيد”، وهي برأيهم تقوض أسس الديمقراطية الناشئة في هذه البلد العربي، فإن غالبية الآراء والتعليقات كانت تميل إلى أنها: “أفضل طريقة لتصحيح مسار الأوضاع الخطيرة التي كرستها الديمقراطية الشكلية”، سواء في “تونس” أو في “العراق”، وما نجم عن ذلك من اختلالات اجتماعية وسياسية وأمنية عميقة، وتمنى كثيرون أن تشهد بلادهم: “تحركًا مماثلاً”، يُطيح بالطبقة السياسية الحاكمة؛ وفصائلها التي لم تجلب للبلاد سوى التخلف والتراجع المستمر على كافة المستويات، منذ 18 عامًا.
في انتظار “انقلاب”..
وغالبًا ما ترتبط أمنيات ورغبات الاتجاهات الناقمة على نظام ما بعد 2003، في “العراق”، بإطاحته جذريًا واستبداله، ذلك أنهم لا يجدون أي إمكانية لإصلاحه من الداخل.
وغالبًا ما تترد فكرة: “الانقلاب العسكري” أو “التدخل الخارجي”؛ لتحقيق هذا الهدف، ومن دون ذلك يستبعدون إمكانية تغييره، سواء عبر الآليات الديمقراطية أو الحركات الاحتجاجية، بالنظر لسيطرة أحزاب الإسلام السياسي والفصائل المسلحة وبقية قواه السياسية المستفيدة من الأوضاع القائمة على معظم مفاصل الدولة الحساسة وإرتباط جماعات سكانية غير قليلة بشبكات ومصالح تلك القوى والأحزاب والفصائل.
العراق ليس تونس !
وفي مقابل تصاعد الأحداث، في “تونس”، تصاعدت التعليقات والجدل عراقيًا، بين من يرى أن ما حدث هناك ربما يمكن تكراره في “بغداد”، وبين من يرى استحالة ذلك، نظرًا لطبيعة الاختلافات الجذرية بين البلدين، سواء على مستوى شكل النظام السياسي أو بالنسبة لطبيعة التركيبة السكانية الإثنية والقومية والمذهبية؛ وإن تشابهت الظروف في البلدين على مستوى سوء الإدارة والفساد وهيمنة جماعات الإسلام السياسي.
وفيما يرى القيادي في ائتلاف (دولة القانون)، النائب “كاطع الركابي”، أن: “ما حصل في تونس؛ لا يمكن حصوله في العراق، لأسباب سياسية وقانونية ودستورية”، يؤيد كثيرون ما حصل في “تونس” ويتمنون حصوله في “العراق”، وثمة من يناقش في الأطر الدستورية والقانونية؛ التي تحكم النظامين السياسيين، في “تونس” و”العراق”، ويفضل العمل ضمن سياقاتها.
العراق تحول لشركة قتلة وفاسدين..
وأنشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، ومن مختلف الفئات، يوم أمس، بالشأن التونسي ومقارنته بما يجري في “العراق”.
وعلق الباحث والكاتب، “حيدر سعيد”، عبر (تويتر)؛ قائلاً: “يتعدى الأمر السجالَ النظري، وتحديد ما إذا كانت تونس قد أكملت مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية؛ ودخلت مرحلة ترسيخ الديمقراطية، يكشف ما جرى، أمس، أهمية السجال الذي عاشته، تونس، في الأشهر الأخيرة؛ على تشكيل المحكمة الدستورية وتعديل قانونها”.
أما الكاتب والمؤرخ، “رشيد الخيون”، فقد إنحاز بالكامل لما جرى في “تونس”؛ وتمنى تكراره في “العراق”، حيث كتب أن: “العراق الأحوج ألف مرة لما حدث بتونس، وقبلها بمصر، وقف مهزلة الفوضى الغاشمة، التي معها لم تُعد بلاد الرافدين، جنوبها إلى شمالها، دولة بل هي شركة قتلة وفاسدين، وأحزاب دينية ولا دينية جائرة ورثت شركة عائلية، وميليشيات متسلطة وقضاء فاسد، وبرلمان أفسد، وسترون ماذا تظهره أقفاص الاتهام”.
أمر صعب تحقيقه بتونس..
وعارض أستاذ اللغة العربية في جامعة “بغداد”، “خالد هويدي”، ما حدث في “تونس”؛ حين كتب: “على المستوى الشخصي؛ لا أتعاطف مع أحزاب الإسلام السياسي، بمختلف اتجاهاتها الفكرية، ومنهم بطبيعة الحال حركة (الإخوان المسلمين). أما واقعيًا فيصعب عليّ تسويغ حل مؤسسة منتخبة كالبرلمان”.
وأضاف: “لا أعتقد أنه بالإمكان تكرار التجربة المصرية في تعاملها مع الإخوان، في تونس؛ لسبب بسيط يتمثل في امتلاك مصر جيشًا قويًا ومسيطرًا، وهو يمثل دولة داخل دولة، وقد تمكن الجيش من فرض سطوته في قمع الإخوان، وهذا الأمر غير متحقق في تونس”.
وتابع “هويدي”: “ما يحدث في تونس الآن؛ جزء من صراع المحاور المعروفة”.
أما النائب السابق عن التحالف الكُردستاني، “ماجد شنكالي”، فرأى أن: “أكثر المتضررين من انقلاب، قيس سعيد، الدستوري المدعوم شعبيًا: تركيا وقطر؛ الداعمتان للإخوان أينما وجدوا”.
وأضاف: “أما أكثر الخائفين من هذا الانقلاب؛ فهم الأحزاب الإسلامية العراقية، التي أصبحت آخر معاقل الإسلام السياسي الصامدة بوجه التغيير، وحسب المعطيات فإن صمودها أصبح مسألة وقت ليس إلا”.