أتوجه إليكم بكلمة ولانملك الا الكلمات وأنتم في الداخل تنزفون أرواحاً لا ذنب لها. أما نحن فننزف ألماً لا يساوي شيئاً أمام ما أنتم عليه. لقد ملّت حتى مفردات التعبير ومخاطباتنا لكم وحديثي لمن يعقلون و يستوعبون. كم سنة ونحن نحذّر ونقترح وكنّا دائما نقول لانكتفي بالنقد إنما نطرح عليكم مقترحات فعّلوا ماتجدونها ملائمة لواقعكم وطموحكم. لم نجد الا آذاناً صمّاء وألسنة منافقة ممن كنّا نعتقد أنهم يشاركوننا المشروع الوطني وخارطة طريق ثورة تشرين سواء من الداخل والخارج. ولأننا نعرف بحكم التجربة هكذا منعطفات ستحدث في واقع ثورة تشرين وبعض تنسيقياتها او المتحدثين باسمها وكذلك ممن يقدمون أنفسهم أطرافا معارضة للعملية السياسية فقد كنّا نقول لكم راهنوا على وحدتكم وثبات مواقفكم راجعوا بيانات الجبهة الوطنية للتغيير في العراق وستدركون صدق ما أقول. سؤال يُطرح في هكذا واقع وأحداث مؤلمة كيف نحدد معالم إنقاذ العراق من أسوء سيناريو محتمل؟ وماهو اكثر مما يحدث الآن؟ أقول إن لم تقرأوا احداث ما مضى من تاريخ العراق كانت ثلاثة أحزاب مشاركة فيه كقيادة أو نتائج لم توفقوا في تحديد المشاكل ومن ثم حلّها ضمن المشروع الوطني. الأحزاب الثلاث هي الشيوعي ، البعث العربي الاشتركي والدعوة الاسلامية. هذه الاحزاب الثلاث أسست واقعا جديدا في تاريخ العراق الحديث. نبدأ من الحزب الشيوعي العراقي هو جزء من النفاق الاجتماعي والسياسي الذي يعاني منه العراق اليوم فتاريخهم الذي كانوا من خلاله اداة للحزب الشيوعي السوفياتي ومنذ تأسيسه في العراق وكانوا جزءا من ملفات انتهاكات حقوق الانسان من خلال مجازر الموصل وكركوك ( مليشيا المقاومة الشعبية/ أنصار السلام 1959 ) وفي فترة حكم حزب البعث العربي الاشتراكي بعد العام 1968 كانوا جزءا من الجبهة الوطنية التقدمية بالاضافة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الثوري الكردستاني ، وكان ذلك عام 1974 الى العام 1979 وراجعوا الأحداث الدموية التي تعرضوا لها ولكن لكونهم جزء من المحور السوفيتي في العراق آنذاك فقد تحملوا كل التضحيات والمعاناة لرفاقهم الشيوعيين. هذا السلوك هو مايُفسر النفاق والانتهازية في حركة الشيوعيين العراقيين بعد العام 2003 فتراهم جزء من العملية السياسية الفاشلة بفسادها وجرائمها القاتلة ونفس الوقت يتحدثون عن الاحتجاجات المدنية والمشاركة فيها بل حتى المشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمع اجراءها تشرين الأول المقبل. نأخذ المثال الثاني حزب البعث العربي الاشتراكي حوّل بوصلته العملية الى اداة قاتلة ضد كل من يرفض دكتاتورية ونهج صدام حسين وتمرّس على اسلوب التمجيد وعبودية الحاكم الأوحد في أدبياتهم وكل مايمس واقع المجتمع فتحول الفن والثقافة وغسل أدمغة المجتمع الى عبودية الرمز صدام حسين فأصبحت ازداوجية الفرد العراقي بين عهدين سيئين هما الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث العربي الاشتراكي . جاء الحزب الثالث حزب الدعوة الاسلامية في العراق ليستلم ادارة الدولة من خلال منصب رئاسة الوزراء بدءا من إبراهيم الجعفري ثم نوري المالكي وحيدر العبادي. من 2005 الى 2018 وحزب الدعوة يقود اعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية بعد تفكيكها من قبل ادارة الاحتلال الامريكي وباشراف مبرمج غير مباشرمن قبل إيران. هذه التركة الثقيلة بنتائجها ومن أحزاب دموية ثلاث ماذا يمكن أن تُنتج لنا كقراءة مستقبلية؟
أولا/ جيل متمرس على كل صنوف النفاقين الديني والقبلي. كيف؟ وفق قراءة تاريخية للأحداث وبعد العام 2003 فقد لجأ عناصر حزب البعث الى التيار الصدري ثم مساومات قيادات أخرى منهم مع الأحزاب الفاعلة في العملية السياسية بالشراكة معهم في وزارات الدولة وفق إتفاقات حسب المصالح المتبادلة. ورث البعثي ثقافة العبودية والتعظيم من صدام حسين الى مقتدى الصدر. راجعوا السيرة الذاتية ممن هم الآن مع التيار الصدري حاكم الزاملي وغيره ثم القيادات العسكرية الذين كانوا ضمن المؤسسة العسكرية زمن النظام السابق هؤلاء كيف اجرموا بحق التظاهرات المدنية في البصرة والناصرية ومدنا أخرى. انسجام واضح في الموروث كسلوك وتداعيات خطيرة على واقع المجتمع والدولة. طبعا هنا الموروث الثقافي الممسوخ انتقل الى من يبحث عن منافع شخصية له هنا وهناك.
ثانيا/ الجيل الانتهازي الناتج من تاريخ هذه الاحزاب الثلاث هو نتاج سيء وممسوخ سواء في مرحلة المعارضة خارج العراق أو داخله ممن كانوا ضحية وهذا يشمل الاحزاب والكيانات السياسية بعد العام 2003. تحولت الضحية الى باحث للتعويض ولو على حساب القيم الاخلاقية ان كانت لديهم قيم أخلاقية. لذلك ظهرت لدينا طبقة المراهقين السياسيين سواء في حركات الاحتجاجات المدنية ، قسم من التنسيقيات وحتى من ثورة تشرين وكذلك ممن يقدمون أنفسهم كمعارضة. كل هؤلاء نتاج الأحزاب الثلاث.
ثالثا / القراءة المستقبلية لن ينجح فيها المشروع الوطني وفق السببين الأول والثاني. وهذا يعني بذل أقصى مالدينا من طاقة جسدية ومعنوية للوصول الى مرحلة عاصفة تزيح هؤلاء من طريق عملية التغيير. وعملية التغيير تتمثل أولا بتطوير آليات فكر ومنهج الثورة الوطنية ولا أقول ثورة تشرين لأن تشرين انحرفت ومن مصلحة العراق بلورة مرحلة مكملة للوطنيين الأحرار الصامتين داخل العراق. انتبهوا لما أقول. هذه النقطة الثالثة تشمل المستقلين فقط من أبناء العراق في الداخل والخارج ممن يحملون فكرا ثوريا وطنيا بقراءة جديدة لواقعهم وحسب الدول التي يتواجدون فيها وإن كانوا في الداخل حسب قراءتهم للأحداث. النتيحة؟ أقول مرة أخرى إن المشروع الوطني لتغيير العملية السياسية في العراق لابد له من قيادة عسكرية وطنية تتمازج مع شروط نجاح آليات التغيير والإشراف على إنجاح المشروع الوطني للتغيير. كيف؟ ومتى ؟ الجواب لدى أصحاب الفراسة والرؤية الوطنية.للحديث بقية.