خطاب السيد السيستاني خطاب يستحوذ على اهتمام رجال السياسة ووسائل الاعلام والمفكرين والفقهاء وغيرهم ، وعبر العالم وليس حصرا على المسلمين او الشيعة فقط . وياخذ الخطاب اهميته من مكانة السيد السيستاني العلمية واتباعه من مختلف الجنسيات كما وان حضوره ودوره المميزين بما جرى في العراق بعد سقوط الطاغية فرض نفسه على من يفكر التلاعب بالعراق .
من خلال متابعتي لخطابات السيد لاسيما خطب الجمعة وبياناته فانه يشير الى الافضل حسب رايه ولا يقول ان الاخر هو غير صحيح ، ومن اهم ما شغل الغرب بعد السقوط هي مسالة ولاية الفقيه حتى ان اغلب ان لم تكن كل اسئلة وسائل الاعلام الغربية والامريكية التي وجهت لمكتب السيد سنة 2004 تتمحور حول طبيعة الحكم في العراق وشكل الحكومة وكتابة الدستور وكان جواب سماحته يتلخص بان الشعب العراقي هو من يقرر ذلك بعد اجراء انتخابات نزيهة وعادلة ، وغايتهم من الاسئلة هل سيكون العراق نسخة ثانية من ايران ؟
العالم الغربي يتحسس من ولاية الفقيه في ايران لذا تراه دائما يحاول ايجاد شق بين حوزة النجف وحوزة قم ، فعندما يفضل السيد السيستاني عدم استلام رجل الدين اي منصب سياسي او تنفيذي ليقتصر دوره على الارشادي فان الاخر يقرا ذلك بان السيد ضد ولاية الفقيه بل انه ينسب الى السيد ما لم يقله ونلاحظ في بعض الاحيان يصدر السيد السيستاني بيان تكذيب او تنبيه لبعض وسائل الاعلام ان تتوخى الدقة في نقل الخبر .
وياتي اخر لربما دخل الحوزة شهر او شهرين ليؤلف كتابا ينسب ما فيه من معلومات الى المرجعية وقرينة صدقه انه كان طالبا في الحوزة وهذه لا تعتبر قرينة الا ان الاجندة الخفية الصهيونية التي تروج له عبر الاعلام المكثف يخلق حالة من التشتت والتشظي في ثقافة الناس .
نحن نقرا ما يصدر عن سماحته لربما نصيب الفكرة ولربما نجانب الفكرة وهذا مردود علينا ولا علاقة لسماحته في ذلك ، ولكن هنالك اشخاص لقربهم او علاقتهم بمكتب المرجعية يجب ان يكون خطابهم دقيق حتى لا يفسر بما لا يصدر او لا يقصد السيد عند اصدار بيان او حكم معين .
من ارشيف خطب الجمعة قبل سنتين ذكر سماحة السيد الصافي ما نصه: «إن الحكومة إنما تستمد شرعيتها ـ في غير النظم الاستبدادية وما ماثلها من الشعب، وليس هناك من يمنحها الشرعية غيره، وتتمثل إرادة الشعب في نتيجة الاقتراع السري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة».وعلى هذا النص بدات جريدة الشرق الاوسط التحليل قائلة : وذكّر هذا الموقف بالصراع الفكري والسياسي المحتدم بين مدرسة فقهية يمثلها السيستاني، المؤمنة بولاية الأمة على نفسها، حيث شرعية الحكم والدولة من الشعب، وبين مدرسة أخرى يتزعهما مرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي حالياً، والتي تؤمن بأن الشرعية لله، وأن الولاية هي مطلقة للفقيه العادل الحائز للشروط.
وحقيقة ان مسالة ولاية الفقيه هي مسالة اعتبار الحكم الشرعي هو القانون وهذا لا يختلف عليه اثنان ولكن الاسلوب والزمان والمكان يختلف بحكم الظروف المتاحة لكل رقعة جغرافية ، فالاصل في القانون هو تحقيق العدالة والمهم من اين يستنبط هذا القانون وماهي المصادر الموثقة لاصداره ، هذا هو محل النقاش ، والا في الحوزة اصلا عند البحث والنقاش فان الطلبة والاساتذة يناقشون اي حكم او فكرة من كل الجوانب سواء بالنقد او التاكيد او سد الثغرات او ايجاد الثغرات وهو عبارة عن نقاش للوصول الى الحكم الشرعي ويختم الفقيه قوله والله العالم ولا يلزم الاخرين بالامتثال الى حكمه.
والملاحظ ان لقوة شخصية السيد السيستاني لم تستطع ادوات الحرب الناعمة من النيل من مكانته بالرغم من انها بين فترة واخرى تحرك ادواتها الالكترونية في الحرب الناعمة للنيل من مكانته ولكنها تبوء بالفشل.
الاعلام ليس سيف ذو حدين الان بل ذو حد واحد وبيد اجندة متمكنة ان خسرت مهنيا فبيدها مصدر البث فتغلقه من غير سابق انذار وهذا حدث لكثير من وسائل الاعلام التي كشفت زيف الغرب فيتم حجب او اختراق مواقعهم .
تقولها وللاسف ان ثقافة الشعب العراقي ثقافة هشة فانها سرعان ما تهتز لاي خبر مجرد ان مصدره الغرب او شخصية معروفة في العراق فتتناول وسائل التواصل الاجتماعي هذا الخبر بالنقد او التاييد ولا نبحث عن صدق مصدر الخبر