ما جرت كتابته وتدوينه من كُتّاب ورجال اعلام وقادة عسكريين وسواهم , في شبكة الإنترنيت منذ دخولها الى العراق , قد يوازي ما صدر من كُتب وبحوث ومقالات واطاريح عن < انقلاب \ ثورة 14تموز , 1958 والتي محورها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم > , سيّما من الناحية الكمية وقبل الجانب النوعي في الرأي والتقييم . وقد غدت عادة ” كتحصيل حاصل ” للكتابة في هذه الشأن , ولا نبرّئ انفسنا من ذلك .
وفي الواقع فإنّ ما كُتِبَ ” على صعيد العراق ” حول قاسم والثورة ومنذ 41 عاماً ” منذ صدور اوّل كتابٍ عنه اجازته وزارة الإعلام آنذاك ” , قد يكون كافياً او اكثر ممّا مطلوب بهذا الخصوص , على الرغم من تباين الرؤى في ذلك .
في الخلاصة المستخلصة , فليس بكافٍ أن يكون العميد – الفريق الركن قاسم , وطنياً ونزيها , فهذا حال كافة قادة وكبار ضباط الجيش العراقي اصلاً ومنذ العهد الملكي . وبعيداً جداً عن التطرّق لمواقف قاسم من القضايا القومية وسياسته الداخلية التي غمرتها التناقضات والتجاذبات ” والتي امسى تكرار الحديث عنها مُمِلاً ” , لكنّه في مقياسٍ او احدى مقاييس تقدير وتقييم سعة او ضيق الأفق للراحل عبد الكريم قاسم الذي تحوّل الى رمز في التأريخ السياسي العراقي , ألمْ يستوعب ويدرك وينتبه هذا ” الرمز ” أنّ المحكمة العسكرية العليا والتي تسمى ايضاً بمحكمة الشعب , والتي غطّتها واجتاحتها تسمية ” محكمة المهداوي ” على مستوى الشارع العراقي ” والى الآن ” نسبةً الى رئيس المحكمة العقيد ” فاضل عباس المهداوي – الذي تجمعه صلة القرابة العائلية مع قاسم ” , ألم يدرك ويستشعر أنّ بذاءة وطول لسان المهداوي وتندّره الساخر – الرخيص على كبار الشخصيات السياسة من المتهمين , وبالبث التلفزيوني والإذاعي المباشر , قد جعلت العراق إنموذجاً سيّئاً ومشوّهاً على كلا الصعيدين العراقي والعربي , ومحطّ تندّر من الرأي العام برمّته , وكان ذلك في الواقع إساءةً الى حكومة قاسم وشخصه بالذات ايضاً , وهل كان الراحل قاسم بهذه الدرجة من ضيق الأفق .! وهل يمكن الإفتراض الموضوعي أنّ لا أحد من الدائرة الضيقة المحيطة به قد نبّههُ على ذلك .! , هل هي محكمة او محاكمة يظهر فيها جمهور الشيوعيين ” المتفرجين والمتابعين ميدانياً لإجراءات المحكمة ” وهم يرفعون الحبال الى الأعلى < والمقصود حبال المشنقة > وهم يرددون بأصواتٍ عالية ” في إملاءٍ غير مباشر للمهداوي ” هتافاً من كلمتين < إعدم .. إعدم > .! , وكم يا ترى سيكون التأثير السيكولوجي على رئيس المحكمة جرّاء وازاء هذا الهتاف .! , فأين قاسم من كلّ ذلك وهو يتابع جلسات المحكمة لحظةً بلحظة , وهو يستمع بعدها الى اذاعة القاهرة وسواها من الأذاعات العربية والأجنبية الناطقة بالعربية , وما تصدره من تعليقاتٍ لمهزلة هذه المحكمة , لماذا لم يكترث قاسم الى سمعة العراق او النظام الجمهوري الجديد .! , ولم تكن احكام الإعدام التي يصدرها المهداوي في طريقها للتنفيذ إلاّ بموافقة الفريق قاسم , اذا لم يكن متّفق عليها مسبقاً .!
وكم من ضحايا وكم من ارواحٍ زُهِقت بلا مسوّغٍ قانوني , وكان بمقدور عبد الكريم قاسم استبدال احكام الإعدام بغيرها بالسجن المؤبّد ولو لمئة عام .! كما تفعله اسرائيل التي لا يسمح دستورها بعقوبة الإعدام حتى للفدائيين الفلسطينيين .! , فهل كان للغريزة السيكولوجية لقاسم دوراً فعّالاً في ادارة شؤون الدولة .!