بأسف وألم شديد يعتصر نفوس العراقيين المسالمين الحالمين بالعيش الرغيد والآمن، مازالت غصة الرأي والظن بمنتسبي أجهزة حمايتهم تقض مضاجعهم، إذ هي لاتسر غير العدو، فكما يقول الشاعر:
قومي همُ قتلوا أميم أخي
فإذا رميت يصيبني سهمي
ذلك أن أمن الشارع العراقي وأمان مدنه حتى اللحظة مرهون بأيادٍ يصعب القول الحسم في أدائها المهام الملقاة على عاتقها -ضباطا ومراتب- على الوجه المطلوب. فأغلب الاختراقات الأمنية التي حدثت -وماتزال تحدث- سببها التهاون والغفلة واللاأبالية، التي لايمكن لأحد نكران وجودها بين صفوف قواتنا في الجيش والشرطة، وعناصر باقي الأجهزة على حد سواء، حتى بات مثلنا (بعد خراب البصرة) أول ما يتندر به المواطن عقب كل خرق أمني يسفر عن خسائر في الأرواح والأملاك، وذلك تعبيرا عن الاستياء من التأخير في أخذ الاحتياطات التي تقوم بها القوات الأمنية من تشديد في التفتيش وغلق للطرقات أو حظر للتجوال.
وبتذكرة -إن نفعت الذكرى- للحديث الشريف: (لايلدغ المؤمن من جحر مرتين) فإن من المعيب على قواتنا الأمنية، الوقوع ضحية وفريسة المرة تلو الأخرى، لعمليات التفجير التي تحدث يوميا في كل نواحي البلد، وأغلبها بتكرار ذات السيناريو في التخطيط والتنفيذ، وكأن القائمين بالعمليات الإرهابية يدركون تمامأ أين نقاط الضعف ومكامن الخلل في قواتنا الأمنية. والشواهد على هذا كثيرة، في الشوارع والأزقة والأسواق والمساجد، فضلا عن مؤسسات الدولة في بغداد وباقي المحافظات. واللافت للنظر ان أغلب الأماكن التي تم اقتحامها او المحاولة في ذلك، هي أماكن محصنة من قبل قوات تابعة لوزارتي الدفاع او الداخلية او الأجهزة الأمنية الخاصة العراقية، ومن غير المعقول حصول خرق كهذا، لاسيما ان المنتسبين عراقيون، ومن أولويات الشروط الواجب توافرها في المنتسب، بدءًا من أول خطوة في ملء استمارة تطوعه هي كالتالي:
– ان يكون من أب عراقي وأم عراقية.
– غير محكوم بجنحة او جناية مخلة بالشرف.
– ان يكون ولاؤه للعراق.
والى آخره من الشروط التي لاتخفى على الجميع. ومن المؤكد أن شخصا تتوافر فيه كل هذه الخصال، يكون بحكم الولاء ذائدا عن بلده ومدافعا عنه من المخاطر التي تحيطه وتحيق به، فهل هذا واقع فعلا.
ولو عدنا الى الأسباب الرئيسية في حدوث العمليات الإرهابية وتكرارها، لوجدنا أن تقاعس عناصر الحماية، وتهاون أفرادها في الالتزام التام بدقائق واجباتهم وتفاصيلها، هي الثغرة الأولى التي مكنت العناصر الإرهابية من اختراق خطوط حمايات الجيش والحرس، الأمر الذي يتطلب الحزم والحسم في التعامل مع حالة خطيرة كهذه، لاسيما بعد تكرارها بذات الطريقة وبنفس المخططات.
هو نداء إذن من المواطن الى قيادات المؤسسات والأجهزة الأمنية، بإيلاء جانب الانضباط والتقيد بمفردات الحيطة والحذر أهمية قصوى، إذ هي السلاح الذي بالإمكان مجابهة قوى الشر والضلالة به، كذلك على القيادات اتباع مبدأ الثواب والعقاب مع منتسبيهم، بغية قطع دابر الإهمالات والتسيبات، وتضييق الخناق على ضعفاء النفوس، للحد من الترديات الأمنية، وإلا فسيكون أمر الغد أسوأ من أمر اليوم.. كما صار أمر اليوم أكثر بؤسا من الأمس.
[email protected]