لا يمكن للبشر أن يعرف ما لا يُدرك!
فالذي لا تراه لا تعرفه.
والذي لا تفعله , لا تدريه وتخبره.
والديمقراطية تبدو وكأنها سراب في صحارى الوجود العربي , المزدحمة بالزوابع الرملية والغبارية , التي تدفع بالناس إلى الهروب والإنزواء والإختباء وقلة الحركة.
وفي مخابئهم , يتصورون ويتخيلون الديمقراطية.
ولذلك فأنها حالة مجهولة وغائبة عن الوعي والإدراك والسلوك , وما هي إلا كلمة ومفردة شاذة وغريبة , وبذرة لا تجد تربة صالحة للإنبات , ولا قدرة على رعايتها وإروائها وتعهدها بالعناية حتى تنمو وتعطي ثمارها.
بل أنها حُسبت كأي نبات صحراوي شائك , يرفل بالأشواك الغليظة القاسية التي تحارب الأيادي والأفواه.
وبرغم إزدحام الصحف والمواقع بالكلام عن الديمقراطية , لكنها تقدمها على أنها حالة سرابية , معادية لوجودنا ودورنا الإنساني والحضاري.
أو كأنها مخلوق مجهول الأم والأب والهوية , ونجدها تسمى بصورة غير مباشرة بأنها “بنت أبيها” أو “بنت أمها” , على منهاج “فلان إبن أبيه”.
فالديمقراطية لم تولد من رحم المجتمع العربي , وما سميت من قبل الوالدين الشرعيين لها , أي أنها إبنة غير شرعية , أو لقيطة .
وذلك لإختطافها من ركب المسيرة الإنسانية , وجيئ بها إلى مجتمعات ما وعت وتصورت وأدركت , إلا الإستبداد والفرد والتسلط والتبعية , وأن الحاكم هو الدستور والقانون , وهو صاحب الحق المطلق والإرادة المستبيحة لكل شيئ.
فكيف بربك ندّعي بأننا نحقق ديمقراطية أو نعرفها؟!!