خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
فرضت “العقوبات الاقتصادية” على “إيران” نوعين من التوجه، الأول: يرى في العقوبات فرصة أساسية؛ ويعتبرها على الأقل مسألة غير ذات أهمية، ويوصي بالحياة تحت العقوبات، بل والتعايش مع تبعاتها، لأن ذلك سوف يبعث على تحقيق الإكتفاء الذاتي اقتصاديًا على المدى الطويل، ويأبى عودة ملف “إيران” مجددًا إلى الفصل السابع من منشور “الأمم المتحدة”.
الثاني: لا يعتقد في قبول مبدأ وجود عقوبات؛ ولا بالتعايش مع تبعات العقوبات، ويحاول، ونحن بصدد إلغاء العقوبات، إلى اعتبارها فرض عين في حياة الإيرانيين وفرضها والإستسلام لإزدهار القدرات الداخلية في ضوء رفع مبدأ وتبعات العقوبات، وخروج البلاد من حالة: “الإدارة الصعبة”، باتجاه التنمية والتطوير. بحسب “علي ربيعي”؛ المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيرانية، في صحيفة (إيران) الرسمية.
العقوبات والرئيس المنتخب..
وقد تبدأ هذه المناقشات من جديد؛ باستلام الحكومة الجديدة للعمل، وفرض تحديات جديدة على رئيس الجمهورية المقبل.
ومع أن الرئيس المنتخب؛ لم يرفض “الاتفاق النووي” مطلقًا، وهو لا يرتبط من المنظور السياسي بأي من التيارات السياسية، لاسيما تلكم القلة التي لا تعبأ بالعقوبات، لكن المتوقع أن الأقلية من أنصار هذه الرؤية يريدون إبتلاء رئيس الجمهورية المنتخب بمشاكل اقتصادية.
وبينما تعيش الحكومة الثانية عشر أيامها الأخيرة، يمكن الحديث بمزيد من الصراحة عن مخاطر العقوبات وتبعاتها على الاقتصاد الإيراني، وإثبات كيف ساهمت العقوبات في حرمان الدولة من التنمية، لأنها سوف تساعد، في أفضل الأحوال، على إدارة الوضع الراهن والحيلولة دون تدهور الأوضاع.
وعلينا الاستفادة من مزايا الاقتصاد العالمي، وخفض تكلفة التبادل، وتهيئة إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا، بحيث تتضح بشكل أكبر آثار التوجهات السابقة.
الحرب الاقتصادية..
وتحوز العقوبات و(كورونا) وآثارهما السلبية على حياة الإيرانيين الأهمية، وهو موضوع يستحق في ذاته بحوث مستقلة.
وهنا أؤكد أنني لا أعتقد في الإستسلام إزاء استعراض القوة الأميركي، ولا بالإستسلام إزاء التشكيك في استقلال البلاد، وأفضل أكثر إطلاق مصطلح: “الحرب الاقتصادية” على العقوبات ومقتنع بالصمود والمقاومة، كما في حالات الاحتلال الفيزيائي في الحرب البرية، إذ لابد من المقاومة في مواجهة الحرب الاقتصادية.
والاختلاف هنا أنني لا أعتقد في أن احتلال البلاد، بشكل فيزيائي، يُعتبر نعمة أو فرصة، وإنما علينا القضاء على آثار وتبعات هذا الاحتلال. وأعتقد أن علينا، إلى جانب رفع التبعات، مجابهة الحرب الاقتصادية، وهذا غير ممكن بدون طي المسار الدبلوماسي.
كيفية المواجهة..
ويتعين على الحكومة المقبلة؛ أن تحظى على نحو ما بالدعم الاجتماعي والسياسي، حتى تتمكن من مواجهة الحرب الاقتصادية في المفاوضات العالمية. ولننظر إلى تبعات العقوبات على الاقتصاد الإيراني واستمرار هذا الوضع، خلال السنوات المقبلة، فكيف سيكون حال المجتمع، والأرض التي سوف تسلبنا إياها الحرب الاقتصادية ؟
ولقياس تأثير حرب “العقوبات الأميركية” على الاقتصاد الإيراني، يكفي تصفح الإحصائيات والمعطيات، وكيفية صعود مؤشر التضخم بعدما تراجع مع إستلام الحكومة الحادية عشر للعمل، عام 2013م، وبعد “الاتفاق النووي” ؟.. الإجابة: بعد بداية الإرهاب الاقتصادي تحديدًا.
فقد أتخذ الاقتصاد الإيراني، في الفترة: (2014 – 2017م)، رغم المشكلات الهيكلية وآثار العقوبات السابقة، منحى جيد، ليس فقط على صعيد إحتواء التضخم، وإنما من حيث النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، لكن تسببت صدمتين كبيرتين في تغيير هذا المسار هما: العقوبات الواسعة، في العام 2018م، وانتشار وباء (كورونا)، في العام 2019م.
وأي تصور للاقتصاد الإيراني، دون إحتساب هاتان الصدمتان، غير صحيح.
فقد بلغ إنتاج خام “النفط”، في العام 2017م، حوالي 3.9 مليون برميل يوميًا، ووفق تقرير منظمة (أوبك) تراجع الإنتاج، في العام 2020م، إلى حوالي 02 مليون برميل فقط، ولكن كان المتوقع وصول الإنتاج إلى 04 مليون برميل “نفط” يوميًا، في العام 2020م، لولا العقوبات و(كورونا).
وكان متوسط معدل التضخم، في السنوات الثلاثة، حوالي 32.7%، وكانت التوقعات أن تتراجع المعدلات إلى ما دون 11%، بدون (كورونا) والعقوبات، أي انخفاض بنسبة 21.2%، كمتوسط سنوي.
والهدف من هذه الإحصائيات؛ هو توضيح أثر “الحرب الاقتصادية” على تقزيم الاقتصاد الإيراني وزيادة أعباء المعيشية.
فقد ساهمت العقوبات في توسيع دائرة الفقر، وواجهت مساعي توفير فرص عمل المزيد من المشكلات، ومع تقزم الاقتصاد إزدادت الضغوط على الطبقات الدنيا. والتنمية والرفاهية وإمتلاك قوة اقتصادية على المدى المتوسط، يستدعي عبور حاجز العقوبات، ونحن ندعم الحكومة المقبلة لحل هذه المشكلة.