حاول القادة والمسٶولون في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى الدوام التهرب من تحمل مسٶولية مجزرة صيف عام 1988، وعدم الاعتراف بها رسميا على الرغم من التصريحات والمواقف الصادرة من جانب قادة النظام أنفسهم والتي أثبتت مدى تورط النظام بها بالاضافة الى التسجيل الصوتي الهام جدا لآية الله منتظري أيام کان نائبا للخميني والتي هي من أقوى الادلة القانونية التي تدين النظام عموما بإرتکاب هذا الجرم وابراهيم رئيسي خصوصا بإعتباره کان في وقتها عضوا رئيسيا في لجنة الموت، لکن الملفت للنظر إن ردود فعل قادة النظام الايراني على إتهامهم بالتورط في تلك المجزرة کانت على الدوام يغلب عليها التوتر والتشنج، لکن يبدو إن إبراهيم رئيسي وبعد أن تم إختياره کرئيس للنظام فإنه إختار نمطا واسلوبا جديدا يتناسب مع منصبه.
رئيسي عندما سأله المراسلون عن الاتهامات الموجهة له بالتورط في مجزرة عام 1988، فإنه قد أجاب بصورة تناولتها وسائل الاعلام ووکالات الانباء بالسخرية اللاذعة حيث قال: “إذا دافع قاض أو مدع عام عن أمن الناس، فيجب الإشادة به … أنا فخور بأنني دافعت عن حقوق الإنسان في كل موقف”! غير إن رئيسي الذي يبدو إنه لايعرف أية مشکلة تواجهه، لايدري بأن حتى هکذا تصريح سيرتد عليه سلبا لأنه بمثابة إهانة للمبادئ والقيم الانسانية وإستهانة بالضحايا الذين تم إعدامهم بسبب أفکارهم ومبادئهم ولا أي شئ آخر. ولعل إن رسالة 21 عضوا في البرلمان الأوروبي موجهة إلى رئيس المفوضية ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، تدعو الى محاسبة رئيسي بإعتباره متورطا في تلك المجزرة ومحاسبته لم تکن إلا البداية.
دعوة محقق الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمن، إلى إجراء تحقيق مستقل حول عمليات إعدام نفذها النظام الإيراني بحق آلاف السجناء السياسيين عام 1988 والذي لعب فيها الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي دورا رئيسيا كنائب للمدعي العام في طهران حينها. أمر لايمکن لرئيسي أو النظام الايراني أن يتجاهله ولايأخذه بنظر الاعتبار والاهمية ولاسيما وإن رحمن قد أوضح بأن مكتبه جمع على مر السنين الشهادات والأدلة، مشيرا إلى استعداده لمشاركتها إذا أجرى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو هيئة أخرى تحقيقا محايدا
جاويد رحمن الذي لايمکن أبدا التصور بأن النظام الايراني ورئيسي ينظران له بعين الاطمئنان والراحة عندما يٶکد في سياق مقابلة له مع وكالة “رويترز” الثلاثاء الماضي بأنه يشعر بالقلق إزاء التقارير التي تتحدث عن تدمير بعض “المقابر الجماعية” لضحايا تلك الإعدامات في إطار التغطية والتستر المستمر من قبل طهران. وقال: “أعتقد أن الوقت قد حان لنبدأ التحقيق فيما حدث عام 1988 ومعرفة دور العديد من الأفراد والمسؤولين الإيرانيين في تلك الإعدامات، خصوصا أن رئيسي أصبح الآن رئيسا للبلاد”، بل إنه يحرج رئيسي أکثر عندما يضيف بلهجة يغلب عليها نبرة التحدي وکأنها تٶکد بأن المواجهة في هذه القضية لابد منها، بأن التحقيق في مصلحة إيران، ويمكن أن يؤدي إلى إغلاق النقاش حول الأمر، مضيفا: “وإلا ستكون لدينا مخاوف جدية بشأن هذا الرئيس والدور الذي تم الإبلاغ عنه والدور الذي لعبه تاريخيا في تلك الإعدامات”.
رئيسي لايمکن أن يکون مطمئن ومرتاح البال وإن التجمع السنوي للمقاومة الايرانية على الابواب في الايام 10 و11 و12 تموز 2021، والتي سيکون ملف مجزرة صيف عام 1988 إحدى المحاور الرئيسية المطروحة فيها ولاريب من أن تسليط الاضواء على دور رئيسي سيکون في حد ذاته واحدا من الامور التي يجب أن يخشاها رئيسي ولاسيما وإنها ستکون محط إهتمام الاوساط الاعلامية والسياسية في العالم.