19 ديسمبر، 2024 12:08 ص

المكون العربي السني اخطاء متعددة والمخرج واحد

المكون العربي السني اخطاء متعددة والمخرج واحد

منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي على يد بريطانيا الى حين سقوط نظام البعث في 2003،كان المكون العربي السني على رأس هرم السلطة في العراق مع مشاركة خجولة للمكونين الشيعي والكوردي في فترات معينة على مستوى نائب رئيس الجمهورية ومناصب وزارية،وبرغم ذلك لم يكن المكونين مشتركين في اتخاذ القرارات المصيرية.
بعد 2003 وتغيير نظام الحكم في العراق من الرئاسي الى البرلماني على اساس نظام المحاصصة المكوناتية،لم يعد المكون السني كما في السابق يحتكر السلطة واصطدم بواقع سياسي جديد،الا ان الطبقة السياسية للمكون وحتى ابنائه اصبح من الصعوبة عليهم التأقلم مع الوضع الجديد وسعوا من اجل اعادة الاوضاع الى ماقبل 2003 بأساليب عنفية وهذا الخطأ الستراتيجي قادهم الى منزلق خطير اضعف دورهم في العراق الجديد.
اثناء كتابة الدستور العراقي شاركت مجموعة من القادة والنخب السنية الى جانب المكونين الشيعي والكوردي في تدوينه لضمان حقوقهم،لكن لم يكن ماتضمنه الدستور مقبولا لدى جميع القيادات ما تسبب في انشطارهم وانقسامهم بين موافق ورافض للدستور،ما اتاح الفرصة للتنظيمات المتطرفة استغلال ذلك الانقسام وتشكيل مجاميع مسلحة من ابناء المكون والقيام بعمليات عسكرية ضد قوات التحالف الدولي وبالاخص القوات الامريكية فضلا على الشروع بالقتل على الهوية ما ادى الى اندلاع حرب اهلية طاحنة في البلاد.
الخطأ الآخر هو قيام العشائر في تلك المحافظات بتنظيم اعتصامات وبالاخص في محافظة الانبار الذي استمر لمدة عام حيث استُغلت ساحات الاعتصام من قبل اطراف مختلفة ما افقدها الغاية اوالهدف الحقيقي الذي اقيم من اجله، بالنتيجة قامت حكومة المالكي بفضه بقوة السلاح بعد اندلاع اشتباكات مسلحة بين القوات الحكومية والمعتصمين ما ادى الى مقتل واصابة العشرات.
اما الخطأ الستراتيجي الأكبرلبعض قادة المكون من السياسيين والعشائرهو تورطهم في لعبة تنظيم داعش ودعمه الذي حول المكون من قوة فاعلة الى هامشية في العملية السياسية وعلى المستوى المجتمعي وتسبب في تدميرمدنه وقراه ونزوحه الى بعض المحافظات وبالاخص الى اقليم كوردستان،معتمدين على اعانات المنظمات الدولية، بعد ان كان مكوناً غنياً منتجاً يعتمد على نفسه.
ظهورتنظيم داعش على الساحة العراقية كان ضربة كبيرة للمكون العربي السني في العراق وتسبب في خلق جمة مشاكل لهم اهمها:
1-نشروترويج العنف والكراهية بين ابناء المكون وبالأخص شريحة الشباب وانقسام العشائر بين مؤيد لداعش ورافض له،ما ادى بالنتيجة الى سقوط محافظات بأكملها بيد التنظيم وفرض سلطة دينية عقائدية متشددة غريبة على ابناء المكون.
2- افتعل التنظيم عداء وفتنة بين العشائر في المناطق التي استولى عليها،ما ارغم بعضها الى حمل السلاح اما الى جانب الدولة او التنظيم، حيث احدثت هذه السياسة شرخا كبيرا بين ابناء تلك العشائر وصلت الى حد الصدام المسلح وسفك الدماء بينهم يصعب معالجته على المدى القصير.
3-تدميرالمدن والقرى واستيلاء التنظيم على جميع المنشآت والمرافق الأقتصادية الحيوية وبالاخص الزراعية والتجارية منها وفرض اتاوات على الكسبة والتجار بعناوين مختلفة.
4- تشكيل جهاز قضائي يعتمد على تفاسير خاصة بالتنظيم لآيات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة واصدار احكام قرقوشية تحت عناوين اسلامية لاتنسجم مع الواقع الحالي الذي يعيشه المجتمع في ظل الانفتاح العالمي نتيجة لوجود وانتشار تكنولوجيا التواصل الاجتماعي.
5- نشروترسيخ ظواهراجتماعية غريبة بين ابناء المكون كجهاد النكاح،واغتصاب النساء والفتيات اللاتي وقعن اسرى بيد المسلحين اثناء اجتياح مدينة الموصل واطرافها وبالاخص القرى الايزدية وغيرهم ما عكس انطباعاً سلبيا على المكون.
مايزال المكون يعيش حالة من الانقسام والتشتت سياسيا واجتماعيا يصعب ازالة اثار تلك الاخطاء الكبيرة بسبب انشغال غالبية قادته السياسيين ورؤساء عشائره
بمصالحهم الخاصة وعلاقاتهم مع دول المنطقة وفق ماتقتضيه مصالحهم وبقيت الغالبية من الطبقات الاخرى تعاني اما في المخيمات او في المناطق التي نزحوا منها.
على ابناء المكون العربي السني ان يعترف بتلك الحقيقة بأن عقارب الساعة لم ولن تعود الى الوراء ويستحيل احتكار السلطة من قبل اي من المكونات العراقية ومن دون مشاركة الجميع سوف يبقى العراق في دوامة من العنف وتبديد الثروة وحالة اللا استقرار وهذا ليس في صالح الشعب العراقي ولا شعوب المنطقة لان مايدور ويحدث في العراق سلبا وايجابا ينعكس على دول المنطقة برمتها.
على ابناء المكون ان يعوا هذه الحقيقة وهي ان حقوقهم في ادراج الرياح مالم تتم معالجة تلك الاخطاء بمخرج واحد وهو تشكيل إقليم فدرالي وتخصيص ميزانية سنوية خاصة بهم من الموازنة العامة وتشكيل قوات عسكرية وامنية من ابناء الاقليم لحماية الامن الداخلي والحفاظ على الحدود مع دول الجوار.
تشكيل الأقاليم ليس تقسيما للعراق كما تدعي بعض القوى العربية الشيعية والسنية المرتبطة بالاجندة الاقليمية بل هو من صلب مواد الدستور العراقي الذي صوت له 79% من ابناء الشعب العراقي و تجربة الأقاليم تجربة حضارية ناجحة بكل المعايير تم تطبيقها في العديد من دول العالم المتعددة المكونات وحقق الرفاه والرخاء والامن والاستقرار لشعوب تلك الدول من دون ان تمس سيادتها واستقلالها.