“كورونا” يفتح ثغرة جديدة للفساد .. الدفع مقابل فتح أبواب الرزق في “العراق” !

“كورونا” يفتح ثغرة جديدة للفساد .. الدفع مقابل فتح أبواب الرزق في “العراق” !

وكالات – كتابات :

وجد “سيف”، صاحب أحد المطاعم الفخمة، في “بغداد”، نفسه مرغمًا على دفع الرشاوى ليواصل فتح أبواب مطعمه ضمن ساعات حظر التجول، فتلك الإجراءات التي يُفترض بها تأمين حماية من فيروس (كورونا)، فتحت بابًا جديدًا أمام الفساد والرشوة، بحسب تقرير لوكالة (فرانس برس).

ابتزاز عدد من الأجهزة الأمنية..

فبعد ستة أشهر من إغلاق تام، في العام 2020، قرر “سيف”، الذي فضل عدم كشف اسمه الكامل واسم مطعمه خشية من التداعيات، أن يواصل العمل ضمن ساعات حظر التجول، (من التاسعة مساء حتى الخامسة صباحًا)، كما العديد من جيرانه في “حي الكرادة” التجاري في وسط، “بغداد”.

يروي “سيف”، لوكالة (فرانس برس)؛ أنه يتعرض: “للابتزاز من قِبل عدد من الأجهزة الأمنية المسيطرة” في الحي ليدفع الرشوة في مقابل السماح له بالعمل ضمن الأوقات المحظورة.

وفي بلد يُشكل فيه الفساد آفة مزمنة ويحتل المرتبة (21) في العالم بسلم الفساد، حسب “منظمة الشفافية الدولية” غير الحكومية، توصد المطاعم أبوابها وتُطفيء أنوارها الخارجية، لكنها تواصل العمل سرًا بعد ترتيب الأمور مع بعض الفصائل والقيادات العسكرية.

“بعض أجهزة الأمن أصبحت شريكًا في عملنا !”..

وكلف الإغلاق، الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم؛ خسائر متوسطها: 65% من مداخيلها، بين شباط/فبراير وآيار/مايو 2020، بحسب “الأمم المتحدة”، فيما أرغمت على تسريح: 25% من موظفيها. وهي خسائر مادية لا تُعوض عنها السلطات؛ في بلد كان فيه لـ (كورونا) أثر عميق على الاقتصاد، لا سيما مع تراجع أسعار “النفط”.

يُضيف “سيف” أنه سرعان ما أصبحت: “بعض أجهزة الأمن شريكًا حقيقيًا في عملنا”، مضيفًا: “نحن مضطرون أن ندفع: 500 ألف دينار، (حوالى 350 دولارًا)، أسبوعيًا؛ حتى يسمحوا لنا بفتح المطعم” لاستقبال الزبائن غير الآبهين كثيرًا بانتشار الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 17 ألف شخص في “العراق” منذ بدء الجائحة.

ومبلغ 350 دولارًا؛ ليس كبيرًا مقارنة بما تكلفه ممارسات الرشوة والتهرب الضريبي المنتشرة في “العراق” في كل القطاعات. فقد خسر “العراق”: 450 مليار دولار جراء الفساد نقل ثلثها إلى خارج البلاد، منذ العام 2003.

الإغلاق الفوري في حالة عدم الدفع..

أما “زياد” وهو صاحب مقهى في منطقة مشهورة تاريخيًا بمطاعمها في العاصمة؛ وتجذب جيل الشباب، فحاول تجنب تلطيخ يديه بدفع الرشاوى، لكن محاولاته لم تفلح.

ويقول لوكالة (فرانس برس): “إذا رفضت دفع الرشوة، أرى أن جميع من حولي يواصلون عملهم، فيما أنا الوحيد الذي يُطبق عليه القانون”، ولذلك: “أقوم بالدفع حتى أفتح أنا أيضًا المقهى الخاص بي”.

يُريد من جهته، “أبومحمد”، صاحب أحد المقاهي الصغيرة؛ أن ينقذ عمله ويدفع الرشوة ليستمر بتقديم الشاي والنرجيلة لزبائنه، لكنه يجهل لأي جهاز عليه أن يقدم الأموال ليُتاح له العمل من دون مشكلات.

الواسطة !

في المقابل، وفي بلد يُعد رسميًا: 22 ألف مطعم يوظف نحو مليوني شخص، يلجأ أصحاب مطاعم آخرين للواسطة ليواصلوا عملهم من دون أن يضطروا إلى دفع الرشوة لمجرد معرفتهم بمسؤول كبير ما، كما قال أحد أصحاب المطاعم لوكالة (فرانس برس).

وأوضح: “في الوقت الذي تُرغمنا بعض الأجهزة الأمنية على إغلاق المطعم، نرى أن هناك مطعمًا قريبًا يعمل بشكل طبيعي، وحينما نسأل عن السبب يكون الجواب: (الواسطة)”.

كذلك، وبعد إغلاق طويل عادت الملاهي الليلية لفتح أبوابها في وسط “بغداد” متجاهلة الإجراءات الرسمية التي تمنع التجمعات الكبيرة. لكن بات عليها دفع رشوة مضاعفة عن تلك التي كانت تدفعها أصلاً للعمل بشكل سلس قبل تفشي وباء (كورونا).

ويروي أحد أصحاب النوادي الليلية: “أصبحنا مضطرين للدفع إلى جهات أمنية؛ إضافة إلى ما ندفعه إلى بعض الفصائل التي توفر الحماية لنا أساسًا”.

ولا يتجرأ أصحاب الملاهي ومحلات الخمور على عدم الدفع؛ لأنهم مهددون بتفجير متاجرهم في هجمات تتكرر دومًا، الذي تقف خلفه جماعات مسلحة، غالبًا ما تكون مرتبطة بفصائل وأحزاب عراقية، تصفي حساباتها مع المتهربين من الدفع على طريقة المافيا كما في أنحاء أخرى من العالم.

حلقة صغيرة في سلسلة متعددة الأطراف..

وترى الشرطة أن هذه الأموال ليست سوى حلقة صغيرة من سلسلة رشوة متعددة الأطراف، إذ يوضح مصدر في الشرطة بأن جزءًا من الأموال التي يتقاضاها الضباط الصغار يذهب إلى من هم أعلى رتبة منهم، الذين وصل بعضهم إلى منصبه أصلاً أيضًا بدفع الرشاوى.

ويقر مسؤول في “قيادة عمليات بغداد”، أعلى سلطة أمنية في العاصمة، بوجود ظاهرة تلقي الرشاوى، مؤكدًا أنه رغم اتخاذ إجراءات في حق المخالفين ونقل بعضهم إلى مواقع أخرى، لم يؤدِ ذلك إلى نتيجة: “فأصحاب المصالح أنفسهم لا يقدمون شكاوى ضد المبتزين”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة