22 نوفمبر، 2024 8:49 م
Search
Close this search box.

استثمار حقوق الأنسان في الصراع الدولي

استثمار حقوق الأنسان في الصراع الدولي

اثار تسميم المعارض الروسي، ألكسي نافالني؛ سيل من الاتهامات المتبادلة بين برلين وموسكو، الاخيرة تنفي فرضية التسميم فيما برلين تؤكدها؛ بعد اجراء الفحوصات المخبرية. تستند الخارجية الروسية على امرين في رد عملية التسميم؛ اولا، ان مادة التسميم وهي من مجموعة سموم نوفيتشك، ليست حكرا على روسيا فان الغرب يمتلك هذه التقنية ويعمل بها بما في ذلك الولايات المتحدة التي لديها 150 براءة اختراع في هذا الجانب، وللأغراض العسكرية، وثانيا ان روسيا لو كانت قد سممت معارض سياستها لما كانت قد ارسلته الى برلين للعلاج بناءا على طلب عائلته. ضجة الاتهامات صاحبها؛ التهديد بالعقوبات على الاتحاد الروسي. التجمعان الديمقراطي المسيحي والتجمع الاجتماعي المسيحي؛ طالبا الحكومة الالمانية بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو، السيناتور الجمهوري الامريكي، توم كوتون؛ دعا هو الاخر على فرض عقوبات على خط السيل الشمالي الثاني. الاتحاد الروسي الذي ينفي المسؤولون فيه؛ تسميم المعارض الروسي، بالاستناد على ان روسيا او المسؤولون فيها من ذوي العلاقة بالموضوع؛ لو كانوا قد قاموا بعملية التسميم لما وافقوا على نقله الى المانيا للعلاج. هذا الاجراء، اجراء ذكي او لعبة ذكية، استخباراتية بالدرجة الاولى؛ لأنهم بهذا الاجراء، حازوا مسبقا، على حجة في تفنيد ما سوف تأتي به نتائج المعامل المخبرية؛ وهاهم قد استخدموها في رد الاتهام. بينما العكس، لو رفضوا طلب عائلته بنقله الى ألمانيا للعلاج؛ كانوا سيرتبون عليهم او سيمنحون الخصم؛ الدليل على ارتكاب جريمة التسميم. ان القراءة الفاحصة والعميقة لهذه اللعبة؛ تؤكد وبكل تأكيد؛ ان المسؤولين الروس قد قاموا بالفعل في تسميم معارض سياستهم، خصوصا وان الكرملين تحديدا؛ كان قد استخدم في اوقات سابقة؛ هذا الاسلوب في تصفية معارضيه. من المستبعد جدا ان تطال العقوبات الالمانية ان جرى اصدارها من قبل الحكومة الالمانية؛ خط السيل الشمالي الثاني؛ لأنه يتعارض تماما مع مصالح المانيا الاقتصادية؛ لجهتين السعر والسياسة الاقتصادية بعيدة المدى. المانيا لا تريد ان تعتمد على الغاز المسال الطبيعي الامريكي للسببين انفي الاشارة. الولايات المتحدة تضغط على دول الاتحاد الاوربي بكل ما في جعبتها من وسائل الضغط؛ لدفع الاتحاد الاوربي بالابتعاد عن الاتحاد الروسي، اضافة الى الصين. ليس هذا فقط بل تعمل بكل قوة؛ لأحداث منطقة فراغ، تقطع جسور التعاون والشراكات الاقتصادية، وتكنولوجيا المعلومات، والعملة، بين الاتحاد الروسي والصين من جهة والاتحاد الاوربي من الجهة الثانية، في قراءة استباقية لمستقبل الصراع على مناطق النفوذ في العالم بين القوى الدولية الكبرى الفاعلة فيه. لذا نلاحظ وبكل وضوح؛ ان الولايات المتحدة لا توفر اي فرصة مهما كانت صغيرة او لا اهمية بالغة التأثير لها في السياسة والاقتصاد وما يتصل بهما؛ الا وتستثمر ها وبأقصى طاقة لها في التأثير سلبا على علاقة دول الاتحاد الاوربي( فرنسا وألمانيا) مع الاتحاد الروسي والصين. في ذات السياق؛ يظهر لنا سؤال على درجة كبيرة من الاهمية، لجهة حقوق الانسان في العيش في أمن وأمان على حياته حين يمارس حقه؛ في التعبير عن رأيه ورؤيته في سياسة وطبيعة الحكم في وطنه، او في رفضه بالكلمة والرأي والرؤية لمخرجات ما جاء به الاحتلال لوطنه. ان القوى الدولية الكبرى التي تتحكم في المعمورة، من خلال منصة مجلس الامن الدولي او من خلال هيئات ومنظمات هيئة الامم المتحدة؛ تُستخدم في التصدي للممارسات الشنيعة، والتصفيات الجسدية لأصحاب الرأي والكلمة الحرة؛ معايير مزدوجة او انها تكيل بمكيالين في المحاسبة القانونية لهذه التعديات والتجاوزات البشعة، والتصفيات الجسدية الأكثر بشاعة؛ تتعارض تماما مع معايير حقوق الانسان، وحقه في الحياة، وفي التعبير عن رأيه ورؤيته في طبيعة الحكم في وطنه. كما حدث في تصفية الصحفي السعودي، جمال خاشقجي التي اتهم فيها ولي العهد السعودي، وتم تقديم الادلة على ضلوعه الكامل في هذه التصفية البشعة. هذه العملية على شناعتها قد طواها النسيان وبإرادة دولية، وبضغط ودفع من الادارة الامريكية، لأسباب نفعية ومصلحية.. وأيضا لأسباب استراتيجية تتعلق بالدور المحوري للمملكة في انجاح الاستراتيجية الامريكية الصهيونية في المنطقة العربية. الولايات المتحدة اصدرت عقوبات على المدعية العامة في محكمة لاهاي، محكمة جرائم الحرب الدولية؛ لأنها عملت وتعمل على توثيق جرائم الولايات المتحدة او قواتها في افغانستان. بالإضافة الى جرائم الجنود الامريكيين في سجن آبوغريب التي طواها النسيان او تم وضعها على رفوف الاهمال وكأن شيئا لم يكن او لم يكون له وجود مؤثر نفسيا واعتباريا على انسانية الانسان، وكأن لم يكن هناك اعتداء صارخ على جسده وروحه، وعلى شرفه ايضا. لذا، فان الاعتداء على حياة الانسان لأنه يقول رأيا يتعارض مع سياسة حكومة بلده؛ تستخدم من قبل القوى الدولية الكبرى كعوامل ساندة في صراعها مع بعضها البعض وليس من اجل الحق والانصاف والعدل وحرية الرأي والكلمة، والغرب والولايات المتحدة في صدارة هذه السياسة. ان هذا الاستثمار بحد ذاته، هو ظلم واستهانة واستخفاف بحياة الانسان الذي يتفكر بطريقة مختلفة عن حكومة بلده، او انه رفض احتلال وطنه؛ سواء بالفعل المادي او بالكلمة ذات التأثير الفعال في كشف جرائم الاحتلال. ان التنديد الالماني والامريكي لعملية تسميم المعارض الروسي، الكسي فانالفني، والتهديد بالعقوبات الاقتصادية على الاتحاد الروسي، ماهي الا مداخيل في التأثير على الداخل الروسي، لجهة احداث بلبلة وقلق امني. تمهد الطريق لاحقا وبالتراكم في فتح دروب تقود الى تكوين منصات فعل وتفعيل للمعارضة الروسية، بجعلها مراكز استقطاب تعمل بالضد من السياسة القيصرية لبوتين التي تقلق وتربك سياسة الولايات المتحدة. وليس حبا بالحرية، ودعما ودفاعا عن حق الانسان في الحياة والوجود، و حقه في التفكير؛ وطرح ما يتفكر فيه بحرية، قولا وكتابة.

أحدث المقالات