إيران .. التحديات الدبلوماسية للحكومة الجديدة !

إيران .. التحديات الدبلوماسية للحكومة الجديدة !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

توقع الكثير من الخبراء والمحللين في الداخل والخارج، تراجع نسب الإقبال الشعبي على انتخابات الرئاسة الإيرانية، في دورتها الثالثة عشر،  في ظل التحديات والمشكلات الإيرانية الداخلية، وأكد البعض أن نسبة المشاركة سوف تترواح بين: 35 – 38%، لكن بالنهاية شارك في الانتخابات: 28 مليون و933 شخص؛ من أصل 59 مليون و310 ألف و307 شخص يحق لهم التصويت، أي ما يوازي نسبة (48,8%)، والملاحظة الإيجابية الأخرى على المسار المناسب لانتقال السلطة؛ هو التأكيد على هدوء الأجواء السياسية، لاسيما بعد إنتهاء عملية الاقتراع.

على كل حال؛ وبعد تأكيد فوز المرشح، “إبراهيم رئيسي”، بالانتخابات، تابعنا مشهد توافد رؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية على مكتب رئيس السلطة القضائية للتهنئة، وإعلان الدعم والاستعداد للتعاون مع الحكومة الجديدة على نحو شكل أجواءً إيجابية.

بخلاف ذلك؛ بعث باقي مرشحي الرئاسة الإيرانية، في دورتها الثالثة عشر، برسائل تهنئة إلى الرئيس المنتخب بما ساهم في بلورة أجواء هادئة بعد الانتخابات. بحسب “جلال ميرزايي”، محلل الشأن الدولي، في صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.

نقاط ضعف أظهرتها الانتخابات..

وبغض النظر عن الملاحظات الإيجابية السابقة، يجب الاعتراف بوجود بعض نقاط الضعف التي يمثل بعضها تحذير حقيقي للحكومة الثالثة عشر على المستوى العام. لأنه؛ ورغم ارتفاع نسب الإقبال على الانتخابات الرئاسية بنحو: 6%، مقارنة بالانتخابات البرلمانية في دورتها الحادية عشر، لكن أن هذه الانتخابات هي الأقل من حيث المشاركة الشعبية؛ مقارنة بالدورات السابقة.

ومؤكد أن هذه المسألة تعتبر مهمة بالنسبة للجميع. وعليه يتعين على الحكومة الثالثة عشر إعادة النظر بشكل جاد في إجراءتها وقراراتها وسياساتها الداخلية والخارجية في مختلف المجالات، وإلا فسوف يزداد عمق الفجوة.

كذلك من نقاط الضعف الأخرى في الانتخابات الأخرى، تراجع نفوذ النخبة السياسية بين فئات المجتمع.

ضعف الخطاب السياسي..

وللأسف نحن نرى تراجع النفوذ الكلامي للسياسيين بين أفراد الشعب إلى أدنى مستوى، بسبب أداء الأحزاب من التيارات الأصولية والإصلاحية. وفي هذا الصدد يمكن القول إنه ورغم التحفيز على المشاركة والتصويت من جانب أعلى مستويات النظام؛ لم يُعد بمقدور النخبة السياسية والحزبية تحفيز المواطن على المشاركة.

بعبارة أخرى، لم يُعد يعبأ معظم أبناء الشعب الإيراني بمواقف وتصريحات النخبة السياسية. وعليه لابد من تغيير الخطاب السياسي للدولة سواءً على مستوى السلطة والحكومة أو بين النخبة السياسية والتيارات والأحزاب، وإعادة تأسيس برامج وأحزاب وخطاب حزبي يتناسب والاحتياجات المجتمعية الراهنة، وإلا فسوف ينهار الشكل السائد للتيارات والوجوه السياسية الإيرانية.

وترتبط نقطة الضعف الأخرى؛ ببدعة التشريع في الانتخابات الأخيرة، وهو ما تسبب في شيوع حالة من التشاؤم بين الأوساط المجتمعية والنخبة السياسية والإعلامية إزاء الرقابة.

كذلك يدق انخفاض نسب المشاركة والأصوات الباطلة؛ ناقوس الخطر بشأن مقبولية ومشروعية الانتخابات.

قانون انتخابي أكثر انسجامًا..

في غضون ذلك؛ فإن يأس نواب البرلمان الحادي عشر من التصديق على بعض المقررات المتعلقة باصلاح قانون الانتخابات، تسبب في تشتيت الأجواء. وبينما يتبقى أربعة أعوام على الانتخابات المقبلة يتعين على السلطة التشريعية، بالتعاون مع السلطة التنفيذية والقضائية، إعداد قانون منسجم وواضح ومكتوب بمشاركة المفكرين والحقوقيين والنخب السياسية، وإلقاء المزيد من الضوء على مسار الترشح للانتخابات وتسجيل معايير الجدارة والعمل بموجب هذه المعايير في قبول أو رفض أهلية المرشحين. وإلا فلن نشهد مثل هذا الحجم من الحب والكره السياسي.

بشكل عام؛ ومع الأخذ في الاعتبار لكل النقاط الإيجابية والسلبية في عملية الانتخابات الرئاسية، من الممكن بدقة تقييم صعوبة وتعقيد أوضاع رئيس الجمهورية الثامن والحكومة الثالثة عشر، فيما يتعلق بحل مشكلات البلاد، وبخاصة مسألة العقوبات وسياسة “الضغط القصوى” الأميركية، والتي تلقي بظلالها الثقيلة على الدولة.

علمًا بأن تراجع نسب المشاركة وانخفاض معدل الأصوات الإيجابية؛ سوف يؤثر على قدرة المساومة الدبلوماسية الإيرانية مستقبلًا. لكن هذا لا يعني أن الدبلوماسية الإيرانية ستكون سلبية، لكن يتعين حكومةعلى، “رئيسي”، الوفاء بوعدها وخلق حالة من التفاؤل للتخلص من هذه المشكلة؛ وتبني دبلوماسية فعالة وذكية في الوقت نفسه للقضاء على العقوبات وسياسة “ضغوط الحد الأقصى”، بحيث يمكننا مستقبلًا متابعة آثار هذه الدبلوماسية على انحسار التحديات والأزمات الداخلية.

ومؤكد يدرك السيد “رئيسي”، والتيار الأصولي، أكثر من أي فرد آخر إرتباط المشكلات الداخلية، وبخاصة في الحوزة الاقتصادية والمعيشية بالأزمات الدبلوماسية الراهنة، ولذلك فإن تحسين الوضع الداخلي يتربط بشكل كبير بالقضاء على التحديات الدبلوماسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة