توجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم الثلاثاء الى واشنطن في زيارة رسمية وثلاث قضايا تتصدر مباحثاته مع الرئيس اوباما الجمعة تتقدمها طلب المساعدة في تزويد بلاده بطائرات مسيرة بدون طيار لمواجهة تصاعد عنف القاعدة والدور العراقي في مؤتمر جنيف 2 لحل الازمة السورية اضافة الى عرض دور في تحسين العلاقات الاميركية الايرانية.
جنيف ومخاطر الازمة السورية على أمن المنطقة
ويترأس المالكي خلال زيارته هذه الى الولايات المتحدة التي تستمر اربعة ايام وفدا حكوميا كبيرا حيث سيركز في مباحثاته مع المسؤولين هناك يتقدمهم اوباما على الاوضاع الخطيرة في المنطقة التي افرزتها الازمة السورية والنزاع المستمر فيها منذ عامين ونصف العام وامتداد اثارها السلبية على العراق الذي بدأ ينال من تداعياتها السلبية على امنه والعلاقات بين مكوناته التي تأثرت بالصراع الطائفي في البلد المجاور الذي تربطه مع العراق حدود يبلغ طولها 650 كيلومترا.
وعادة مايدعو العراق الى حل سلمي للازمة السورية رافضا اي حل عسكري لها ويؤكد على ضرورة عدم دعم طرفي النزاع فيها بالسلاح لكن اتهامات توجه الى بغداد بوضع اراضيها واجوائها تحت تصرف السلطات الايرانية في تزويد نظام الرئيس السوري بشار الاسد بالاسلحة اضافة الى مشاركة مقاتلين عراقيين شيعة في المعارك التي تشهدها سوريا دعما للاسد الى جانب مقتلي حزب الله اللبناني.
ويقول علي الموسوي المستشار الاعلامي للمالكي في هذا الصدد ان “الجهود العراقية لحل الازمة السورية عن طريق الديبلوماسية فيها مصلحة للعراق اولاً لان استمرار الاوضاع على ما هي عليه الآن هناك سيؤدي الى مزيد من التعقيد والتدهور الامني في المنطقة”. وعما اذا كان المالكي سيبحث في واشنطن عن دور اميركي في تجديد ولاية المالكي للمرة الثالثة قال ان “هذا شأن داخلي يبحث بين الاطراف العراقية فقط ولا يحق لطرف خارجي التدخل فيه” .. موضحا ان ما اشيع بان سبب الزيارة هو الحصول على تأييد اميركي لولاية ثالثة مجرد تصورات وتكهنات اطراف سياسية متخوفة من هذه الزيارة” على حد قوله.
كما سيبحث المالكي موقف العراق من تداعيات الازمة السورية والمتغيرات الاقليمية في وقت اصبحت فيه المنطقة مقبلة على مؤتمر جنيف الثاني ومبادرة العراق الخاصة بالحل السلمي التي سيتم بحث تفصيلاتها لبيان موقف العراق من الازمة السورية. واطلق المالكي الشهر الماضي مبادرة تتكون من ثماني نقاط لانهاء الصراع الدائر في سوريا ولايقاف اطلاق النار فيها بشكل فوري.
وتضمنت المبادرة “الدعوة لوقف اطلاق النار بشكل فوري وشامل على كامل الاراضي السورية ووقف عمليات تزويد اي طرف من اطراف النزاع بالمال والسلاح، وانسحاب جميع المقاتلين الاجانب من الاراضي السورية” .. اضافة الى “دعم استمرار التحقيق المحايد الذي تجريه منظمة الامم المتحدة بشأن استخدام السلاح الكيمياوي، زيادة على رفض التدخل الاجنبي في الشأن السوري واية عملية عسكرية تستهدف الدولة والاراضي السورية”. كما نصت على “الالتزام بعدم استخدام الاراضي العربية لضرب سوريا او اية دولة اخرى واطلاق صندوق عربي لدعم عودة اللاجئين السوريين واعادة اعمار سوريا والزام النظام السوري والمعارضة بجدول زمني لاجراء مفاوضات مباشرة باشراف عربي ودولي ووضع خريطة طريق لاجراء انتخابات حرة في سوريا تحت اشراف عربي ودولي يعقبها تداول سلمي للسلطة”.
المالكي سيطلب من اوباما طائرات بلا طيار لمواجهة القاعدة
وقال مصدر عراقي مقرب من الحكومة العراقية ان المالكي سيطلب خلال لقائه اوباما الجمعة المقبل تسليم بلاده طائرات بلا طيار ومقاتلات إف-16 أميركية للتصدي لمقاتلي تنظيم القاعدة والقيام بمهام استطلاع على الحدود بين العراق وسوريا للحد من عمليات العنف التي بدأوا ينفذوها بشكل متصاعد وغير مسبوق منذ نيسان (ابريل) الماضي بشكل خاص
واشار الى ان رد الولايات المتحدة على هذا الطلب كان إيجابيا لكن الأمر يتوقف على موعد التسليم حيث يسعى العراق لان تصله فورا . وسبق لواشنطن ان وافقت في آب (أغسطس) الماضي على تقديم نظام دفاع صاروخي متكامل قيمته 2.6 مليار دولار ومقاتلات إف-16 الى العراق على أن تسلمها له في خريف العام المقبل 2014. واوضح ان السلطات العراقية ليست لديها الإمكانات للسيطرة على الحدود مع سوريا مشيرا الى ان القوات العراقية كانت تمتلك في زمن النظام السابق عشر فرق من حرس الحدود بحوالي 100 الف رجل الا ان العدد الآن اقل كثيرا وليست للعراق قوات جوية فاعلة.
وزادت المخاطر الامنية التي يواجهها العراق عقد اندماج فرعي تنظيم القاعدة في العراق وسوريا خلال العام الحالي ليشكلا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات على جانبي الحدود. واستغل المسلحون تدهور العلاقات بين الحكومة العراقية والمحافظات السنية الشمالية والغربية التي تحتج منذ 23 كانون الاول (ديسمبر) الماضي على ما تعتبره تهميشا لها.
وفي هذا الاطار اكد المصدر ان المالكي سيتناول في مباحثاته بواشنطن تفعيل اتفاق الدفاع المشترك الموقع بين البلدين اواخر عام 2008 لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية التي بدأت تتدفق على العراق من جديد بسبب الصراع في سوريا.
دور عراقي في تحسين العلاقات الايرانية الاميركية
ومن المنتظر ان يعرض المالكي على اوباما دورا في تحسين علاقات بلاده مع ايران والتي شهدت الشهر الماضي تطورا ملحوظا بالمكالمة الهاتفية بين الرئيسين الاميركي والايراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الامم المتحدة في نيويورك.
وسيعتمد المالكي في عرضه هذا على العلاقات الجيدة التي تربط العراق مع كل من ايران والولايات المتحدة على السواء ومن هنا يمكن ان تلعب دورا في الدفع بعلاقاتها نحو خطوات متقدمة. كما ان بغداد كانت قد استضافت في ايار (مايو) عام 2012 مباحثات مجموعة 5 +1 مع ايران بهدف حل الخلافات بين الطرفين حول البرنامج النووي الايراني الذي تؤكد الدول الغربية انه يقترب من انتاج قنبلة ذرية الامر الذي تتخوف منه كثيرا.
دعوة اوباما لمطالبة المالكي بمراعاة معايير الديمقراطية كشرط لمساعدته
وقد دعت صحيفة “نيويورك تايمز” الاميركية الرئيس أوباما الى مطالبة المالكي بمراعاة الشراكة في الحكم واحترام معايير الديمقراطية في العلاقات مع مختلف القوى السياسية كشرط لمساعدته في مواجهة المصاعب التي تعاني منها بلاده.
وقالت الصحيفة في تعليق على زيارة المالكي ومباحثاته في واشنطن “صحيح ان هناك دستور الا ان العراق ليس دولة دستورية فالبرلمان يشرّع القوانين الا ان أحكام القانون انتقائية والانتخابات هي مجرد لعبة لتقسيم الغنائم بين النخب الفاسدة والحكومة تحصل على أرباح ضخمة من صادرات النفط لكنها تفشل في توفير الخدمات الأساسية بينما يعيش ما يقرب من ربع العراقيين تحت خط الفقر”. واشارت الى انه
لم يظهر توازن قوى داخلي، وبدلا من ذلك فان النظام السياسي يحابي رئيس الوزراء على حساب السلطة التشريعية والقضائية وبقية الطبقة السياسية ويحابي الحكومة المركزية على حساب الحكومات الإقليمية وحكومات المحافظات.
وقالت انه يتعين على الولايات المتحدة ان تساعد في اعادة دمج العراق بالنظام الإقليمي، ويمكنها ان تساعد في تعميق وتوسيع التجارة الدولية للعراق وتحسين دوره في الدبلوماسية الأقليمية والمساعدة في تنويع اقتصاده الى ما وراء النفط الذي يشجع النخب على النهب. واوضحت انه داخل العراق، فان على الحكومة الأميركية ان تشجع على عملية انتخابية تقود الى حكومة اكثر تمثيلا. ويمكن للدوائر الانتخابية المبنية على الوحدات الجغرافية الصغيرة ان تمنح سلطة اكبر للشعب العراقي وتضمن ان يكون التنافس على السلطة والموارد داخل الطوائف وليس بينها، حيث سيسمح ذلك بتشكيل التحالفات في انحاء التقسيمات الطائفية حول مصالح متبادلة.
وشددت على انه يجب ان تدعم الولايات المتحدة الشعب العراقي ككل وان لا تحابي أي فصيل أو شخص بعينه. وفي الوقت الذي تستمر فيه في شجب الإرهاب، على الولايات المتحدة ايضا ان تستنكر انتهاكات حقوق الإنسان.
واضافت الصحيفة الاميركية انه في اغلب الأحيان يسيء المالكي ترجمة الدعم الأميركي لحكومته على انه تفويض بسلوك عنيد لاهوادة فيه ولذلك فأن على الرئيس أوباما ان لا يفهم العراق بانه ديمقراطية ليبرالية، فانها في احسن الأحوال ديمقراطية بلا ديمقراطيين فالعراقيون يستحقون أفضل من ذلك.
وتعنبر زيارة المالكي هذه الى واشنطن الرابعة من نوعها بوصفه رئيسا للوزراء حيث كانت الاولى في تموز (يوليو) عام 2006 والثانية في تموز عام 2009 بينما كانت الثالثة في كانون الاول (ديسمبر) عام 2011.