قام وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو بزيارة رسمية للعراق أستغرقت يومين ، الهدف من الزيارة كما اعلن عنه هو تحسين العلاقات بين البلدين الجارين وتذليل المشاكل العالقة ، وبحث الازمات التي تمر بها المنطقة سيما الازمة السورية ، وسبل مكافحة الارهاب ومواجهة الجماعات الدينية المتطرفة .
على المستوى الرسمي التقى أوغلو في بغداد برئيس الوزراء المالكي ، ونائب رئيس الجمهورية الخزاعي ، وأسامة النجيفي رئيس البرلمان ، كما التقى عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى ، بأعتبار ان المجلس كتلة سياسية ودينية .
زار كذلك جامع الامام أبو حنيفة النعمان والتقى برجال الدين من الوقف السني . وذهب الى محافظتي النجف وكربلاء والتقى بالسيستاني ومقتدى الصدر كما التقى المسؤولين المحليين بعد زيارة العتبات المقدسة . وقد صرح عقب انتهاء زيارته الى اتفاقه مع المسؤولين العراقيين على فتح خمس بوابات حدودية مع العراق وخط سكة حديد بغداد أسطنبول ، لفتح طرق التجارة مع العراق والخليج .
الى هنا يمكن القول ان اوغلو التقى بمن يمثلون السنة والشيعة في العراق على المستوى السياسي والديني بدون تحفظ لاي طرف من الاطراف .
أما زيارة محمد جواد ظريف وزير خارجية أيران في شهر أيلول /سبتمبر الماضي ، الى العراق والتي جاءت بعد شهر من تسنمه منصبه في حكومة روحاني الاصلاحية ،دون الاعلان عنها مسبقا ، فأنها أقتصرت على لقاء المسؤولين الذين تم ذكرهم أعلاه ولقاءة المراجع الدينية في النجف فقط . أي ان ظريف لم يذهب الى الانبار أو صلاح الدين ولم يذهب الى زيارة الامام ابو حنيفة او الشيخ الكيلاني ولم يلتقي باحد رجال الدين السنه . وحسب تصريحات ظريف فان هدف الزيارة ت، هو تناول العلاقات الثنائية بين البلدين لاهميتها لحكومة روحاني والاوضاع والظروف الخطيرة في المنطقة ، لكن كانت هنالك أهداف أخرى غير معلنه وهو بحث تأثير تزايد التظاهرات الليلية في محافظات الوسط والجنوب وملف منظمة مجاهدي خلق ، حيث أعلنت الحكومة العراقية وعلى لسان مستشار المالكي علي الموسوي بأخلاء معسكر أشرف .
كلا الدولتين تراودها احلام اعادة امبراطوريتها والهيمنه على العراق والمنطقة لكن ومن خلال لقاءات وتصريحات وزيري خارجية كلا الدولتين (تركيا وأيران ) في زيارتهما للعراق وبالعودة الى نشاطات بلديهما تتحدد بوصلة الانجاهات السياسية لكليهما أزاء العراق في الوقت الحاضر .
عادت تركيا الى الشرق بثوبها الاسلامي بعد ان أدارت ظهرها له لما يقارب ثمانية عقود ، طامحة بدور فاعل ومتصدر في العالم الاسلامي وبمساندة العديد من الحكومات والحركات العربية والاسلامية المشتركة معها في العقيدة الدينية . واتسمت سياستها مع العراق بالانحياز الواضح للتركمان ، وأستمالة بعض السياسيين من مكون معين ، والحصول على العقود والاستثمارات الاقتصادية ، ومن جانب آخرفأنها أستمرت بحرمان العراق من حصته المائية ، لاستثمار المياه وخزنها لمشاريعها الاقتصادية الداخلية وأجنداتها الخارجية ، لكن لم يتبين لحد الان قيام تركيا بتأسيس الميليشيات الطائفية وتدريبها وتمويلها ، ولم نراها تتدخل في تشكيل الحكومة العراقية أو شؤون العراق الداخلية مثلما تفعله الجارة أيران ، التي لم تنكفيء من سياسات التدخل والهيمنه على العراق ورهن ارادته السياسية والامنية والثقافية والعقائدية ومصيره بيد ساستها طيلة السنوات العشر الماضية جاعلة من ارضه ساحة مواجهة متقدمه ومنطلقا لتصدير ثورتها ، ومن ابنائه مقاتلين بالنيابة عنها وتتكيء على أقتصاده لانقاذ اقتصادها المنهار وتخريب ثقافة مجتمعه وتجهيل شعبه وبث الفرقة بين مكوناته وتقسيمه .
وهنا لانضع اللوم على تركيا او ايران فكل دولة من حقها ان تعمل لمصالحها الخاصة ، طالما تتوفر فرصة تحقيق ذلك على حساب أي دولة فما بالك بالعراق ، ذو الموقع الستراتيجي والثروات الطبيعية الهائلة وأسواق مستهلكة وأدارة حكومية فاسدة مسلوبة الارادة .
لكن يبقى الفارق في توجهاتهما السياسية تجاه العراق واضح وكبير ، ان سياسات تركيا قائمة على أستثمار الفرص لتعزيز أقتصادها ودورها في العراق والمنطقة ، أما أيران فأن سياستها أستعمارية قائمةعلى الهيمنه والاستحواذ ، أذن هوحرف واحد بين استعمار واستثمار ، وشتان مابين المفردتين .