23 ديسمبر، 2024 10:48 م

واجهات سياسية ودينية وعشائرية تدعم الإرهاب

واجهات سياسية ودينية وعشائرية تدعم الإرهاب

قبل حوالي شهرين سألني أحد الأصدقاء عن سبب تنامي واتساع شوكة الإرهاب وعودة تنظيم القاعدة الإجرامي إلى الأنبار وباقي المحافظات الغربية بهذا الزخم وبهذه القوة بعد أن أوشك على الاضمحلال والتلاشي ؟ فقلت له في حينها إنّ عودة تنظيم القاعدة بهذه القوة سببه الوضع السياسي العام الإقليمي والداخلي , فالأحداث المتسارعة في سوريا قد انعكست آثارها بشكل مباشر على الوضع الداخلي العراقي الذي بدا في حينها مسقرا بعض الشئ , فمنذ اليوم الأول الذي تأسس فيه الجيش الحر في سوريا , بدأت الأصوات تتعالى في العراق من أجل تاسيس الجيش العراقي الحر , وفعلا أعلن عن تأسيس هذا الجيش , حتى إن أحد الأصدقاء الأكراد على شبكة البالتوك الدولية كان يناكفني ويقول لي اين ستذهبون يا شيعة العراق , الجيش العراقي الحر قادم إليكم , وحينها كانت قضية الهاشمي تتفاعل داخليا وإقليميا وتخرج من أطارها القانوني والسياسي إلى الأطار الطائفي , حيث أصبح الدفاع عن المجرم الهاشمي المتورط في الكثير من قضايا الإرهاب , هو دفاع عن سنّة العراق .
ومنذ ذلك الحين بدأت بعض القيادات السياسية وبعض المرجعيات الدينية وقسم من شيوخ العشائر الباحثين عن دور في نهب وسرقة المال العام , يتحدّثون عن تهميش المكوّن السنّي واستهدافه بقانون الإرهاب , حتى أصبح الكثير يتهكمون ويطلقون على المادة أربعة إرهاب بالمادة أربعة سنّة , ومن هذا التاريخ تحديدا بدأت خيوط المؤامرة الإقليمية تحاك في كل من الرياض والدوحة وأنقرة , وبدأت الأموال تتدفق على الداخل تنفيذا لهذه المؤامرة , وفي ظل عودة أجواء الاستقطاب الطائفي , وجدت التنظيمات الإرهابية الأجواء مناسبة والفرصة سانحة لاستعادة نشاطاتها الإجرامية بالتنسيق مع التنظيمات الإرهابية التي تشّكلت في سوريا , فكان التنسيق يجري بينهما على قدم وساق حتى توّحدا في تنظيم داعش الإرهابي , وفي ظل هذه الأجواء والاحتقانات السياسية التي وصلت ذروتها خلال مؤتمري أربيل والنجف وفشل القوى السياسية المشاركة في سحب الثقة عن حكومة المالكي وانسحاب بعض الوزراء من الحكومة , قد أصاب الحياة السياسية والنيابية بشلل تام , حتى جائت لحظة الإنفجار واندلاع التظاهرات عقب قضية حماية وزير المالية رافع العيساوي , هذه التظاهرات التي أوجدت ساحات الاعتصام في المحافظات البيضاء كما كان المقبور صدّام يطلق عليها , ومنذ اليوم الأول لاندلاع هذه التظاهرات كانت بصمة القاعدة هي البصمة الأكثر وضوحا من بين كل البصمات , حيث أصبحت هذه الساحات منابرا لقيادات القاعدة تبث من خلالها سموم الفتنة الطائفية , وقواعد تنطلق منها لتزرع الموت والدمار في البلاد , وكل هذا كان يجري بدعم و تنسيق محكم  بين هذه التنظيمات الإرهابية وبعض القيادات السياسية والدينية والعشائرية من سنّة العراق , وبفضل هذا الدعم تنامى الانضمام للقاعدة وبات يتسع يوما بعد يوم .
وفي هذا المقال نريد أن نتحدث بشئ من الصراحة , فما يشهده البلد من إرهاب أسود , ما كان ليصل إلى هذا المستوى من القتل والتدمير وسفك الدماء , لولا هذا الدعم الخفي من بعض الواجهات السياسية والدينية والعشائرية , فهذه الواجهات هي السبب وراء هذه الفتنة , ولا استبعد اطلاقا ارتباطها بالمخطط الإقليمي الساعي لإشعال نار الفتنة الطائفية والحرب الأهلية في العراق , فرجل الدين الذي يدعوا العشائر للاستنفار ومواجهة الجيش وقوى الأمن الداخلي , وكذلك من أطلقوا التهديدات والإنذارات للحكومة باطلاق سراح العلواني . والذين أصدروا بيانات الاستنكار والشجب لاعتقال العلواني , هم شركاء جميعا في هذه الفتنة وهم بهذا العمل يصطّفون مع الإرهاب قولا وفعلا , وإذا كانت هذه الواجهات قد عقدت العزم على الحرب الطائفية , فلتتحمل مسؤولياتها في كل ما يترتب عليها من نتائج وقتل وتدمير , فلا مجال بعد اليوم للتوفيق بين الخير والشر , والإرهاب والقانون , فأما الوطن وأما الإرهاب .