تثبيت وضعية القمع السياسي والحفاظ على إمكانية التسوية .. ماذا يريد “خامنئي” من “رئيسي” ؟

تثبيت وضعية القمع السياسي والحفاظ على إمكانية التسوية .. ماذا يريد “خامنئي” من “رئيسي” ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

يُعتبر “إبراهيم رئيسي”، ثالث رئيس للجمهورية الإيرانية، نتاج إشارات المرشد، “علي خامنئي”، السياسية الغير مباشرة، وهو مكلف بتنفيذ مشاريع المرشد ذات الأهمية.

وكان المرشد؛ قد قال في وصف، “أحمدي نجاد”، عام 2004م: “رائحة الخدمة الجيدة”، وصنع شعار لأنصار الأخير؛ الذين أرادوا تشكيل حكومة شعبية وإعادة القطار إلى المسار الثوري.

لكن لم تكد تمض أربع سنوات؛ حتى إنحرف القطار عن مساره، لكن الأهم بالنسبة للمرشد؛ كان تنفيذ المشروع القمعي. وقد كان للقمع، في العام 2009م، ورمزه معتقل “كهريزكـ”، محاكمات صورية ترتب عليها فرض الإقامة الجبرية، والاعتقال، والنفي، بحيث أضحى أكبر مشروع قمع سياسي يدخل حيز التنفيذ حتى العام 2011م. بحسب “رضا حقیقت‌نژاد”، في (راديو فردا) الأميركي الناطق بالفارسية.

مشروع القمع السياسي..

وقد تسبب القمع؛ في فجوة كبيرة بالداخل الإيراني لم تكتمل بسبب عقوبات إدارة “باراك أوباما”. فقد كانت الحكومة الإيرانية على وشك الإنهيار الاقتصادي بسبب العقوبات، ولم يكن أمام “خامنئي”، من بديل عن التراجع.

وتجاهل دعم المعسكر الأصولي، في انتخابات 2013م، وأعطى بشكل غير مباشر، الضوء الأخضر، للتفاوض مع “الولايات المتحدة”، وبحث في إثر شخصية ذات تاريخ من التسويات السياسية. وتم تنفيذ هذه المهمة بصعود، “حسن روحاني” إلى السلطة، والإعلان عن سياسية: “البطولة المرنة”، والتوقيع على “الاتفاق النووي”، لكن المهمة لم تكتمل بسبب ظهور، “دونالد ترامب”، والانسحاب الأميركي من “الاتفاق النووي”.

تثبيت وضعية القمع والحفاظ على إمكانية التسوية..

وفي ظل الأوضاع الراهنة، حيث أوشك مشروع “القمع” السياسي، الذي وصل إلى مرحلة إقصاء المسؤولين عن هذه الحملات، (أي فريق أحمدي نجاد)، أن يكتمل، في حين ما يزال مشروع “التسوية” غير المكتمل مطروحًا على مائدة “الجمهورية الإيرانية”، فإن أهم مهام، “إبراهيم رئيسي”، هي إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، أو تثبيت وضعية القمع ومكانة التسوية.

وكان آية الله “علي خامنئي”، قد مهد، طوال العامين الماضيين، الطريق أمام صعود، “رئيسي”، إلى رئاسة السلطة التنفيذية، وبدأ بإطلاق عبارة: “حكومة شباب حزب الله”؛ تلك العبارة التي وصفها مستشاره العسكري، “رحيم صفوي”: بـ”الكود”.

بداية مرحلة “الكود”..

هذا “الكود”؛ الذي أشعل المنافسات الداخلية بين أصدقاء المرشد. فكانت البداية مع، “محمد باقر قاليباف”، الذي بدأ جولة في المحافظات، وقال إن “خامنئي” راضٍ عن هذه الجولة. وبعد فترة تراجع، “قاليباف”؛ وبدأت جولات، “رئيسي”، في المحافظات تكستب زخمًا، وبدا أن المرشد أكثر رضًا عن جولات تلميذه.

وكانت الخطوة التالية؛ خفض مستوى المخاطرة إلى أدنى مستوى. وقد شهدت تلك الفترة صعود إدارة “جو بايدن”، إلى السلطة في “الولايات المتحدة”، وحذر “غلامعلي حداد عادل”، مستشار المرشد، من رغبة البعض في الداخل استثمار ملف المفاوضات النووية المحتملة، و”بايدن” سياسيًا وانتخابيًا.

فما كان من “خامنئي”؛ إلا عرقلة هذا المسار، وصدق البرلمان، برئاسة “قاليباف”، على قرار متشدد، وقد عارضت حكومة “روحاني”، هذا القرار، لكن “خامنئي” رفع الجلسة وقضى بضرورة تنفيذ قرار البرلمان.

وبالتوزاي مع هذا القرار؛ قال: “جدول الأعمال يقضي بالتفاوض؛ وهو مسار لم يتوقف، لكن المؤكد أننا غير متعجلون”. وقد أوضح هدفه بهذه الكلمات وهو أنه يريد عدم تأثير مساعي الوصول إلى خريطة توافق على انتخابات الرئاسة الإيرانية.

مخاوف الأصوليون..

وكان الأصوليون يتخوفون من رغبة التيار المنافس في إعادة الحديث عن أجهزة الطرد والعقوبات والمفاوضات؛ كمحاور أساسية في المناظرات الانتخابية، واعتبروا أن، “محمد جواد ظريف”، هو أهم رموز هذا المشروع.

فكان تسريب حوار “ظريف”، بخصوص اعتداءات، “قاسم سليماني”، على الدبلوماسية الإيرانية، فرصة مناسبة للتخلص من هذا الرمز، وأجهز موقف “خامنئي” العلني على فرصة وحياة، “ظريف” السياسية.

ثم حان الدور على، “حسن الخميني”، حيث منعه، “خامنئي”، من الدخول في المعترك الانتخابي، بحيث يُمهد الساحة أمام، “رئيسي”.

وفي آتون النقاش بشأن أسباب ترشح، “رئيسي”، وعدم البقاء في رئاسة السلطة القضائية، تدخل “خامنئي” وأدلى بخطاب مفصل شرح فيه تمتع الحكومة بصلاحيات أكبر مقارنة بباقي السلطات، وبذلك حصل، “رئيسي”، على تصريح الأصوليين.

أعقب ذلك؛ رفض “مجلس صيانة الدستور”، والذي يقع تحت سيطرة “خامنئي”، أهلية: “محمود أحمدي نجاد” و”أسحاق جهانجيري” و”علي لاريجاني” و”مسعود بزشكيان”، خوفًا من خطورتهم على، “رئيسي”.

ومع اقتراب موعد الانتخابات تدخل، “خامنئي”، وقال: “يجب أن يحصل رئيس الجمهورية على نسبة عالية من الأصوات”. وكانت هذه الجملة كفيلة بانسحاب: “سعيد جليلي” و”عليرضا زاكاني”، لصالح: “رئيسي”، ويصل مشروع الرئاسة إلى المرحلة النهائية، وتتقلص “أحزان” المرشد.

وبإنتهاء الانتخابات يمكن القول: إن مشورع الإحتواء والقمع السياسي داخل الحكومة؛ بلغ مرحلة مناسبة من منظور المرشد الإيراني، “علي خامنئي”… ويتبنى للبقاء إستراتيجية القمع المعلن والتسوية الناعمة، وعلى “رئيسي” القيام بهذه المهمة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة