السيد إبراهيم رئيسي، و الذي يتوقعُ الجميع غداً، فوزه بمناقصةِ الرئِاسة الإيرانيّة، يبدو خارِجاً مِنْ متحف عام 1979م. فريقُه الرئِاسي بدورِه، يحملُ لوحة تسجيلٍ قديمة، العام 2005 تحديداً. فريقٌ هَرَبَ مِنْ بَدْلَةِ الرئيس الأسبق؛ احمدي نجاد، إلى لِباس القَبَاء للسيد رئيسي .
زيارةُ المحافظات الثلاثين لإيران، و التي قام بها السيد نجاد، قلَّدها أيضاً نجمُ 79، لكنها فقدت سَّنين. ربّما ترك هاتين المُحافظتين؛ كي تكون شُبهةُ التقليدِ ناقِصةُ الأدِلَّة.
الاختصارُ غيرُ المفيد: السيد رئيسي يبدو صاروخ “وورم” خامنئي الصُنع – الأصل صيني – نَجَحَ في اختِراق القبَّة الإصلاحيّة، و دقَّ المسمار المُتشدِّد في نعشِ جبهةِ “خورداد” الثانيّة.
العراق: مزرعة طماطم بنجامين فرانكلين
فكرةُ رئيسي – الرئيس المتوقعُ غداً تنصيبُه – عن الاقتصاد، تسيرُ على أرجُلٍ مِنْ عوالِمَ مُختلِفة: ستَّة صفوف مِنْ التعليم الرسمي، شهادةٌ في فَهِمْ الدين، و شهادةٌ متوقَّعَة في الاقتصاديات. يُشاع إنَّ الأخيرة ناتِجة عن تهديدهِ، لأساتذة بعض الجامعات.
السيد محسن رضائي، قائد الحرس الثوري السابق، و سكرتيرٌ حالي لمجمع تشخيص مصلحة النِظام، اقترحَ في مُناظرةٍ رِئاسيّة، دعم الاقتصاد الإيراني، بمجموعةٍ مِنْ الرهائن – جنودٌ غربيون- لإيقافِ انمِساخ قِطار الثورة الإيرانيّة إلى “سكوتر”. رضائي مع أربعةٍ آخرين، رئيسي مِنْ ضمنِهم، يُشكِّلون الخُماسي المُتشدِّد، في هذهِ الانتخابات الرِئاسيّة.
البرنامجُ الاقتصادي لـ رئيسي، يبدو عاطفيّاً هو الآخر، لكنهُ مستساغٌ أكثر مِنْ برنامجِ زميلهِ المُرشَّح – رضائي – فقد وعد بتوفيرِ ملايينٍ مِنْ فُرص العمل.
الانتخاباتُ في كُلِّ بُلدان العالم عموماً، تزرعُ السماء بالوعود، لتنمو عناقيداً مِنْ العِنَب، العصيَّةُ على الاستجابةِ لقانونِ الجاذبيَّة.
العِراقُ ربّما يكون البلد الوحيد، المعني بالرعُب مِنْ هذهِ العواطف الاقتصاديّة؛ التي تمورُ في قلوبِ رؤساءٍ مُحتملين للبلدِ الجار. تصريحُ رضائي كمِثال، و هو رئيسٌ سابق، لِمُزارِعيْ قيَّمِ الثورةِ الإيرانيّة – الحرس الثوري الإيراني – في البلادِ العربيَّة، يفتِنُ لنا: إنَّ مؤسسة الرِئاسة في إيران، ستكونُ بفوزِ رئيسي، واحِدةً مِنْ هؤلاء الزُرَّاع القوميين.
الجميع، يتوقع أن سيَّر مركبة الاقتصاد الإيراني، في عهدِ رِئاسةِ إبراهيم رئيسي، لن تهتز عجلاتُها، إلَّا على طُرُق الشرق و موسكو. العِراق مع الأسف، في هذا الطريق، يحمِلُ لافتة: مزرعةُ طماطِم بنجامين فرانكلين.
صعودُ رئيسي، سوفُ يحفِّزُ الجهات الإيرانيّة؛ التي وصفها المرشد الإيراني بـ “مافيا الاستيراد”، على تحويلِ العِراق إلى – منطقةٍ حُرَّة – رخيصة جدّاً، لتوفير أكبرٍ قدرٍ مُمكِن، مِنْ فُرص العمالة. اتوقعُ أن يشهد قطاع التعبئة، النقل، التحميل، و فتح المزيد مِنْ المنافذ الحدودية اللا قانونية مع العِراق، مزيداً مِنْ الازدِهار!
لا بدَّ هنا أن نُشير أيضاً، إلى زيارة السيد رئيسي للعِراق، و التي انتجت اتفاقاً قانونيّاً بين البلدين، بِسُرعة البرق، أُطلِق على إثره، سراحُ العديد مِنْ تُجّارِ المُخدَّرات الإيرانيين. ملفُ المُخدَّرات هذا، هو ملفُّ حربٍ مُخابراتيّة، لا تنفكُّ طهران عنها أبداً.
الأكيد إنَّ ما حصل سيكونُ تشجيعاً، للمزيد مِنْ الإيرانيين؛ كي يلعبوا دور بابلو اسكوبار في العِراق. رئيسي سيحتاجُ أيضاً، إلى إطلاقِ العنان، للعواطِف الشعبيّة الإيرانيّة، بتشجيعِها على زيارةِ المراقد المُقدَّسة العِراقيّة، و بأعدادٍ مليونيَّة، تُذكِّرُ بصدقِ وعود ثورة عام 79!
إبراهيم رئيسي: قاسم سليماني سياسي
رئيسي الذي يبدو غير مُناسِبٍ، لِحِراكِ إيران السياسي، في البيئةِ الدولية، يبدو قاسم سليماني مِنْ النوع السياسي. في أرضِ الرافدين سيكونُ ظِلُّه، وقفاً على ظهيرةِ الحرس الثوري، و الذي يعتمِدُ قيظُه، على شمسِ المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
عدنان طباطبائي، رفض الظل، وتحدث عن الشمس: “أنا مقتنِعٌ بأننا سنرى استمرارية، وأنهُ ليست هناك تغييرات كبيرة في السياسة الخارجيّة، مع الإدارة الإيرانيّة الجديدة. الأركان الأكثر أهمية في سياسة إيران الخارجيّة، مُصممة مِنْ قِبَلِ المجلس الأعلى للأمن القومي”.
طباطبائي، و هو المدير التنفيذي لمركز “كاربو”، أكَّدَ إنَّ العِراق يتمتعُ بـ ” جزءٍ خاص مِنْ القرارات في هذا المجلس، و لهذا يجب أن لا نتوقع أي ديناميكيات جديدة، عندما يصبح إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران”. طباطبائي توقع فيما يخصُّ المجلس: ” تغيُّر تركيبته الحالية بما لا يقِلُّ عن الخمسين بالمائة بعد الانتخابات”.
ماجد القيسي، فسَّر جلوس إبراهيم رئيسي المُحتمل، على كرسي الرِئاسة كـ “رسالة”، صادق المرشد الأعلى، على صلاحيتِها للبثِّ العام، للأسباب التاليّة: ” تسعى إيران وبحسبِ تصوّرٍ للمُرشد الإيراني؛ علي خامنئي، أعلن عنه سنة 2005، أن تُصبِح في مصافِ الدول – فوق الإقليمية – في سنة 2025، و نفوذ يمتد إلى البحر الأبيض المتوسط”.
القيسي، وهو مدير برنامج الأمن و الدفاع، في مركز “صنع السياسات”، وضعَ رئيسي، العِراق، و الصفقة النووية، في هذهِ المُعادلة: ” الإيرانيون يختارون الرئيس، بناءً على موقف البيئة الدوليّة، بالتالي هو مُهيّأ لإدارة الملف النووي. أمّا فيما يُخصُّ العِراق؛ فهو واحِدٌ مِنْ المسؤولين عن ملفِه السياسي. تأثيرهُ عراقيّاً سيظهرُ في ضبط إيقاع الفصائل الولائية، بما يُناسب السياسات الإيرانيّة”.
الأكيد أن رسم مُخطط تقريبي للفائِدة الإيرانيّة، مِنْ احتمالِ بزوغ نجم السيد رئيسي، لن يكتمل إلَّا بالإشارة، إلى الانسحاب الأمريكي المزمع و الوشيك مِنْ أفغانستان، و الذي يرى في طاجيكستان – لديها حدود جنوبيّة مع أفغانستان – مركزاً لوجستيّا،ً مَرِناً كمسافة و رخيصاً كتكلُفة، للاستمرار بحضورٍ استخباراتي جيّد النوعيّة، مدعوماً عسكريّاً بـ “الدرونز”.
المُشكلة الأساسيّة، إنَّ طاجيكستان، باتت واقِعةً في المدارِ الإيراني، و الاثنين يقعان ضمنَ مدار الدب الروسي، لكن المُشكِلة يبدو إنّها قد حُلَّت، بإعلان إيران عن تقديمِها طلباً، للانضمامِ، إلى منظمة شنغهاي.
الاختصارُ المفيد كما اتمنى: طالبان باكستان، ستجِدُ صعوبةً أكبر، في التواصل مع نظيرتِها الأفغانيّة، حيثُ باتت طهران، قاب قوسين أو أدنى، مِنْ الحصولِ على مُناقصةٍ أُممية، لبناءِ “طالبان شيعيّة”، تفصِلُ بين النظيرتين.
إيران تستحقُ تعريفي لها بـ “قوّة إقليمية مُضاعفة”. أجِدُ ذلك مُناسِباً وعمليّاً، لواقعِ إمكاناتِها الكامِنة، و يُخلِّصُها مِنْ توصيفِ هنري كيسنجر، الفضفاض، و الذي مختصرهُ المفيد: إيران قطعة استراتيجية رائِعة.
السيد إبراهيم رئيسي، سيكونُ بالطبع، الفم الذي سيُخرِجُ ما في بطن المرشد الأعلى و الحرس الثوري. أمّا بالنسبةِ لي؛ فأنا ما زلتُ أراه مظروفاً، لا يصلحُ.. لا لرسائِل تماسُكِ جبهة المُتشددين، ولا للمُناقصات الأممية؛ بل ربّما قد يعودُ غداً إلى قرطاسية مكتب المرشد!