17 نوفمبر، 2024 3:53 م
Search
Close this search box.

استراتيجية استباقية في المغرب لمواجهة تطرف مغاربة أوروبا

استراتيجية استباقية في المغرب لمواجهة تطرف مغاربة أوروبا

“إن المغرب اعتمد استراتيجية استباقية جديدة لمنع أي خطر محتمل لتطرف المغاربة المقيمين بالخارج”.
العبارة أعلاه جزء من حوار صحفي كان عبدالحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية المغربية المعروف اختصارا بالـ(بسيج) قد أدلى به لوكالة الأنباء الإسبانية (إفي) بمناسبة الذكرى الأولى للهجمات التي وقعت في برشلونة وكامبريلس، والتي تسببت في مقتل 16 شخصا وجرح 150 آخرين.
وصرح الخيام للوكالة الإسبانية أن المغرب وضع عددا من المغاربة المقيمين بالديار الأوروبية بالتنسيق مع دوائر الشرطة الأوروبية تحت المجهر، لمواجهة الحالات العديدة للتطرف وسط المهاجرين الشباب، مشددا على ضرورة انضمام المملكة المغربية كعضو كامل العضوية إلى قواعد بيانات مكتب الشرطة الأوروبي (يوروبول).
عبدالحق الخيام الذي لم يكشف عن التفاصيل والأسس الكاملة لهذه الاستراتيجية الاستباقية الجديدة، ذكر أنها تقوم على مراقبة مغاربة أوروبا وأغلبهم مزدوجي الجنسية ويواجهون خطر التقرب من “التطرف العنيف”، واصفا التعاون بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية بـ”الممتاز”.
وأكد المسؤول المغربي أن “إسبانيا لديها جالية مسلمة قوية بما في ذلك الذين دخلوا إلى الإسلام أو أولئك الذين توافدوا عليها من دول أخرى ويجب على جميع هؤلاء أن يتلقوا تأطيرا دينيا”، مضيفا أن كل أماكن العبادة في إسبانيا هي “تحت إشراف إحدى المؤسسات الحكومية”.
وزكت وزيرة العدل الفرنسية السابقة والنائبة الأوروبية (من أصول مغربية)، السيدة رشيدة داتي، هذا الطرح ودعت المفوضية الأوروبية إلى الشروع في مسلسل المفاوضات من أجل التوقيع على اتفاق تعاون في مجال تبادل المعطيات بين المغرب والمكتب الأوروبي للشرطة (الأوروبول)، مؤكدة في سؤال إلى المفوضية الأوروبية أن المغرب شريك استراتيجي وأساسي للاتحاد الأوروبي في الوقاية من التطرف ومحاربة الإرهاب، وهو ما دفع البرلمان الأوروبي فيما بعد إلى الموافقة على قرار يوصي الاتحاد الأوروبي بالتوقيع على اتفاق مع المغرب لتبادل البيانات الشخصية، وشجعه على ذلك بحسب تصريح لعبدالحق الخيام للفايننشال تايمز، أن المخابرات المغربية في إطار العمل المشترك مع نظيراتها الأوربية قد تمكنت من منع هجمات إرهابية في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا والدنمارك.
مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي قام منذ إنشاءه في العام 2015، بتفكيك 55 خلية إرهابية واعتقال ما مجموعه 877 شخصا، من بينهم 21 أجنبيا و18 مزدوجي الجنسية، وجه انتقادا إلى أجهزة الأمن الفرنسية على عدم إبلاغ نظرائها المغاربة عن وجود مشتبه به مغربي فرنسي متورط تم تصنيفه ضمن لائحة في ما يسمى “الملف أس” للمجرمين الخطرين.
وبرزت هذه القضية على السطح مباشرة بعدما أعلن ما يسمى بـ”داعش” في يونيو/حزيران من العام 2014 عن تأسيس ما أطلق عليه بـ”دولة الخلافة” في الموصل، الدولة التي منحته كل “الشرعية” في القاموس الإرهابي العالمي، ما هيأ له كل الأجواء لممارسة فعل الاستقطاب على مستوى أكبر هذه المرة، حيث تم فتح الباب على مصراعيه أمام المتطرفين للالتحاق بدولتهم المزعومة للقيام بـ”الجهاد” ضد ما يسمونهم بـ”أعداء الله”.
ويعتبر مغاربة أوروبا أحد أكبر الملتحقين بهذا التنظيم الإرهابي، وفي هذا الصدد، أوردت صحيفة “البيريوديكو” الكاتالونية الخميس 10 مارس/آذار 2016، بناء على وثائق حصلت عليها الشبكة البريطانية (سكاي نيوز)، أن المغاربة باتوا يحتلون المرتبة الثالثة بخصوص الملتحقين الجدد بداعش، مضيفة أن الوثائق تتضمن بيانات حول تجنيد التنظيم لأعضاء جدد في صفوفه يتجاوز عددهم 1200 داعشي، من بينهم 495 من السعودية، و275 من تونس، و140 من المغرب، و101 من مصر، و35 من فرنسا، و18 من ألمانيا، و16 من المملكة المتحدة، و4 من أمريكا، في حين أن 126 الآخرين يتحدرون من دول مثل بلجيكا ولبنان وأستراليا وهولندا وروسيا وأفغانستان.
يقول الخبير الهولندي، السيد باولو دي ماس، مدير مركز الإرهاب ومكافحة الإرهاب، في منتدى مراكش للأمن في دورته السابعة، الذي انعقد يومي السبت والأحد 13 و14 فبراير/شباط 2016، وحضره أزيد من 200 خبير ومسؤول دولي، مدنيين وعسكريين إن “هناك حوالي 200 هولندي من أصل مغربي يحاربون في سوريا والعراق، وهم في المجموع حوالي 1500 مغربي من أوروبا، يقاتلون في مناطق النزاع، وأضاف أن دور تأطير هذه الجالية المهاجرة يعود إلى دولة الاستقبال لكن أيضا إلى الدولة الأصل”.
أمام هذا التهديد وهذا الوضع الذي ينبئ بالكارثة، أعلنت الدولة المغربية عن القيام بحزمة إجراءات وترتيبات أمنية همت جميع الأماكن الحساسة كمقر البرلمان والسفارات والمطارات وغيرها، كما أعلنت عن حزمة إجراءات أخرى همت هذه المرة الحقل الديني والتربوي التعليمي بجميع مستوياته، بهدف إعادة هيكلته لتأهيله والارتقاء به، وقد شملت هذه الإصلاحات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نفسها والمجالس العلمية وكذلك مساجد المملكة، ودار الحديث الحسنية وغيرها من المؤسسات الدينية المغربية.
ولم تستثن الجالية المغربية المقيمة في الخارج من تلك الجهود، حيث أنشئ مجلس علماء مغاربة في أوروبا، وفي نفس السياق، تم تأهيل عدد من الدعاة والداعيات، ومن الجوانب الإيجابية الأخرى لهذا الإصلاح، تقديم منح بحثية للائمة والدعاة وخريجي جامعة القرويين للعلوم الدينية في مدينة فاس واستكمال الدراسة في جامعات انغلوساكسونية بالخارج، في مسعى جاد يتجه نحو استعادة نموذج التدين المغربي المرتبط بمذهب الإمام مالك والعقيدة الأشعرية والتصوف السني.
كما قامت الدولة المغربية مع تنامي موجة العنف وظاهرة التطرف الناتجة عن قراءة ملتبسة للنص الديني، بتدريب عدد من الأئمة في القارة الأوربية بهدف نشر الفكر الديني المتسامح وفق المذهب المالكي والتصوف السني والعقيدة الأشعرية المعتمدة في المغرب منذ قرون من أجل استباق التطرف المحتمل في القارة الأوربية.
وشهدت أوربا في الفترة الأخيرة عمليات إرهابية تورط فيها شبان من أصول مغربية ترعرعوا داخل القارة العجوز، وآخر هؤلاء الشبان عبد الباقي الساتين وهو إمام اتهمته السلطات الإسبانية في الضلوع في أحداث غشت/آب الماضي في برشلونة.

أحدث المقالات