ما الفرق بينَ كتابٍ حديثٍ يجري عرضه على ” بسطات ” شارع المتنبي او في المحلات التي على شكل مكتبات في ذات الشارع , وبينَ أن يجري عرض الكتاب على أرفُف معرضٍ كبيرٍ ذو اجنحةِ عرضٍ و اروقةٍ مزوّدةٍ بوسائل التبريد , والكتاب هو ذات الكتاب .! , بلا شكّ أنّ مكان العرض الثاني هو الأحلى والأجمل , ويمنح الفرصة في التأمل وتفحّص اعداد كبيرة من الكتب , فضلاً عن تأثيرات الديكور والإخراج وسواهما , ممّا يجعل المعرض مكاناً ترفيهياً ايضاً , وهنالك ما هو اكثر .
يوم اوّل امس – صباح الخميس – افتتح وزير الثقافة ومعه عدد من المسؤولين معرض بغداد للكتاب الدولي , وأشادَ به أيّما اشادة , بينما سمّاه امين العاصمة بالعرس الثقافي ! , ممّا جعل وسائل الإعلام تنقل تفاصيل تلكم التصريحات ومفرداتها بشكلٍ اضخم , بما جعلت معرض بغداد هذا وكأنّه مهرجان ” كان ” السينمائي في فرنسا .!
في الفترة المسائية لليوم الأول للعرض , اقتنصتُ الوقت وآثرتُ مشاهدة ما يجري من عروضات في معرض الكتاب هذا , لكني فوجئت إنْ لم اقل صُدِمت بأنّ عدداً غير قليل من دور النشر والتي تتخذ بعضها مساحة صغيرة وكأنها ” محل او دكّان ” ولاتزال أمام كلٍ منها صناديق الكتب التي لم يجر فتحها بعد , وصناديقٌ اخريات مفتوحة الى النصف , والكتب شبه مبعثره منها , والأنكى أنّ تلكم الصناديق الكارتونية كانت موضوعةً وسط الطريق او ممرات المشاة والزوار وفي اكثرِ من قاعةٍ من قاعات العرض .! , بجانب ذلك وللأسف فأستسخف الكتابة بأنّ احدى خانات العرض قد وضعت على منصّتها اكياساً من ” الجبس – البطاطا ” ومن صنفٍ واحدٍ فقط .! , وفي الحقيقة فقد قمتُ بتصوير تلك المشاهد المأساوية بجهاز النقّال بنيّة عرضها ضمن هذه الأسطر , لكنّي تراجعتُ عن ذلك , ولم اجد مبررا للتشهير ميدانيا , ثم لإتاحة الفرصة للقائمين على دور النشر ” لإعادة التنظيم ” والإسراع بإزالة آثار هذه التجاوزات التي تفتقد اللياقة في كلّ مجالات الذوق والدعاية والإعلان , ولا ادري ولا غيري يدري لماذا لم تقم الهيئة العليا للمعارض بتفحّص هذه السلبيات , والتي كان ينبغي تفحصا وفحصها قبل يومٍ واحدٍ من موعد الإفتتاح على الأقل .! , وعلى العموم فإنّ معرض الكتاب هذا كان مفتقداً لديكورات واساليب العرض والدعاية وفي حدّها الأدنى او اكثر قليلاً .. الى ذلك فتتجسّم وتتجسّد المقارنة بين معرض الكتاب للسنة الماضية الذي اقامته ” مؤسسة المدى للصحافة والنشر وبتنسيقٍ مع ” آسيا سيل ” والذي كان مفخرةً رائعة في اساليب اٌ
الأعلان والدعاية وما تضمنه من ديكوراتٍ جذابة وكأنها ذي كاريزما تجتذب الزوار مغناطبسياً .! , بينا يفتقد المعرض الجديد الذي تبنّى القيام به اتحاد الناشرين العراقيين وشركة ” صدى العارف ” التي مقرّها في مدينة النجف , وفي حينها واذ صادفتُ وجود عددٍ من رجال الدين في بعض اجنحة المعرض , فقد انتابني احساس ٌ ما أنّ وراء وجود اولئك السادة أمراً ما , وبانت المسألة بأنّ العلاقة قد تكمن بهذه الشركة المذكورة .! , واذ كانت تلك زيارتي الأولى والأخيرة لمعرض بغداد للكتاب , فتقتضيني الأمانة الصحفية ” وغير الصحفية ” للقول بأّنّ تعديلاتٍ وتحسينات , بالأضافة الى برامجٍ اخريات كالندوات والمحاضرات , وربما فعالياتٍ ما ستشهدها الأيام المقبلة لمدة العرض , انما عموما لم يكُ العرض والمعرض بالمستوى المطلوب , وتجنبنا هنا ذكر ملاحظاتٍ اخرى .!