الكيان العراقي اقليم كردستان المتمتع بفيدرالية دستورية، بات شعبه الكردي بلا ارض، ومصطلح الوطن بات عنوانا سياسيا فارغا من معناه الوجودي، فكل شيء من الارض قد بيع من قبل الحزبين والعائلتين الحاكمتين للبرزاني والمرحوم الطالباني، والغريب المثير ان البيع لم يبقى منحصرا باراضي المدن والنواحي والقرى الصالحة لمشاريع السكن والتي تباع بعشرات ومئات الملايين من الدولارات، وهي ممتلكات عامة للدولة والشعب، ومنذ عقود خاصة بعد الفين وثلاثة فقد شن على ارض الاقليم عدوان صارخ من قبل المسؤولين الكبار والصغار حتى باتت الاجيال القادمة محرومة من الوطن ومن الارض للعيش عليها، وهذه الاستباحة الكاملة لم تبقي لكيان الكرد ارضا لتحقيق المواطنة للكرد على مستوى الافراد، والجديد بالامر ان هذا التفريط العدواني للارض قد وصلت الى بيع الجبال والوديان والتلال والغابات الى بلدان مجاورة، فقد تسرب خبر مفاده ان الاراضي العراقية الحدودية هي اراض تركية لانها اشترتها من قبل، وهذا تبرير جديد للتدخل والعدوان العسكري على اراضي كردستان العراق، وبقاء القوات التركية عليها بشكل دائم.
المعلوم ان الاراضي داخل حدود بلديات المدن بالاقليم، قد استولت عليها عصابات ومافيات حزبية وعائلية بدون مقابل، وباعتها بمبالغ هائلة تفوق الخيال الى شركات وجهات غير معروفة على ساحة الاقليم، وكذلك فان السلطات الحاكمة قد سمحت لتملك الاجانب والعراقيين من غير محافظات الاقليم للشقق والدور والمنازل والاراضي في داخل المدن الكردية، وهذا الاجراء لا تسمح بها لا بغداد العاصمة ولا كربلاء لتمليك اراضيها ودورها لغير مواطني المدينتين، فكيف بالكيان الكردي، وكل تلك التسهيلات الادارية والمالية والعقارية مجرد لغسل الاموال واقتناصها من قبل شخصيات مسؤولة كبيرة ومافيات عديدة للتجارة بالاراضي الشرعية لاقليم كردستان.
ويبدو حسب تسريبات الشارع، ان الافراد القريبين من الشخصيات الحاكمة بالحزب والحكومة هي التي تلعب دورا رئيسيا في اباحة الاراضي وسرقتها ونهبها بشمس الظهر من الملكية العامة وعرضها على عصابات ومافيات العقارات والاراضي السكنية والزراعية، وتشير الاخبار ان ابناء الرؤساء واالمسؤولين الكبار قد سجلت باسمائهم مشاتل وابنية مدارس ومباني حكومية واراضي عامة متروكة وكأنها ميراث متروك من الاباء، وقد وصلت درجة هذه الاستباحة الى حد فقدان معظم اراضي الاقليم الخاضعة للحدود البلدية والاراضي الزراعية القريبة من اطرافها، وباتت بحكم فرض واقع الامر، وبهذا الفساد واالاعتداء على الحقوق العامة يمكن اعتبار ان الكيان القانوني للاقليم قد فقد معظم اراضيه، وبالتالي وفي واقع الحال فان الكرد بات شعبا خاليا من ملكية ارض الشعب التي بات مرهونا بفقدان حق العيش عليها بجبالها وسهولها ووديانها وانهارها وباطنها وسمائها.
وفوق هذا فان الحطر الكبير على كرد العراق لم ينحصر بفقدان اراضي الاقليم فقط، بل تعداه الى تحويل ملكيتها الى دولة مجاورة واحتسابها كارض تابعة لدولة اجنبية، ولهذا نجد ان القوات التركية تمرح وتسرح في مناطق كثيرة من الاقليم بسهولها وتلالها وجبالها وخاصة قراها التي تعتبر الوحدة التاريخية الاساسية للوجود الكردي على مر العصور التي مرت بها البشرية.
لهذا فان المخاطر التي باتت تفرض نفسها على العراق وعلى اقليم كردستان، باتت اكبر من حضورها وحجمها ودورها، وهي باتت مصيرية متعلقة بمستقبل البلد والشعب، ففقدان الارض وبيعها لمصالح تجارية انانية وجشعية تابعة لافراد ومجموعات الحزبين الحاكمين بالاقليم، وبات عدوانا يمارس منذ سنوات عديدة لتفريغ العراق من اقليمه االكردي، وتفريغ الكرد من كيانه وارضه ومن مقومات وجوده.
ولا يخفى ان هذه الاستباحة للاراضي الكردية، جاءت بلاشك بعد سيطرة انقرة على النفط الاقليم بالكامل وتحويل احد الحزبين الحاكمين ورئيسه الى مجرد اداة لتصريف اعمالها الخبيثة وبرامجها التدميرية وخططها التخريبية بالاقليم، وهذه السيطرة جاءت قبل ازمة المياه التي فرضتها انقرة على العراق من خلال اكتمال بناء السدود التي انشأتها على نهري دجلة والفرات منذ عقود، وهي اللبنة الاساسية لبداية المخطط المرسوم للقضاء على العراق والاستيلاء على خيراته وموارده وثرواته، وذلك من خلال قطع المياه والسيطرة على مورد النفط وفرض الاحتلال بالقوة، وهذا ما مهد لدخول الجيش التركي الى داخل اراضي الاقليم، وبالتالي هذا ما مهد لاحتلال اكبر لاقليم كردستان من قبل انقرة بمساعدة وتنسيق الحزب الحاكم، وهو بلا شك تمهيد لاقتطاع شامل للجزء الشمالي من ارض العراق، وان اكتمل هذا المخطط فهو بالتأكيد محو سياسي ووجودي للكيان العراقي الحالي الذي نعيشه الان، وتمهيد لتقسيم اراضيه وتوزيعه لصالح الدول المجاورة خلال سنوات العقد الجاري، وهذا ليس بخيال ولا بحلم بعيد المنال، بل هو واقع مفروض من قبل تركيا وبعلم بعض الدول الاقليمية والدولية، وقد بدأ بالتحقيق على الارض بمساندة قوة مسلحة عائلية وحزبية محلية يحسب لها، لهذا فاذا لم ينتاب اهل بلاد النهرين واغلبية الكرد يقظة وصحوة ونهضة عاجلة للرد على تنفيذ المخطط، والا فان العراق والاقليم سيذهبان ادراج الرياح الى مزبلة التاريخ بلا وطن وبلا ارض، وستعاد من جديد سابقة تاريخية مأساوية ارتكبت في قرون وعقود ماضية من قبل قوى طاغية وهي فناء الشعوب بأشكال جديدة من الاستعمار والاحتلال.
واخيرا، ولو لا حياة لمن ننادي في العراق والاقليم، ولكن مع هذا وبهذه الوقائع الخطيرة نناشد الرئيس السابق للاقليم مسعود برزاني ورئاسات العراق الرسمية رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان الى التدخل السريع في صد العدوان والاعتداءات التركية الصارخة على الاراضي العراقية والمطالبة باخراج القوات العسكرية منها فورا، والتدخل في قضية الانحدار السائر نحو الهاوية في تجارة الحزبين الحاكمين باراضي الاقليم والتحكم بها، والاسلوب المافيوي المتبع في هذه التجارة المارقة بات ممهدا لاحتلال دائم من قبل الغزاة الاتراك لتنفيذ مخططاتهم التوسعيية على حساب العراقيين، وفي عين الوقت نناشد الجامعة العربية للتدخل من خلال الطلب من مجلس الامن الدولي لاصدار قرار ملزم لوضع حد للعدوان الغازي التركي الاردوغاني على اقليم كردستان وعلى شمال العراق، ونطالب ايضا الاحزاب الكردستانية والعراقية باتخاذ مواقف جادة وعملية للوقوف ضد تدخلات تركيا العسكرية ووضع حد لها، والوقوف بوجه المخطط الاردوغاني الجاري لمصادرة واحتلال اراضي اقليم كردستان وشمال العراق والحاقها بالدولة التركية، خاصة وان البلاد تحكمه في بغداد واربيل مافيات لا تملك ذرة من الوطنية الرادعة.لانقاذ العراق والاقليم من العدوان التركي الاجنبي، وهي على العكس باتت مستعدة لتسليم الارض على طبق من الذهب، والدليل ان المواطن محروم تماما من قطعة ارض سكنية وسلفة عقارية، فحذار حذار اليوم بات قريبا فقدان ارض الاقليم بالكامل وبالتالي من الان صار الكرد بلا ارض ولا وطن، وارض العراق ليست ببعيدة ان لا تذهب ادراجها مع الريح، وغدا لناظره قريب، و(الوطن عندما ينباع وين الوطن تلكاه).
يا اهل العراق ويا كرده الى متى الصمت والسكوت، فقد سبق السيف العذل.