وكالات – كتابات :
استفاق سكان منطقة “البلديات”، في شرق العاصمة العراقية، “بغداد”، على أصوات تبادل لإطلاق الرصاص، ليتضح أنها عملية اغتيال لضابط رفيع في جهاز المخابرات، والفاعل لم يُعرف بعد.
يقول أحد أبناء المنطقة: “ظننا أنها مشكلة عشائرية”، مضيفًا: “خرجنا من منازلنا، بعد هدوء الرصاص لنستكشف الأمر، فوجدنا سائق سيارة غارقًا في دمائه”.
رسالة لـ”الكاظمي”..
لم يكن شاهد العيان، الذي تحدث طالبًا عدم كشف اسمه، يعرف أن أحدث ضحية لعمليات الاغتيال التي باتت تُقلق العراقيين، هو العقيد “نبراس فرمان شعبان”، الضابط الرفيع في جهاز المخابرات الوطني العراقي.
وقال بيان للجهاز إن العملية: “محاولة يائسة لثني الجهاز عن أداء واجبه الوطني”، مؤكدًا أن “شعبان” كان له: “الدور الأبرز في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة على امتداد سنوات خدمته”.
وقال مصدر عراقي مُطلع إن عمليات الاغتيال هذه؛ تأتي: كـ”رد فعل من الميليشيات تجاه ما يتم من تضييق وتقييد لهم من قبل الحكومة في مجالات عدة، منها تغيير قيادات أمنية، وإخراجهم من مناطق حساسة مثل: الخضراء والمطار، والاعتقالات التي نالت قيادات وأشخاص تابعة لهم مثل: حسام الأزيرجاوي، وفرقة الاغتيالات في البصرة، وقاسم مصلح أخيرًا”. وهي تأتي أيضًا: “ردًا على إخراجهم من مناطق حساسة؛ مثل: الخضراء والمطار”.
ويقول ضابط في جهاز المخابرات العراقي، وهو أحد زملاء “شعبان”، لموقع (الحرة) الأميركي؛ إن العقيد كان: “مسؤولاً عن نشاطات المراقبة في منطقة الرصافة من بغداد”؛ وتسلم مسؤولية: “رئاسة الفرق الاستخبارية المشتركة التي تعمل في جانب الرصافة”.
وسط خلية جغرافية من الميليشيات..
ويقول الضابط، الذي طلب عدم كشف اسمه، إن “شعبان”: “كان فعليًا المسؤول عن الأمن والاستخبارات في هذه المنطقة الكبيرة والمعقدة، والتي تمُثل أكبر من نصف بغداد سكانًا ومساحة”.
ويعيش في هذا الجانب من العاصمة، أكثر من 6 ملايين مواطن، بحسب “وزارة التخطيط” العراقية، كما إن مساحتها أكبر من مساحة “الكرخ”، الذي يقابلها على نهر “دجلة”.
وتُعتبر “الرصافة”، كما يقول الضابط في الجهاز: “منطقة قوة للميليشيات الشيعية العراقية؛ مثل جيش المهدي، (سرايا السلام)، التي تتمركز في مدينة “الصدر”، و(عصائب أهل الحق)، الذين يتمركزون في مناطق: “البلديات والأمين والشعب”، و(كتائب حزب الله)، الذين يتمركزون في مناطق: “الكرادة والعرصات”
تم إبعاده عن منصبه..
ويضيف الضابط إن “شعبان”: “أقيل من منصبه، قبل شهرين، وحول لمنصب مكتبي اعتبر تجميدًا لمهامه، بدون أن يعرف أحد الأسباب، خاصة وأن، شعبان، له سجل رائع في اختراق المنظمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة وجمع المعلومات عن الميليشيات”.
وقالت معلومات، من شهود عيان؛ إن: “سيارتين من نوع (بيك آب) تحملان مسلحين أطلقوا النار من أسلحة رشاشة باتجاه شعبان، الذي حاول مقاومته وأطلق النار من سلاحه، قبل أن يُطلق أحد المسلحين النار عليه من قرب ويرديه قتيلاً”.
حملات تحريض..
ويأتي مقتل “شعبان”، بعد حملة تحريض استمرت عدة أشهر من قِبل منصات إعلامية مرتبطة بالميليشيات العراقية، تعتبر أن عناصر الجهاز: “تابعون لمصطفى الكاظمي”، (رئيس الورزاء)، ويقومون بمواجهة الميليشيات.
كما أن مقتل “شعبان” يأتي، بعد نحو ثلاثة أشهر؛ من عملية اغتيال لضابط آخر برتبة عقيد أيضًا في جهاز المخابرات العراقي بـ”منطقة المنصور”.
ويقول الضابط في جهاز المخابرات؛ إن: “الضابطين قُتلا بعد إقالتهما من منصبيهما بفترة بسيطة”، مضيفًا أن: “ضابط المنصور، كان منقولاً من الجهاز إلى المنافذ الحدودية، خلال حملة شملت 300 من ضباط الجهاز”.
على خط المواجهة رغم أنفه !
ويقول المحلل الأمني العراقي، “فهد المرواني”، إن: “الجهاز أصبح – سواء برغبته أو بدونها – على خط المواجهة مع الميليشيات”.
ويضيف “المرواني”؛ أن: “الجهاز محسوب على رئيسه السابق، مصطفى الكاظمي، والميليشيات تُعتبر أن عناصر الجهاز موالون، للكاظمي، على حسابها، في المناوشات التي يخوضها الطرفان”.
ويؤكد “المرواني”؛ أن: “اعتقال قاسم مصلح، القيادي الكبير في (الحشد الشعبي)، جلب جهاز المخابرات مجددًا إلى الواجهة، مع أن الجهة التي نفذت الاعتقال هي استخبارات الداخلية”.
وقبل اعتقاله، كان “مصلح” يشغل منصب قائد لواء (الطفوف) المسلح، المنتشر في محافظة “الأنبار”، غربي “العراق”، وهو أيضًا قائد عمليات الحشد في المحافظة.
واتهم “مصلح” بالمسؤولية عن: “أعمال إرهابية”، بحسب بيانات السلطات الأمنية العراقية.
وبحسب “المرواني”؛ فإن هناك منشورات على منصات الميليشيات تُشير إلى: “رصد مقار جهاز المخابرات”، من قبل: “جهاز أمن الحشد الشعبي”، كما أن هناك تحريضًا: “لتطهير تلك المقار”. ويضيف “المرواني”: “هذا تحريض صارخ”.
أزمة اعتقال “قاسم مصلح”..
وكاد اعتقال “مصلح”؛ أن يؤدي إلى: “سقوط الحكومة”، بحسب المحلل السياسي والصحافي، “أحمد حسين”.
ويُشير “حسين”؛ إلى حادثة اقتحام مسلحي (الحشد الشعبي)، لـ”المنطقة الخضراء” الحكومية، التي يقع فيها مقر رئاسة الوزراء والبرلمان والسلطة القضائية العراقية.
ويضيف “حسين”؛ إن: “رئيس الوزراء العراقي؛ استدعى سلاح الدروع، إلى بغداد، للخروج من الأزمة، التي اندلعت بسبب اعتقال شخص متهم بعمليات اغتيال”.
وقال “حسين”؛ إن: “الدولة العراقية تبدو مهددة؛ كلما نفذ أمر اعتقال، ومن غير المستغرب أن تتهدد الحكومة كلها بسبب تنفيذ أمر قضائي في عملية اغتيال”..
عمليات الاغتيال..
ومن المقرر أن يناقش “البرلمان العراقي”، في جلسة علنية، الأسبوع المقبل، ملف الاغتيالات الذي أصبح يشغل البلاد.
لكن أنباء ظهرت، الإثنين الماضي، من مصادر غير رسمية؛ قالت إن الجلسة تحولت لتكون جلسة سرية.