منذ ان رأيت الحلبوسي كومبارساً في برنامج ” فطوركم علينا ” ، تيقنت ان الجمهور أمام ممثل فاشل ، لكن أقدار السياسة العراقية وغرائبيتها قدمته لنا في المشهد السياسي ممثلاً بارعاً والحق يقال ، مستفيداً من الفترة القصيرة التي قضاها في البرنامج ، وكما قال الروائي الكولومبي ورائد الواقعية السحرية في اميركا اللاتينية غابريل غارسيا ماركيز ” الواقع أغرب من الخيال ” !
والحقيقة تقال ان الرجل يؤدي دوره المرسوم له بعد ان اصعدته قوى يعرفها هو جيداً الى تسنم منصب رئاسة مجلس النواب بعد ان وقّع على ورقة بيضاء جداً، افضت به الى الصمت الرهيب كما يقول القباني في مقطع لقصيدة له ” اني رأيكما معاً ” غنتها نجاة الصغيرة بعذوبتها ورونقها وحساسيتها .
والحلبوسي من النوع الذي يحب ان يمثل في كل المسارح طارحا نفسه كممثل رئيسي على مسارح أكبر من كل امكانياته وحجومه المتنوعة !
فمع انطلاقة ثورة تشرين 2019 نزل الحلبوسي في تجمع صغير بساحة النسور نازعاً سترته ، كما لو كان في عراك مناطقي شعبي ، لكن جمهور مسرح الانتفاضة كان أوعى من استعراض الحلبوسي الكوميدي والانتهزي معاً ، فالبسه سترته ، بكل اخلاق الفرسان ، وأعاده خائباً فاشلاً في محاولته ركوب موجة الاحتجاج في مسرحها الثوري ، الذي لم يحصل فيه الحلبوسي حتى على ” وظيفة” كومبارس !
ومع ارتفاع حرارة الجو والاناشيد الانتخابية يستعرض الحلبوسي عضلاته السياسية التي كوّنها في ” جم” مجلس النواب مستبدلاً مشهد ” نزع السترة ” بمشهد شقاوات الآن وليس شقاوات أيام زمان ، فيقول في اجتماع بمحافظة صلاح الدين انه ” سيكسر ظهر ” من يتلاعب بأمن المحافظة أو المحافظات التي نكبت بداعش ، وكان الاجدى به وعليه ان ” يكسر ظهر ” الذين يتلاعبون بأمن العاصمة بغداد ، بل بالمنطقة الخضراء التي يقضي ايامه فيها والتي سقطت اكثر مرّة ، ولا أمن ولا استقرار في العراق كلّه دون أمن العاصمة واستقرارها ، ومن الطبيعي ان لايلتفت الى هذه الحقيقة في فورمة انشغاله بخطاب انتخابي بائس لايمكن ان يعبر على العراقيين الذين تجاوزوا مرحلة التفتيح في اللبن الى التفتيح في التيزاب لانهم يعرفون حقائق الجميع دون استثناء !
واضاف في الاجتماع “علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا لبناء البلد، و كفى عبثاً بمستقبل العراق وحاضره” ، وليس عليك ياحلبوسي الا ان تعذرنا جمهوراً وكاتب هذه الكلمات والقراء معا ، من اننا ننظر بعين الريبة الى مستوى المصداقية التي تتحدث عنها !
الم تقل في الاجتماع ” ” هناك مشروعا كبيرا سينطلق قريبا لإعادة إعمار محافظة صلاح الدين” دون ان تريح الجمهور المستمع والواعي الى نوع المشروع ، اسمه ..شكله ..ملامحه ..وهل الانطلاق القريب سيكون قبل الانتخابات أو بعدها أو اثنائها !
السيد الحلبوسي يكتفي بالاجابة : نحن من نساهم بإعمار العراق وسيأتي يوم ونرى المنجز الذي تحقق..
نحن وانت بانتظار ذلك اليوم الذي يشبه غودو الذي لن يأتي !
لنتسلى معا مع السيد الحلبوسي وهو يدحض نظرية ” العصا السحرية ” التي يتكيء عليها المسؤول الفاشل فيقول ” قابل عندي عصا سحرية ” لكن الحلبوسي بقدرة قادر امتلك فجأة هذه العصا وراح يسوقها للجمهور الذي كان يستمع اليه مفرزنا بين الكذب والكذب ، فيقول الحلبوسي ” ظروف كورونا أثرت على الاحتفال بالذكرى السنوية السادسة لتحرير الضلوعية، لكن عهد مني ومن المحافظ ومن حزب تقدّم، سنرى محافظة صلاح الدين بشكل مختلف عندما تحين الذكرى السنوية السابعة للتحرير، ونقارن بين صورتها قبل سنوات وصورتها الجديد التي ستظهر بها” !!
أي خلال سنة واحدة فقط لاغير سيتغير وجه المحافظة الى صورة جديدة بهية ويرفل اهلها الكرام بالخدمات والامن واحترام حقوق الانسان وعودة النازحين وانجاز مشروع القطار المعلق قبل ان تنتهي منه بغداد وهو على الورق كما كان دائماً..!
خلال سنة يارجل ؟!
ماذا كنت تفعل طوال السنوات الماضية ؟
لم يعد العراقي مهتماً بمقولة غوبلز ” اكذب ..اكذب ..حتى يصدقك الناس ” واستبدلوها منذ زمن تحوّل مجلس النواب بقيادة الحلبوسي الى مسرح يقدم عروضا من الكوميدي السوداء ، اقول استبدلوا مقولةغوبلز بالاغنية الشعبية الفولكلورية :
” دكم سترتك زين لاروح اشتم ” !