21 نوفمبر، 2024 9:37 م
Search
Close this search box.

حجري رحى “تركيا وإيران” تخنق مياه بغداد .. هل يصبح “عراق 2040” بلا رافدين ؟

حجري رحى “تركيا وإيران” تخنق مياه بغداد .. هل يصبح “عراق 2040” بلا رافدين ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

باتت مشكلة المياه من أهم الأزمات التي تؤرق “العراق” مع تناقصها بشكل كبير، خاصة في فصل الصيف ذو الحرارة الملتهبة، وهو الأمر الذي جعل الرئيس العراقي، “برهم صالح”، أمس السبت، يشدد على المخاطر الجسيمة التي تواجهها بلاده، بسبب النقص الكبير في منسوب المياه، مؤكدًا أن ملف المياه يستوجب حوارًا صريحًا وبناءً بين: “العراق وتركيا وإيران وسوريا”، يستند على مبدأ عدم الإضرار بأي طرف، وتحمل المسؤولية المشتركة.

ومن المتعارف عليه أن كل من: “تركيا” و”إيران”؛ تشنان منذ عقود، حرب مياه على جارهما، “العراق”، مما تسبب بدمار آلاف الهكتارات الزراعية في بلاد الرافدين.

وقال “صالح”: “7 ملايين عراقي تضرر من الجفاف والنزوح الاضطراري، وسكان البلد سيتضاعف من 38 مليون اليوم؛ إلى 80 مليون بحلول عام 2050، وهذا يُضاعف المخاطر الاقتصادية والاجتماعية لتغير المناخ”.

وأضاف: “بناء السدود على دجلة والفرات؛ أدى لنقص متزايد في المياه، وبات يُهدد إنتاجنا الزراعي وتوفير مياه الشرب وزحف اللسان الملحي نحو شط العرب”.

وأكد “صالح” أن “العراق” قد يواجه عجزًا يصل إلى: 10.8 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، بحلول عام 2035.

وأكد الرئيس العراقي؛ أن 54 بالمئة من أرض “العراق” معرّضة لخطر فقدانها زراعيًا بسبب التملح، بينما يؤثر التصحر على 39 بالمئة من مساحة البلاد.

بسبب تغيير مسارات الروافد وإقامة السدود..

ومنذ 2003، يعاني “العراق” من تراجع في منسوب المياه عبر نهري “دجلة” و”الفرات” جراء السياسات المائية التي تعتمدها “تركيا” و”إيران” بتخفيض نسب الإطلاق وتغير مسارات الروافد وإقامة السدود العملاقة.

ويعتمد “العراق”، في تأمين المياه بشكل أساس؛ على نهري: “دجلة” و”الفرات” وروافدهما، التي تنبع جمعيها من “تركيا” و”إيران”، اللذين يجريان فيه من أقصى الشمال والشمال الشرقي والتقاءً بـ”شط العرب” عند الجنوب بمحافظة “البصرة”.

فشل الجهود الدبلوماسية..

ولم تفلح الجهود الدبلوماسية التي بذلت من الحكومات المتعاقبة على “العراق”، ما بعد نيسان/أبريل 2003، في التوصل إلى حلول ناجعة تضمن حصص البلاد المائية وتؤمن أنهاره من التراجع.

وأسفرت تلك التجاوزات من قبل دولتي المنبع والروافد في تقلص الأراضي الزراعية واتساع دائرة التصحر، فضلاً عن التغييرات البيئة جراء ذلك الأمر، فيما توقع مختصون أن يدخل “العراق”، عام 2040، بلا رافدين.

والشهر الماضي، دعا رئيس “لجنة الزراعة والمياه والأهوار” النيابية، “سلام الشمري”، لاجتماع نيابي وزاري طاريء، للتباحث مع “سوريا وتركيا وإيران” حول مياه نهري: “دجلة” و”الفرات”.

وشدد رئيس اللجنة، “سلام الشمري”، على فتح قنوات اتصال مع: “سوريا وتركيا وإيران” من أجل ضمان حصة “العراق” المائية من النهرين، من دون تجاوز على الحصص وعدم استغلال موضوع المياه لأمور أخرى.

انخفاض الواردات المائية بمقدار 50%..

وبالتزامن مع ذلك، أكد وزير الموارد المائية العراقي، “مهدي رشيد”، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع موسع لمناقشة الملف المائي صحة الأخبار التي تتحدث عن انخفاض خطير في مناسيب نهري: “دجلة” و”الفرات”.

وقال “رشيد”؛ إن: “الواردات المائية القادمة من تركيا، لنهري دجلة والفرات؛ انخفضت بمقدار 50%”.

وكشف “رشيد” عن: “قيام طهران بتحويل بعض الروافد إلى داخل إيران، منها نهر سيروان وبعض من مياه رافد ديالى، وقد طلبنا من إيران عقد اجتماع معها حول هذا الموضوع، لكن دون استجابة”.

ثلاث مستويات للحالة العراقية..

وأوعذ الخبير المائي العراقي، “قاصد الجمولي”، أسباب الحالة العراقية الراهنة إلى ثلاثة مستويات، وهي: “أولاً التغيرات المناخية العالمية، فالعراق، خلال سنواته الخمسة عشرة الأخيرة؛ شهد منخفضات جوية أقل بكثير من المنخفضات التي شهدها، خلال العقد والنصف الذي سبقه، وتاليًا فإن المياه التي كان العراق يستطيع تجميعها من ضمن أراضيه، خصوصًا من إقليم كُردستان العراق، صارت أقل بكثير”.

وتابع: “المسألة الأخرى سياسية، فالعراق لم يُعد يستطيع أن يفرض على تركيا وإيران قوانين ومفاهيم الأنهار القارية، التي تُطبق على كل الأنهار المشتركة بينه وبين هذين البلدين، اللذين صارا يعتبران الأنهار المشتركة بمثابة أنهار وطنية لهما، ويقطعان ويقللان من حصص العراق العادلة من مياه تلك الأنهار”.

أما السبب الثالث، فهو أن الإستراتيجية المائية العراقية دون أفق تمامًا، فخلاف إقليم كُردستان العراق، لم تبنِ الحكومة المركزية العراقية سدًا واحدًا، خلال العقد الماضي كاملاً”.

يُشترك “العراق” بحوالى 50 نهرًا مع بلدي الجوار: “تركيا” و”إيران”، أغلبيتها مع الأخيرة، لكن الأنهار القادمة من “تركيا” تضخ كميات تفوق الـ 40 نهرًا مشتركًا بين “العراق” و”إيران”.

واستخدمتا دولتا الجوار، خلال السنوات العشرة الأخيرة، سياسات إستراتيجية لتخزين مياه السواقي المنهمرة من جبالها، وإعادة توزيعها في الداخل، على حساب جريانها التقليدي نحو الأراضي العراقية السهلية.

وهو ما ينطوي على مخاطر جسيمة على العراق، فأراضيه الزراعية شرق البلاد وعلى أمتداد نهري: “دجلة” و”الفرات” ستصبح مهددة بالتصحر.

توقعات بالتراجع في إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة..

كما يتوقع الخبراء أن تتراجع قدرة “العراق” على إنتاج: “الطاقة الكهربائية النظيفة”، فأكثر من 15 سدًا عراقيًا سيخرج عن الخدمة فعليًا، بسبب شح المياه.

لكن الأمر الأكثر تأثيرًا سيكون في الزيادة التامة لمستويات الملوحة والتصحر ضمن الأراضي العراقية، فالخبراء العراقيون يتوقعون أن تشهد مناطق جنوب “العراق” تصحرًا متسارعًا، خلال السنوات القادمة، بما في ذلك مناطق “الأهوار”، التي كانت خصبة للغاية.

كذلك، فإن الألسن الملحية المتأتية من “الخليج العربي” نحو “شط العرب”، يُتوقع لها أن تتجاوز مدينة “البصرة” عما قريب.

الجفاف سيدفع القرويون للهجرة..

وشرح الباحث في علم الاجتماع السياسي العراقي، “خلدون نقرة” التداعيات المباشرة لشُح المياه.

ويقول: “سيدفع هذا الجفاف السريع؛ بملايين القرويين للهجرة نحو المُدن الكُبرى، فتقديراتنا الأولى تقول بأنهم سيكونون بقرابة: 5 ملايين مهجر ريفي، خلال الأعوام الثلاثة القادمة. هذه الكتلة السكانية الكبيرة لن تتمكن من الحصول على أي شكل من الحياة الكريمة وفرص العمل والرعاية الصحية والاجتماعية، مما سيُشكل بؤرًا للعشوائيات ومُدن الصفيح، ومادة سهلة للقوى السياسية المُتطرفة، التي ستستفيد من الأوضاع الخاصة لهؤلاء المهجرين”.

ويضيف: “ستتضخم بالذات العاصمة، بغداد، والمدن الجنوبية من البلاد، حيث يُتوقع أن تتجاوز أعداد المُدن المليونية في العراق العشرة، خلال هذا العقد، حيث هي 4 فقط الآن. وهذه المُدن غير مجهزة أبدًا بالبنية التحتية الخدمية، ولا بالمؤسسات الرديفة، الصناعية بالذات، القادرة على استيعاب ملايين المتدفقين إليها”.

وختم: “الاقتصاد العراقي يقوم على مزيج من الريع النفطي والزراعة المحلية، وباختفاء القطاع الزراعي، سيكون على النفط؛ تلبية حاجة 40 مليون عراقي، وهو أمر مستحيل تمامًا بكل الحسابات، ويُهدد بتحويل العراق إلى دولة فاشلة، تخوض حروبًا أهلية داخلية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة