حين يأتي الكلام جزافاً دون سند فذلك مايسمى ( كلام في شبك) هراء في هراء، لاإعتبار له ولايؤخذ على محمل الجد، ولكن حين يستند ذلك الكلام الى اسانيد وحجج ساعتها يكون أشبه بالقرينة ، وأقرب للتصديق منه الى غيره.
من هنا باتت المطالبة اليوم بمحاكمة السيد رئيس الوزراء اشبه بالمطلب الشعبي المُلح على مايقترف بحق الشعب باكمله وليس طائفة بعينها دون سواها، وحين تطال جرائم من حوله حياة الناس في حلهم وترحالهم مقابل سكوته على مايقترف أولئك يكون هو بحكم المشارك بالجرم ، بعيداً عن أن يكون ( يعلم أو لايعلم) فهو رجل تصدى للمسؤولية ولايليق بمن في حكم ذلك أن يقول لا أعلم، أو يستند على تلك الحجة الواهية، فوظيفته أن يعلم ، ويكون على علم ،ثم على علم ،ثم على علم، وليس غير ذلك.
حوادث عدة تتكرر ، والشعب اخر من يعلم بها ، تكشفها الأيام وهذه لايخفى عليها خافية، ولاينفع معها أن يتم حشد جمهور في ملعب يصدح صوته ( هلا بيك هلا)، حتى وإن كان تعداده خمسون ألفاً فهو لايشكل شيئاً أمام تعداد شعب العراق البالغ ثلاثون مليوناً ، أو تعداد شهداءه خلال مرحلة ( العراق الجديد) أو ضحايا المالكي وحكومته والذي يدير مفاصل الدولة بفشل ذريع.
في ستوديو التاسعة الذي يعرض على قناة البغدادية يوم الأثنين المصادف 20/ 10 / 2013 والذي استضاف الشيخ صباح الساعدي تم عرض وثائق غاية في الأهمية، تشير الى أن مستشار السيد المالكي ( بسام الحسني) حضر الى مكان تنفيذ حكم الإعدام بعدد من مجرمي القاعدة وأمر بإيقاف التنفيذ وتأجيله بحجة عدم إكتمال أوراقهم السجنية ( حسب تعبير الكتاب الحكومي الذي عرض)، رغم أن كل المخاطبات القضائية الصادرة من مكتب الإدعاء العام ورئيسه ، بالإضافة الى وزارة العدل تؤكد عدم صحة هذا الكلام ، وتؤيد أن الأوراق الخاصة بالمحكومين كاملة وغير منقوصة، ومع ذلك فأن الحكم لم ينفذ، وبعد شهور من هذه الحادثة هرب المدانون ( مجرمي القاعدة) المحكومون بالإعدام ولم يتخذ اي إجراء بحق المدعو بسام الحسني، فيما ذكر الشيخ الساعدي أنه سمع بذهاب الحسني الى الولايات المتحدة ، وربما لايزال راتبه يصرف ويرسل له الى هناك ، والكلام للساعدي، وحتى لايقال إن المالكي كان على غير دراية بالموضوع، أظهر الساعدي نسخة من كتاب الادعاء مرسلة الى السيد رئيس الوزراء تحيطه علماً بما جرى.
هرب المجرمون، أم هُربوا ، وهذه تحمل اختلافاً بيناً في طياتها، فلو كانوا هَربوا لقلنا أن هؤلاء المجرمين أستغلوا حالة الفساد المستشرية في مفاصل مؤسسات الحكومة ونفذوا مخططاً لهروبهم ، وهو لايعفي المالكي من المسؤولية، كونه المسؤول الأول في الدولة ويتحمل على عاتقه مسؤولية كل مايحدث، وإن كانوا هُربوا ، وهو ماحصل بعد أن أتاح لهم مستشار السيد المالكي الفرصة ، وهو مايمثل عين الحقيقة والصواب، فذلك مدعاة للمطالبة بمحاكمة السيد رئيس الوزراء على هذه الفعلة التي تدخل في توصيف الخيانة العظمى، ثم كيف بعد هذا الفعل المشين والاستهتار بدماء الشعب يسافر الحسني الى أمريكا ويعيش هناك ، وكم حمل معه من أموالنا، هذه التساؤلات كلها تصب في خانة محاكمة المالكي كونه متواطىء في هذه الجريمة.
حادثة أخرى كان بطلها صهر المالكي أو شيئاً من هذا القبيل ( المجرم أبي علي البصري) وهو الذي كان يقود أحدى الميلشيات الحكومية التابعة لمكتب المالكي ، قام هذا المجرم بتهريب عناصر من القاعدة كان قد ألقي القبض عليهم وأودعوا في أحد سجون مدينة البصرة، إلا ان البصري هذا استطاع تهريبهم منها ليلوذوا بالفرار الى إيران جارة الحقد والشر والسوء، ثم وبعد افتضاح امره هرب الى أحدى الدول الأوربية التي يحمل جنسيتها ، دون ان تطاله يد العقاب، وقيل أنه وبعد الفترة التي يحتاجها الشارع العراقي للنسيان بفطرته الطيبة ، عاد ليمارس مهمام الإجرام كالمعتاد، والسؤال ألم يعلم السيد المالكي بهذه الحادثة ، ولماذا لاتطبق عليه ( 4 إرهاب).
الحادثة الثالثة ولانريد ان نطيل، ظهر السيد المالكي بلقاء تلفزيوني على قناة السومرية مؤخراً ليعرض لنا بطولات أبنه أحمد متناولاً صولاته الجريئة الجبارة، واصفاً إياه بأنه شديد، وقد قام مؤخراً بعملية إلقاء القبض على أحد المقاولين في المنطقة الخضراء عجزت قوات المالكي بعدتها وعديدها من القاء القبض عليه خوفاً وطمعاً ، إلا ان أحمد المالكي استطاع أن ينفذ ذلك وأستعاد كل مابحوزة ذلك المقاول من أسلحة وأموال وسيارات وعقارات، لاباس بذلك ( فالولد سر ابيه) ، ولا بأس أيضاً إن كان ذلك في مصلحة العراق وأهله كما حاول المالكي تصويرها وفشل كعهدنا به مع الفشل، لكن الأخبار تقول غير ذلك حيث أكدت مصادر عدة إن المقاول المذكور صاحب مذاخر الأسلحة والأموال داخل المنطقة الخضراء قد سافر بعد عملية القاء القبض المهولة تلك بعد ساعات على متن الطيران الأردني الى لندن، ووصل الى مدينة الضباب لينعم بسحرها وجمالها، فيما يعاني الشعب العراقي برمته من العوز والجوع والفقر والقتل ، والسؤال كيف ذهب، وكيف خرج وهو بحوزة أبن المالكي دون سواه بعد ان القى القبض عليه، ومن ساعده على الهرب، وأين كواتم الصوت التي ضبطها حمودي ، وهي حسب إحصائية للمالكي نفسه خلال اللقاء تفوق المائة قطعة ، بالإضافة الى 6 مليارات دينار عراقي أسترجعها حمودي من المقاول أين ذهبت، ومن يضمن ويؤكد لنا إن تلك الأسلحة كاتمة الصوت التي كانت بحوزة العقابي ليست هي التي تستعمل لقتلنا طيلة تلك السنين العجاف، وكيف يكون العقابي هذا المقاول ذو القوة والسلطان والتجبر يعيش بين ظهرانيكم في المنطقة الخضراء منذ عهد الاحتلال حتى يوم إلقاء القبض عليه من قبل أحمد ومن ثم تهريبه للخارج وسفره الى لندن دون أن تحركوا ساكناً أو أن تتخذوا إجراءً يذكر.
وللذي يقول بصحة هروب العقابي من عدمه ، فقد أورد الشهود وقت وصوله الى لندن ورقم الرحلة بالتفصيل وساعة إقلاعها من عمان حتى هبوطها بلندن بعد حديث المالكي بأيام فلائل لاتتعدى أصابع اليد الواحدة. مختار العصر ماذا تقول الا ينطبق عليك وصف الشريك بالجرم ، وإن كنت لاتدري فالمصيبة أعظم.
ناهيك عن حادثة هروب مجرمي القاعدة من سجن أبي غريب وما رافقها والأوامر التي صدرت من المجرم قاسم سليماني لوكيل الداخلية الأقدم عدنان الأسدي ، وزميله في الأمر فاروق الأعرجي بعدم تحريك القوات إلا بعد تلقي الإيعاز من سليماني ، وكان له ذلك بعد أن نفذ مجرمي القاعدة عملية الهروب ، أمر بالتحرك ، مايفسر سر هروب تلك الأعداد رغم أن بُعد مسافة السجن عن بغداد لاتتجاوز النصف ساعة ، وأقل من ذلك بكثير إن علمنا أن مليشيات سوات تمتلك طائرات عمودية لتستخدم في عمليات التدخل السريع، لكنها لاتعمل إلا على الأبرياء دون سواهم. ألا من تفسير لتلك الحوادث ، وهل يعفى السيد المالكي من الجرم بعد هذا.
باستنتاج بسيط من مجمل هذه الحوادث ، وهي غيض من فيض ، إذا استثنينا جريمة الزركة والحويجة وقتل الأبرياء في الفلوجة، بماذا يفسر جهابذة دولة القانون ، هذه الحوادث وسكوت السيد المالكي عن مرتكبيها ، ثم الملفات التي يملكها ويهدد بها دائماً، ملفات قتلة الشعب لماذا لايظهرها ، وهذه بحد ذاتها جريمة، ( فمن أخفى معلومات عن جريمة عُد مشاركاً فيها) أليست تلك قاعدة قانونية يا سادتي بالإدعاء العام والقضاء ، أيها القضاة الوقوف أمام الله شيء عظيم وستسألون عن دماءنا ، وعن سكوتكم، ومن أجل ماذا، لقد خاطب الله حبيبه محمد عليه الصلاة والسلام حيث قال عز من قائل: بسم الله الرحمن الرحيم ( إنك ميت وأنهم ميتون) صدق الله العظيم، ولأجل محمد ذاك العربي العظيم لانكذب ولاندلس ، أفيكون من أجل غيره.
باستنتاج بسيط جداً من خلال هذه الحوادث نستخلص إن اولئك الذين يحيطون بالسيد المالكي على أقل تقدير هم من يسهلون عمليات الإبادة التي ترتكبها القاعدة بحق الشعب العراقي ، وهو مايعود بالمسؤولية الضمنية على المالكي نفسه ، ومن هنا تأتي مطالبتنا بمحاكمته على كل ماجرى ويجري في العراق منذ تسلمه السلطة وحتى اليوم.
ثم وقبل أن أختم لابد من التنويه الى القاسم المشترك فيما بين القاعدة وإيران، حيث من الملاحظ أن كل من يُهرب من هؤلاء المجرمين من السجون يلجأ الى إيران دون سواها، وهو مايفسر ايضاً عدم حدوث أي عملية للقاعدة في إيران ، مايدل على إن إدارة هذا التنظيم الإرهابي المجرم تتشابك مصالحه مع الدولة الفارسية التي تحرك خيوطه عبر ادواتها المختلفة ، سواء من داخل إيران أو بتلك الأدوات الفارسية التي تتسلط على رقاب العراقيين فيما يسمى بالحكومة العراقية.
وهنا لابد من أن ينتبه العراقيون لمثل تلك التداخلات المخيفة ، ويسعوا لتحرير انفسهم ومستقبل أجيالهم وبلادهم من هذا المخطط الخبيث ، والذي عاث وأفسد ودمر وقتل باسم المذهب والدين حتى فاق تعداد من رحلوا المليون ونصف المليون منذ تحريريهم للعراق كما يزعمون حتى اليوم، فمتى نصحوا.